عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-01, 21:23 رقم المشاركة : 6
tagnaouite
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية tagnaouite

 

إحصائية العضو








tagnaouite غير متواجد حالياً


العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي من أحاديث العلامة الشيخ المكي الناصري


وحدة الأسرة والمجتمع



العلامة محمد المكي الناصري

الأمين العام لرابطة العلماء



من الأحاديث العلمية والهادفة التي ألقاهاالمرحوم الشيخ محمد المكي الناصري في أواخر سنة 1982 بإذاعة التلفزة المغربية،حديثا علميا دينيا واجتماعيا، تناول فيه بالدرس والتحليل ضرورة العناية بالأسرةوحسن اختيار الزوجة الصالحة؛ لأن الأسرة هي الرباط المتين والبنيان القوي الذي يبنى عليها المجتمع الكبير، فإذا صلحت صلح البنيان كله وإذا فسدت فسد البنيان كله،واستند في ذلك إلى آيات بينات من الذكر الحكيم وأحاديث نبوية من السنة المطهرة،مستوحيا من خلالها التوجيهات الربانية والنبوية في تكوين أسرة صالحة ومجتمع مثالي صالح، لكل زمان ومكان، ويسر جريدة ميثاق الرابطة أن تنشر هذا الحديث العلمي عبرصفحات الجريدة، لتعرف القراء الكرام بالمنظور الشرعي لجانب مهم من جوانب حياتناالاجتماعية، وإليكم النص الكامل للحديث العلمي.
قال تعالى في كتابه العزيز: "زمنآياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم، الآية:21].
قال تعالى: "وعاشرهم بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" [سورة النساء،الآية19].
أختي المسلمة، أخي المسلم، عندما نراجع كتابالله مراجعة متأنية نجده يتحدث في غير ما سورة عن وحدة الأمة الإسلامية، فقالتعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" [سورةالاَنبياء، الآية 92]، وقال في كتابه العزيز: "وأن هذه أمتكم أمة واحدةوأنا ربكم فاتقون" [سورة المومنون، الآية:53].
غير أن وحدة الأمة الإسلامية في مجموعها ليست مبنية على اجتماعها في إقليم واحد، ولا على انتمائها إلى جنس واحد، ولا على كلامهابلسان واحد، إذ هي متعددة الأقاليم، متنوعة الأجناس، متعددة الألسن واللهجات، ممتدةعبر المحيطات والقارات، وإنما تتركز وحدتها حول العقيدة المشتركة التي هي عقيدةالتوحيد، والشريعة المشتركة التي هي شريعة الإسلام، والقبلة المشتركة التي هي بيت الله الحرام.
أختي المسلمة، أخي المسلم، سعيا في تجسيم الوحدة الإسلامية في نظام مادي محسوس، وإقامة بنيانها على أساس اجتماعي متين، حتى تتبلور في واقع الحياة اليومية، اعتنى كتاب الله عناية خاصة بتنظيم الأسرة التي هيحجر الزاوية في بناء الأمة الإسلامية، والتي هي الخلية الأولى، والخلية الأم في المجتمع الإسلامي الكبير، وتولى الحق سبحانه وتعالى تحديد معالم الأسرة الإسلاميةبنفسه في كتابه الحكيم، ضمانا لوحدة تشكيلها وتكوينها في مختلف البقاع والأقاليم،ولم يترك أمر تنظيمها مجملا غير مفصل، ولم يكل تحديد حقوقها وواجباتها، بما في ذلك الزوج والزوجة، إلى اجتهاد الأئمة المجتهدين، إذ من الممكن أن يختلف اجتهادهم فيتنظيمها، فينعكس اختلافهم عليها وتقوم في العالم الإسلامي أسر متباينة الأشكال،مختلفة الأنظمة، مما يصعب معه تحقيق وحدة الأمة الإسلامية ويباعد بين أبنائها،بينما الهدف الأساسي الذي رمي إليه كتاب الله عندما أخذ على عاتقه تنظيم شؤون الأسرة المسلمة من بدايتها إلى نهايتها هو أن تكون الأمة الإسلامية على تباعد أقطارها، واختلاف أجناسها وسلالاتها وألسنتها ولهجتها، مؤلفة في مجموعها من أسرمتماثلة في تكوينها، متشابهة في تنظيمها لا فرق فيما بينها، وبذلك تكون البيئةالاجتماعية والبنية العائلية، في جميع بلاد الإسلام بيئة واحدة وبنية واحدة نظرياوعلميا روحيا وماديا.
أختي المسلمة، أخي المسلم: إذا كان كتاب الله قد فصل القول في تنظيم الأسرة المسلمة حتى تتحقق عن طريق وحدتها في الداخل وحدةالأمة الإسلامية في الخارج، فإن الأسرة المثالية التي يمكن أن تتحقق عن طريقها هذه الوحدة الروحية والمادية هي التي تتألف من زوج مسلم وزوجة مسلمة وأولاد مسلمين أيتتألف من عضوين يومنان بعقيدة واحدة، وينتميان إلى ملة واحدة، ويخضعان لشريعةواحدة، وتجري حياتهما إلى وثيرة واحدة، ويربيان أولادهما من بنين وبنات، طبقالعقائد ومبادئ وتقاليد واحدة، ويعيشان ويموتان على شهادة الحق الواحدة "شهادة أن لاإلاه إلا الله محمد رسول الله" ويتوارثان فيما بينهما عند حلول الأجل لأنهما من ملة واحدة.
أختي المسلمة، أخي المسلم: إن الإسلام المثالي لا يكتفي في هذا الصدد بالزواج من أي امرأة، تنتمي إلى الإسلام مجرد انتماء، بل يطالب المسلم بالتحري عمن يريد أن تكون زوجة له من بين المسلمات، وتلفت نظره عند العزم على الزواج إلى ضرورة الاهتمام بالاعتبارات الجوهرية قبل الاعتبارات العرضية ويعطي الأولوية في الاختيار للعامل الديني والأخلاقي قبل عامل الجاه والمال، والجمال مما تضيع فائدته مع الفساد في الدين، روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلن قال: "تنكح المرأة لأربع، لمالها،ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" [ج ص، ص8].
روي الدارقطي في "الإفراد" أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال: "إياكم والخضراء الدمن، فقيل: وما خضراء الدمن؟ قالعليه السلام: "المرأة الحسناء في المنبت السوء"ذلك لأن المال معرض للنفاذ، والجاه معرض للزوال، والجمال معرض للذبول، ولا يبقى إلا عنصر الدينوالأخلاق الذي يقف في وجه المغريات ويعصم من الفواحش والموبقات، ويضمن التمتع بحياةزوجية نظيفة، بالنسبة للسراء والضراء، والشدة والرخاء، وقد وصف كتاب الله فضلياتالزوجات فقال تعالى في حقهن: "مسلمات، مؤمنات، قانتات، تائبات، عابدات،سائحات أي صائمات، ثيبات وأبكار"وقال تعالى: "والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات" [سورة النور، الآية:26].
وكما حض الإسلام، الرجال على اختبار الزوجات المتدينات حض الأولياء على أن لا يختاروا لبناتهم إلا الأزواج الصالحين وأعطى الحق للزوجات في مفارقة الأزواج إذا كانوا فاسقين وذلك لتعذر العيش الهنيء معهم، وتعرضالذرية للفساد على يدهم.
أختي المسلمة، أخي المسلم، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها،وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم،الآية:21]، وبذلك بين كتاب الله الزواج المثالي القائم على أساس المودة والرحمة،الذي يكون أهدأ للنفس، وأقر للعين، وأهنأ للعيش، وقد سماه كتاب الله لحرمته وقداسته، ميثاقا غليظا، عندما قال تعالى: "وأخذن منكم ميثاقاغليظا" [سورة النساء، الآية:21]، أي ميثاقا جديدا، بالرعاية والاحترام،والرفاه التام، وهذا تنبيه من الله لكلا الزوجين إلى أن يبتعدا كل الابتعاد عنأسباب الخلاف، والشقاق، وأن يبذلا كل الجهود ويتحملا كل التضحيات من أجل الحفاظ علىما بينهما من ميثاق، حتى لا يتعرض عقد الزوجية للفسخ والفراق، قال الله سبحانه وتعالى: "وعاشرهم بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" [سورة النساء، الآية:19]، وبذلك حض الرجال ومثلهم النساءعلى أن يصبروا ولا يفكروا في الفراق؛ لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
أختي المسلمة، أخي المسلم، تشجيعا للشباب المسلمين على الزواج من الفتيات المسلمات، والابتعاد عن الزواج بامرأة لا تدين بدينهم ولا تعترف برسالة رسولهم، ولا تقر بتنزيل كتابهم، ولا تلتزم التحاكم إلى شريعتهم وهي خطر على وحدتهم ينبغي القيام من جديد بحملة اجتماعية واسعة النطاق يشترك فيها الرجال والنساء لإقناع من يعنيهم الأمر بضرورة التنازل عن المغالاة في المهور وتحديد حدها الأدنى حتى يقبل الشباب المسلم على تكوين أسر إسلامية المائةفي المائة، فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه عقبة بن عامر: "خيرالنكاح أيسره"، وقال عمر بن الخطاب وهو يخطب من أعلى المنبر مراعاة لهذاالمعنى الاجتماعي الجليل: "ألا تغالوا في صدقات النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، وتفوق عند الله، لكان أولاكم بها رسول الله، ما أصدقا، قط امرأةمن نسائه ولا من بناته فوق اثنتي عشرة أوقية".

جريدة ميثاق الرابطة، الخميس 26 شوال 1417هـالموافق 6مارس 1997م، العدد 770، السنة التاسعة والعشرون





التوقيع

محمد الزاكي ( tagnaouite)

آخر تعديل tagnaouite يوم 2012-03-01 في 21:37.
 
    رد مع اقتباس