عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-22, 14:38 رقم المشاركة : 1
رشيدة بنتاوت
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية رشيدة بنتاوت

 

إحصائية العضو








رشيدة بنتاوت غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

poeme سيدتي. أنا لست ضمن هؤلاء



سيدتي. أنا لست ضمن هؤلاء


الساعة المعلقة فوق مكتب "حكيمة" المنهمكة في ترتيب الملفات تشير إلى الساعة الثانية وخمسة وأربعين زوالا. سمعت "حكيمة"طرق الباب ، فقالت: ادخل وعينيها منصبة على الباب.وإذا بشابة في سن العشرين ممشوقة القامة،بيضاء البشرة ،سوداء الشعر،عسلية العيون تحمل بين يديها طفلة تشرف على العامين حمراء الوجنتين والأنف من شدة البرد الذي عرفته بلادنا هذه السنة رغم ارتدائها لمعطف صوفي ثقيل وطربوش وردي على رأسها الصغير الأشقر. بادرتها "حكيمة" :السلام عليكم.فيم أخدمك؟
ردت عليها الشابة:أريد التسجيل هنا.
قالت لها "حكيمة" مرحبا بك عندنا.هل سبق وأن درست؟
ردت عليها الشابة: أجل مستواي الدراسي الباكالوريا.
توجهت "حكيمة إلى أحد الرفوف فأخرجت ملفا وفتحته ثم أعطت استمارة للشابة وأمرتها بأن تملئها على إحدى الطاولات الموجودة. وانكبت هي على إنهاء ما بدأته.وفجأة.. سمعت الشابة تقول:سيدتي: أنا لست ضمن هؤلاء.
فتوجهت "حكيمة"رغم بدانتها مهرولة إليها قائلة :نعم.. وتركزت عينيها حيث أوقفت الشابة القلم.. كيف؟..لست بعازبة ..ولا متزوجة ..ولا مطلقة.. ولا أرملة ؟إذن فمن تكونين يا.-.وبسرعة البرق صوبت عينيها حيث كتبت إسمها..-ياسمر؟
وبكل برودة وجرأة وثقة ردت "سمر": أنا أم عازبة.
وبصوت متقطع يسوده الشفقة والأسف والفضول قالت لها"حكيمة":هل ..تعرضت.. للاغتصاب.. يا صغيرتي؟
وبكل هدوء أجابت:لا..دون أن يظهر على محياها خجل أو حسرة.
وأردفت "حكيمة"سؤالا آخر:هل مات خطيبك قبل أن يكتب عليك؟
إذذاك استوت"سمر" في جلستها وقالت:لا..أنا تعرفت على رجل متزوج وأسكنني بيتا غير بيته الزوجي حيث زوجته وأولاده.عشت معه عامين في نعيم وكان شرطه الأساسي أن لا ألد.لكني حملت .وطلب مني أن أجهضه. لكني خفت الله ..ولم أفعل.
دون أن تتريث صاحت "حكيمة" بملء فمها: تخافين الله؟ ألم تخافينه حين عاشرته دون عقد نكاح؟ فما ذنب هذه الصغيرة ؟ وهي تربت على كتفها الصغير؟
قالت "سمر" وكلها ثقة.هو الآن يعاني من مشاكل في العمل ففور ما تتحسن أموره سيعطيها نسبه؟
وتجهم وجه "حكيمة" وقالت لها:اكتب هنا بقلم الرصاص أم عازبة حتى أستفسر.وانهي ملء الاستمارة بقلم "بك".وتوجهت لمكتبها وهي تهمهم:هذا ما فعلته بنا المسلسلات التركية والمكسيكية التي دمرّت الأخلاق وشوّهت الإسلام وعاثت بفتياتنا شَّر فســــاد.. والله إنها لغصةً في الحلق حينما يتنازل الآباء عن فلذات أكبادهم بالسماح لهن بمعاشرة الرجال والعيش معهم دون عقد نكاح. ألم يعودوا يعلمون بأن رعاية أبنائهم أمانة سيحاسبون عنهم كما أخبرنا الرسول- صلى الله عليه وسلم.
أين مراقبوا الإعلام ؟ ألهذهِ الدرجة , قد غُـيبّت العُقول ؟ ألهذهِ الدرجة وصلنا للضعف والانحلال حتى عاد : إجهاض , زنا, شُذوذ , كذب , خمور , عُري... من عادتنا بينما كان حتى الأمس القريب فســاد أخلاقي وهدم للدين ومخالف لشريعتنا؟؟؟.
واقتربت "سمر" من مكتبها ودهمتها قائلة وهي تسلمها الاستمارة: متى سألتحق؟
ردت عليها "حكيمة" وهي غير راضية عنها:غذا ولا تنسي أن تحملي صورتيك ونسخة من البطاقة الوطنية .أما اللوازم، فأستاذتك ستخبرك بذلك.
إذن إلى الغذ قالت "سمر" وهي تغلق الباب من ورائها.و"حكيمة"تتبعها بنظراتها الحادة مرددة بصوت خافت قول الشاعر:
يا أيهّا الفجر كَمْ فيكَ مِنْ أملٍ *** أرى برؤيـتّـه ماضٍ أضعـنـاهُ

بالله يـا شيّخنا ما بـالُ أمـتنا ؟ *** قد ضـيّعت مَجْدنا حتى نسـيناهُ
بالله يا أبتِ ما بـالُ مسجدنـا ؟ *** قـفر وما هكذا يـوماً عَـهِدناهُ
أين المُصلون ماذا حلَّ في بلدي *** وأين قـدوتـنا حـقاً فـقدناهُ
ما بالنا يا أبي نمشي على مهلٍ *** والغربُ يـا أبتِ يحدو مـطاياهُ
صغيرنا يـا أبي يلـهو بدميـته *** وشيخـنا يا أبـي غـرّته دنـياهُ
نشكو إلى الله جهلاً مِنْ أحبتّنا *** نـشكوا إلى اللهِ مـنهم ما لقـيناهُ
اومـا أُبرئ نـفسي إنـنا بشرٌ *** نـعشـوا إلى الله أحيـاناً وننساهُ
ولكن صوت آذان العصر جعلها ترفع يديها ضارعة إلى الله تعالى قائلة:"يا محول الحول والأحوال حول حالنا لأحسن حال ولا تجعل أمرنا بيد أعداءنا وأنقذنا منحالنا هذا تباركت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم نتوسل اليك بجاهك أنقذأمتنا من حال الهون والغفلة التي هي عليها، ولا تغضب علينا يا رحمان يارحيم" وهمت للصلاة.

انتهت القصة
بقلم :رشيدة بنتاوت
حررت بحد الغربية في 5فبراير2012






آخر تعديل طيف المغرب يوم 2012-02-22 في 15:11.
    رد مع اقتباس