عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-03, 13:43 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي في الذاكرة: الإمام مالك بالحسيمة… سؤال المستقبل


في الذاكرة: الإمام مالك بالحسيمة… سؤال المستقبل

الخميس, 02 فبراير 2012 10:54


صورة تذكارية للأساتذة والأطر الإدارية لثانوية الإمام ملك بالحسيمة أواسط الستينات




تراجع الاهتمام بالتعليم الأصيل يهدد بانقراض المؤسسة
تعتبر الثانوية التأهيلية الإمام مالك بمدينة الحسيمة، واحدة من أقدم وأعرق الثانويات بالمغرب، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1943. وتشير مصادر مهتمة بالتاريخ المحلي، إلى أن أهمية هذه المؤسسة، تكمن في أنها تختزن جزءا من تاريخ مدينة الحسيمة، وبالتالي تعتبر ذاكرة مدينة بامتياز، ما جعل العديد من المهتمين يشبهونها بجامع القرويين بفاس.
مرت الإمام مالك من عدة مراحل، وحملت عدة أسماء وانتقلت بعدة أماكن، قبل أن يستقر بها المقام في موقعها الحالي بشارع طارق بن زياد، في الوقت الذي تحول مقرها القديم إلى مقر للنيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، ومركز تكوين المعلمين.
وقبل أن تأخذ شكلها الأخير، كانت الثانوية واحدة من خلايا التعليم التي جاءت لتجيب عن حاجة البلاد إلى تعليم أصيل، يأخذ ببعض مظاهر المعاصرة، وكان لها شzكل هندسي ومعماري فريد من نوعه.
وتكشف سجلات المؤسسة أنها تسمت بعدة أسماء، المعهد الديني ببيا سانخورخو من 1943إلى 1955، المعهد الديني بالحسيمة، المعهد الإسلامي إلى بداية الستينات، المعهد الأصيل إلى 2003، ثم ثانوية الإمام مالك. كان أغلب الوافدين على الثانوية أو"بوشكارة " كما كان ينعتها البعض، من البوادي المجاورة، لذلك كان من الضروري إيواؤهم ببيوت صغيرة تطل على ملعب المعهد الديني. وظلت الثانوية تحمل هذه الأسماء، بحكم برامجها ونوعية طلبتها، إذ يتلقى التلاميذ بالمؤسسة دروسا في النحو والبلاغة والعروض والفقه والتوقيت والأصول.
يتحدث العديد ممن درسوا بهذه المؤسسة، عن العديد من الأحداث التي مازالت تحتفظ بها ذاكرتهم. كان بعض التلاميذ يبهرون الأساتذة بحكم مستواهم الدراسي، وكان الهم الوحيد هو التحصيل الدراسي.
ومما يروى عن أحد التلاميذ أنه كان يحمل في جيبه التين المجفف وقطعا من البصل والخبز، وهي المواد الغذائية التي يستهلكها لمقاومة شظف العيش. ويضيف أن التلاميذ الذين تخرجوا من هذه المؤسسة، يحتلون اليوم مناصب مهمة، منهم قضاة ومحامون وعدول وأساتذة جامعيون، وفاعلون وناشطون حقوقيون وجمعويون.
وتتوفر ثانوية الإمام مالك على مكتبة فريدة من نوعها، إذ تضم مصادر ومراجع قديمة، نذكر منها "شرح صحيح البخاري "للقسطلاني، وكتاب "الأغاني للأصفهاني، و"أدب الكاتب " لابن قتيبة الدنيوري، و"إعجاز القرآن " للباقلاني، و"المزهر في علوم اللغة وآدابها " لجلال الدين السيوطي، وكتاب " إصلاح المنطق "لابن السكيت، و"أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" و"نهج البلاغة"، و"الطراز" و" النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية " لحسين مروة. وكان بعض المدرسين بالثانوية، من جنسيات فلسطينية ومصرية وعراقية، كالمرحوم بركات الذي درس بهذه المؤسسة مادة الرياضيات، حيث يعتبر من أهم مدرسي الثانوية، إلى جانب الطاهري عبد الصمد والأستاذ الحداد واللمتوني والسي ميمون والفرنسي جون بول وعمر موسى عبد الله والسي مكي الذي مان يبذل قصارى جهده لتعليم التلاميذ اللغة الفرنسية. ويبقى الرمز التاريخي للمؤسسة هو مديرها، المرحوم بوشعيب الخطابي، الذي كان حريصا على هندامه، وارتداء سروال الثوب، ويحمل من حين لأخر عصا "خفيفة " يهش بها على التلاميذ المشاغبين. يتكلم بوشعيب " الحكيم" بتؤدة، وينظر إلى محدثه في عينيه بتواضع. يستحضر العديد من الزملاء اسما آخر هو السي امحمد المعروف لدى العديد منهم ب " بوضخاويط ". اسم بجرس خاص، لا يمكن إلا أن تستسلم لأقواله المأثورة في حضرته، وترحل معه في سفر طويل إلى ذكريات تتزاحم في الرأس. كثيرا ما أتحفنا نحن أساتذة الثانوية، السي امحمد بمستملحاته. أتاه متسول يوما يستجديه، فقال له " إنني على وشك ما تفعله أنت ".
عاشت الثانوية أزهى فتراتها بعد انتقالها إلى مقرها الجديد، حيث أصبح لها حضور متميز، خاصة على مستوى نضالات تلاميذها في بداية الثمانينات، إذ اعتقل العديد منهم بعد التحقاهم بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، وزج بهم في سجن عين قادوس، بسبب انتمائهم إلى منظمة إلى الأمام. وحين زحفت الخريطة المدرسية على التعليم الأصيل، أثر ذلك على مسار هذا النوع من التعليم، خاصة مع إدخال أقسام التعليم المزدوج وغلبتها، فأصبحت ثانوية الإمام مالك هجينة بين شعب اللغة العربية والشرعية الأصيلة والآداب العصرية والعلوم الإنسانية. وأصبح التعليم الأصيل في حالة احتضار بعدما نضبت روافده، وكانت الثانوية في عهد ولى، مؤسسة للإنقاذ، وما يعنيه ذلك من مجهود أكبر من قبل المدرسين. انكمشت الثانوية بشكل كبير، منذ إدخال التعليم المزدوج، ونضوب الروافد، ما لبث عدد التلاميذ يتقلص من سنة إلى أخرى، خاصة بالتعليم الأصيل الذي أصبح تلاميذه لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة.

جمال الفكيكي (الحسيمة)






    رد مع اقتباس