طبيب القلوب
أسعف هذا العليل
أيا طبيب القلوب
إن قلبي كالجمار
يلفح من شدة اللهيب
ودمي يغلي كالبركان
ودمعي في الليل صبيب
والنوم قد ودع مقلتي
ولا حياة لي من غير ذكر الحبيب
والوجد قد هاج بما لا أطيق
فانظر ماذا ترى أيها الطبيب
وهات لي وصفة الشفاء السريع
وانعت لي الصيدلي القريب
لو أحكي ما جرى لي بالتفصيل
لبكيتم بكائي النحيب
رفعوني فوق سرير كله بياض يا صديق
وقال لي لابد من مخدر لكي تغيب
قلت بالله عليك إني إنسان صبور
ولا أستطيع أن أغفل هنيهة عن الحبيب
ولن تسمع مني شكوى ولا أنين
ومن غير التخدير لكل أمر أستجيب
أخذ السكين وشرّح قلبي المسكين
وإذا بنور ملأ مكان التطبيب
فقال يا سبحان الله!
أمرك يا إنسان أمر عجيب!
وأخذ عينة من دمي للتحليل
فوجده سراجا وهاجا يجُوب
فقال يا سبحان الله!
أمرك يا إنسان أمر غريب!
قل لي بالله عليك من أنت بالتحديد؟
قلت نورا في طين لازب يا لبيب
وذاك التراب قد خدع إبليس فكفر
خر ساجدا يبكي يريد أن يتوب
قال يا ويلي ظننت أني في قمة العلوم!
لكن وجدت عندي من الجهل أوفر نصيب
وقال لي بعد أن رد علي الستار
قم يا ولدي ما بك داء ولا ريب
وقل لي بالله عليك ما هو سرك الدفين؟
قلت هذا ما صنع بي الحبيب!
قال أو بالعشق بدلك هذا التبديل؟
قلت وكيف لا وهو مني قريب!
وقد أعطاني من كل شيء ما هو عظيم!
قال ومن يكن هذا الحبيب؟
قلت هو الله رب العرش العظيم
قال والذي أعطاك قد أعطانا بلا حساب
قلت سبحان من يُمدّ هؤلاء وهؤلاء
وسبحان من عطاءه غير محظور يا طبيب
قال لي علمني كيف تعبد ربك يا نبيل!
قلت والله من كل ما أمر به الرقيب الحسيب
لا أفعل إلا واحدة بين خوف ورجاء!
قال وما هي يا نجيب؟
قلت التقوى وما أدراك ما التقوى؟
همهم وكفيه في تقليب
وصاح يا ولي في أي قبر كنت دفينا!؟
قمتُ من السرير وإلى ربّي مُنيب
فنظر إلي ينصحني أكتم سرك يا إنسان!
قلت وهل في كشفه من العيوب!؟
قال لو رأتك الأحبار لجعلوا منك تمثالا تُزار
وقدم لي تمرا وكأسا من الحليب
وانصرفت إلى معبدي وأنا حيران
أذكر الله حتى لا أخيب
**************************
بقلم: محمد معمري