عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-28, 21:11 رقم المشاركة : 1
hassi2009
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







hassi2009 غير متواجد حالياً


افتراضي عــَــبـْـقــَـريّـَـة ُ أ ُمّ ...منقول


باسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

╣◄عــَــبـْـقــَـريّـَـة ُ أ ُمّ ...►╠منقول
أمّ ُ ُ أنـَا... فِي مَزْرَعَتِي الصّغيرةِ... قدْ آلـَمَنِي مَا تـَسلـّـَـلَ إلى نـَبْض ِ عُمْق ِ ابني مِن إحْباط ٍ ويَأس ٍ مُمِيتـَيْن ِ لِحَيَويّـَتِهِ ونـَشـَاطِهِ مِنْ يوم ِ أنْ بُتِرَتْ يَدَهُ اليُسْرى على إثر حادثةِ سَيْر ٍ أحالتْ نـَفـْسِيّـَتـَهُ إلى حياةٍ شِبْه ُ مَيّـِتـَةٍ، لمْ أشـَأ ْ لأتـْرُكـَهُ في غياهبِ العُزلةِ، فـَاهـْتـَدَيْتُ بإذن ِ اللهِ إلى الإجتِهادِ لِتـَخـْليصِهِ مِنْ مَا هوَ فيهِ..
تـَعَمّـَدتُ يوما ً أنْ أحْدَثـْتُ ثـُقبا ً في أسْفـَل ِ "سَطـْل ٍ"، فـَملأتـُهُ بالماء ومرَرْتُ مِن أمامِهِ مُتـَجاهـِلة ً ما يَحْدُثُ مِن سَيلان ٍ للماء ِ بـِأسفل "السّـَطـْل"، فـَنادني:
- أمّي...أمّي...الماءُ يَتـَسرّبُ مِن أسفل السّـَطـْل ِ...
سَعِدتُ جدا بـِنِدائِهِ وكم كانت فرْحـَتِي حين انتبه َ لسَيَلان الماء...
- آه... يا بُنيّ َ..."معك حقّ"...وماذا عَسَايَ أن أفعلَ "بالسطـْل ِ" الآن؟
- تـَرميهِ وسَتـَشـْتـَري غيْرَهُ...
أجبتـُهُ بعدَ تـَفـْكير ٍ لكيْ لا أ ُحسّـِسَه ُ بأنّ َ الأمْرَ كانَ مُدبّـَرا ً...
- تعالى اتبَعْنِي وانظـُرْ ماذا سأفعـَلُ بـِه...
أخذتُ "السطـْلَ" ومَلأتـُهُ بالتـّـُرْبَةِ الصالحةِ للزراعةِ، وغرسْتُ فيهـَا بعضَ النباتاتِ وقلتُ لهُ:
- تعلمْ يا بُنـَيَّ أنهُ لا يجبُ أن نـُوقِفَ العَمَلَ بـِالأشياء ِ بـِمُجرّدِ حادثٍ وقـَعَ لهـَا... فحِينَ تـَفـْرضُ علينا الظروفُ في شيءٍ واقعا ً جديدا ً علينا أن نـُغيّـِرَ أفكارَنـَا مَعهُ لدوام الإستفادةِ منهُ، ولا نترُك بـَرْمَجَة َ عُقـُولِنـَا التي سِيقـَتْ لنـَا في استِعمالِهِ تـُحاصِرُ فِكـْرَنـَا وتـُقـَيـّـِـدهُ مِنْ إيجادِ حلول بدائِلَ لنـُهيِّـِئه مِن خلالها للعمل من جديد بنظام جديد، والآنَ... قـَدْ نـَجَا "السّـَطـْلُ" مِنَ الهلاك والدمار، وسَتـَجدُهُ قـَدْ شـَكـَرَنِي لأنـّنـِي لمْ أرْمِهِ، وإنهُ لـَسَعِيدُ ُ بأنهُ لا يزالُ مُمَتـّـَعا بالوجودِ يشتـَغِلُ وينْْفـَعُ الناسَ...
أثارَ انتِباهـِي وقد شـَدّ َ بَصرَهُ إلى اتـّـِجاهٍ مَا وكأنـّـَهُ يُقلـّـِبُ عنْ شيءٍ بَيْنَ أحرُفِ كلامِي، فانصرفتُ مِنْ أمامِهِ مُتمنـّـِية ً أنـّـِي لا أكونُ قد قسوْتُ عليهِ وأحْرَجـْتـُهُ، دخلتُ المنزلَ وقدْ أخذتُ مِعـْطـَفِي الذي مَزقـْتـُهُ مِنَ الخلفِ فـَلـَبـِسْتـُهُ ومَررْتُ أمـَامَهُ...فنادَنِي:...
- أمّي...أمّي...المِعْطـَفُ مُمَزقُ ُ عَلى ظـَهـْركِ ...
الـْتـَفـَتّ ُ إليهِ مُتـَسائِلة ً بـِغـَباوَةٍ:..
- ماذا؟...
- مِعْطـَفـُكِ مُمَزقُ ُ مِنَ الخـَلـْفِ...
نـَزعْتـُهُ وبَدأتُ أقـَلـّـِبُهُ حتى وضعتُ يدي على المكان ِ المُمَزق ِ فقلتُ:...
- آه..."معك حق"... ...وماذا عَسَايَ أن أفعلَ بالمعْطفِ الآن؟
- سَتـَرميهِ طـَبْعا ً وسَتشتري آخر جديدا...
سَكـَتّ ُ مُحاولة ً إيهامَه ُ بأني جادّة ً في التفكير وقلتُ له ُ:...
- تعالى اتبَعْنِي وانظـُرْ ماذا سأفعـَلُ بـِه...
أخذتُ عَصـَوان ِ وجَعلـْتـُهـُمَا على شكل ِ صليبٍ وألبسْتـُهـُمَا المعطفَ، وغرسْتُ إحداهما في الأرض بمزرعتي الصغيرةِ ٍ وقلتُ لهُ:...
- الآنَ...المِعْطفُ لهُ دورُ ُ لإخـَافـَةِ الطيور ِ حتى لا تـُخرِّبَ ما يُنـْبـَثُ من غلـّـَة، ولهذا يا يُبنيّ َ... لا يجبُ أنْ نـُؤمِنَ بأنّ َ دورَ الأشياء ِ يـَتـَوَقـّـَفُ عَلى مَا وَجَدْنـَاهـَا عَلـَيْهِ، وتنتـَهي صلاحِيتـُهـَا بمُجردِ خروجـِهـَا عنْ هذا الدَّوْر، فأنظرْ إلى الحادثِ الذي وقعَ "للسّطل ِ" والمعطفِ كـَيْفَ أنـّـَهُ قـَدْ مَنـَحَهُـمَا دورا ً ذا قيمةٍ أكبرَ مِمّا كانـَا عَـليْهِ...
- لحْظـَتـَهـَا وجّـَه َ بَصَره ُ إليّ َ فانتابَنِي إحساسُ ُ وكأنـّـَه ُ يُخبرُنِي بأنـّـَه ُ اكتـَشـَفَ مَا أرْمِي إليْهِ، تـَجاهلـْتُ ردّة َ فِعل ِ ملامِحِهِ بـِعفويّـَةٍ مِنـّـِي وانـْصَرفـْتُ تاركة ً إيّـَاهُ مُتـَصلــّبا ً في مكانِهِ وقد أخبرتـُهُ بأني سآتِي بمائدَةٍ بـِهـَا أ ُكـْلـَة خفيفة ً، دخلتُ المنزلَ ووضعتُ إبريقَ الشاي ِ والخبزَ وصحنا ً صغيرا ً بهِ زيتُ ُ وتعمّـَدتُ إكثارَ الكؤوس الزجاجيّـَةِ وخـَرجْتُ مُتـّـَجـِهـَة ً إليهِ، وفي طريقي أوقـَعْتُ المائدَة َ مِن يدِي وقد أوْشـَيْتُ إلـَيـْهِ بالتعثـّـُر ِ فسقط َ كلّ ُ ما عليها فتكسرتِ الكؤوسُ كلـّـُهـَا، انزعج لهول ما سمع من ضجة وتقدم إليَّ مُسرعا قائلا:...
- لا بأسَ عليكِ يا أمّـِي، سأتوَلى جَمْعَ حُطام ِ الزجاج ِ في القـُمَامَةِ...
- لا ترم ِ الزجاجَ فِي القـُمَامَةِ ولكن سنـُشـَغـّـِلـُهُ...
- كيف؟...
- تعالى اتبَعْنِي وانظـُرْ ماذا سأفعـَلُ بـِه...
أخذتُ كِمية ً كبيرة ً مِنَ الرمل ِ ومَزجْتـُهـَا بالإسْمَنتِ وكونتُ منهما عجينة، فأخذتُ الزجاجَ وألصقتُهُ بالعجينةِ التي وضعتـُهـَا فوقَ حائطِ المزرعةِ وقلتُ لهُ:...
- لقد صَعّـَبْتُ على أيٍّ كانَ التسلـُقَ فوقَ الحائطِ والولوجَ إلى المزرعةِ بكلّ سهولةٍ... تدبّـَرْ يا بُنـَيَّ على أنَّ عَطاءَ الأشياء ِلا يكمُنُ في سلامتِها مائة بالمائة، فكمْ مِنْ إنسان ٍ سليم ِ العقل ِ والجـِسْم لا يُنتِجُ لهُ ولا لغـَيْرهِ ولوْ بـِأقـَلّ َ مِنْ حبّـَةِ قـَمْح ٍ ولا يُطعِمُ جـِسمَهُ بـِمجهود طاقتِهِ المُختزنةِ لديهِ ...
هذهِ المرة َ نـَظرَ إليّ َ وَقـَدِ اغـْرَوْرَقـَتْ عيناهُ بالدموع، فأردْتُ الإنصرافَ مِن أمامِهِ فجرّ َ بـِيَدِهِ اليُمنى يديّ َ وأخذ يُقبّـِلـُهـَا ويقول:
- كـَفـَى يا أمّـِـي ... كـَفـَى يا أمّـِـي ... رسالـَتـُكِ وَصَلـَتـْنِي... أعِدُكِ أنّـَنِي لنْ أخونَ بعدَ الآنَ طاقـَتِي، وسأعملُ جاهدا ً لِأكـَوّنَ لي شخصيّـَة ً في المُجتمع وَلوْ بأضـْعَفِ الإمكانياتِ التي مَنـَحَهـَا لي الله...
جزاكم الله خيرا
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله لحسن</strong></strong></strong></strong></strong></strong>





    رد مع اقتباس