عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-11, 00:20 رقم المشاركة : 2
فصبر جميل
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فصبر جميل

 

إحصائية العضو







فصبر جميل غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في المسابقة الترفيهية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام التميز لشهر مارس 2012

العضو المميز لشهر يناير

افتراضي رد: من أعجب الأشياء أن تعرف الله و لاتحبه


بسم الله الرحمن الرحيم
الله صل على أشرف المرسلين
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

(تتــــمــــة)




قال : ومن كان فَتْحُهُ في وُقوفه مع مراد الله حيْث أقامه ، أيْ أقامِكَ مُتَفَرِّغاً أو أقامَكَ غير مُتَفَرِّغ، مثلاً أقامَكَ بِلا أوْلاد ؛ فهذا مُرادُ الله ، أحد إخْواننا جاءَهُ مَوْلود بِعَمَلِيَّة وِلادة صَعْبة فتأذى هذا المَوْلود بِدِماغِهِ فصار عنده حالة اضْطِراب كُلّ دقيقتَيْن ، فأوَّل طبيب قال : هذه أذية ثابتة ومُتنامِيَة وهذا الطِّفْل مصيرُهُ أعْمى أو مَشْلول أو مَجْنون ، وكذا الطبيب الثاني والثالث فأبوهُ رَكِبَهُ الهَمّ وقال : والله أتمنى لو وُلد ميِّتاً ، فَمَرَّةً كان مُنْقَبِض الصدْر بهذا الكلام فألْهَمني الله كلمَةً قُلْتُها له : الذي تُحِبُّهُ هو الله وهذه هي إرادَتُه ألا تَحْتَرِمُها ؟! أحْياناً المؤمن يصِل إلى حالة مع الله يحْترم إرادة الله عز وجل ، هذه مشيئة الله ، سبحان الله بعد شَهْر اِلْتَقَيْنا بِطَبيب فقال هناك مجال للشِّفاء إن شاء الله وكُنتُ مع والد الطفل ، طلب تَصويراً وتحْليلاً وأعْطاهُ أدْوِيَة وبعد فَتْرة كأنّ لم شيئاً يكن ، وهو الآن بالأزْهر يدْرس فأنت ما عليك إلا الرِّضى والله بِيَدِهِ الخير وهو على كُلُّ شيء قدير.


قال : ومن كان فَتْحُهُ في وُقوفه مع مراد الله حيْث أقامه ، وفي أيِّ شيءٍ استَعْملهُ كان مزيدُه في خلْوته ومع الناس ، المُهِمّ أن ترضى بما أقامك الله به ، لكن أنصحُ كُلَّ أخٍ إذا أقامه الله بالحقّ ، وأقامه في الدَّعْوة والعمل الصالح أن يشْكر الله ، فإذا أردْتَ أن تعرف مقامك فانْظر إلى ما اسْتَعْمَلَك فيه .


إنسان بنى مسْجداً وافْتَتَحَهُ ، وآخر بنى مَلْهى وافْتَتَحَهُ ، إنسان يُعَيّن إماماً وآخر يعين راقِصَاً أو مهرجاً ، دائِماً انظر كيف اسْتَعْمَلَك الله ، والدعاء الشريف اللهم ارْزُقني طيِّبا واسْتَعْملني صالحاً .


قال : أشْرف الأحْوال ألّا تخْتار لِنفسك حالةً سِوى ما يخْتارُه لك الله عز وجل ، هناك من إذا مات ابنه نقم على الله ، أعرف رجُلاً داومَ بالمساجد عشرين سنة ، له ابن تُوُفي فإذا به ترك الصلاة ، فهذا نبيُّنا وقد مات ابنه ابراهيم فقال :


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِي اللَّه عَنْه وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ رَوَاهُ مُوسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ*


[ رواه البخاري ]


هذا هو الموقف النبوي الشريف فأشْرف الأحْوال ألّا تخْتار لِنفسك حالةً سِوى ما يخْتارُه لك الله عز وجل فَكُن مع مُرادِهِ منك ، ولا تكن مع مُرادك منه ، (فإذا سَلَّمْتَ لي فيما أُريد كَفَيْتُكَ ما تريد، وإنْ لم تُسَلّم لي فيما أريد أتْعَبْتُك فيما تُريد ثمَّ لا يكون إلا ما أريد) أرْوَعُ شيء بالإسلام هذا الاسْتِسْلام لله عز وجل ، مرَّةً قال لنا أستاذ بالجامعة في كُلِيَّة الترْبِيَة وقد حضر مؤتمرَ طِبٍّ نفْسي في أوروبا: قال بِبَساطةٍ ليس عندنا أمْراض نفْسِيَّة بالمعنى الوبائي وذلك بِسَبب الإيمان ، فالإنسان المسلم يؤمن أنَّ الله عز وجل هو الذي اخْتار له هذا ، وهو راضٍ عن الله ، قال له : يا رب هل أنت راضٍ عنِّي ؟ وكان وراءهُ الإمام الشافِعي فقال له : وهل أنت راضٍ عنه حتى يرْضى عنك ، فقال له يا سبحان الله من أنت ؟! فقال : أنا محمّد بن إدْريس ، فقال له : كيف أرْضى عنه وأنا أتمنى رِضاه؟ قال له إذا كان سُرورك بالنِّقْمة كَسُرورك بالنِّعْمة فقد رضيتَ عن الله ، فالبُطولة أنْ ترْضى بِمَكْروه القضاء أما أنْ ترضى بِمَيْسور القضاء ، فأنت لا تحْتاج إلى بُطولة فإذا كان الإنسانُ غَنِياً وقال لك: الله مُيَسِّرُها ، فقد لا يكون له جزء من الإيمان ! فالبطولة أْن ترْضى عن الله وأنت في مُشْكلة ، لأنَّ هذه المُشْكلة امْتِحانٌ لك ، ولا أحد يُجَرِّب السيارة بالنزول ، ولكن بالطلوع . والحُزْن خلاق أمااللذائذ فلا تصْنعُ بَطَلاً ، أما الحُزْن فَيَصْنَعُها قال : كن مع مٌراده منك ، ولا تكن مع مُرادك منه.


أيها الإخوة ، آخر موضوع ، قال : ما أخذ العَبْدُ ما حُرِّمَ عليه إلا من جِهَتَيْن ، وهذه فلْسَفَةُ المعْصِيَة ، الإنسان متى يعْصي الله ؟ كيف يُقَصِّر في بعض الواجبات ؟ كيف يأخذ ما ليس له ؟ قال : ما أخذ العَبْدُ ما حُرِّمَ عليه إلا من جِهَتَيْن ؛ إحداهما : سوء ظَنِّهِ بِرَبِّه ، وأنَّهُ لو أطاعه وآثره لم يُعْطِهِ خيراً مما تركه ، يتوَهَّم أنَّ سعادَتَهُ بِهذه المعْصِيَة ولو أطاع الله لم يكن سعيداً وهذا هو مُنتهى الجهْل وهو أنَّك تتوهَّم أنَّك تخْسر بالطاعة وترْبحُ بالمعْصِيَة فالإنسان الجاهل يظنُّ أنَّهُ إذا غضَّ بصره ينْحرم بالتمتُّع بِمَنْظر الحَسْناوات ، والذي يُطلق بصره أكثر اسْتِمْتاعاً منه ، مع أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال :عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ


مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا *


[ رواه أحمد ]


قلتُ لأخٍ منذ يومين كُلُّ من غضَّ بصره عن امرأة لا تَحِلُّ له يكون مثل من وضع ليرة ذهب في صُندوق ، ثم تفتحُ هذا الصندوق يوم زواجِك ، فالله تعالى يُعَوِّضُكَ أضْعافاً مُضاعَفَة ، إنسان يضْبط نفْسه قبل الزواج هل يستوي مع من أطلق بصره قبل الزواج ؟ أنا أقول كلمات أرْجو أنْ تكون واضِحَة لديكم ، هل يسْتوي الذي يغُضُّ بصره مع الذي يُطلقُهُ ؟ هل يستوي الصادق مع الكاذب ، والمُحْسِن مع المُسيء ، والورِع مع المُتَفَلِّت أو المُنْصِف مع الظالم ، والمُستقيم مع المُنْحرف ؟ هل يستوي هذان النموذجان؟ هذا لا يتناقض مع عدالة الله بل يتناقض مع وُجوده ، إذا كنت مؤمناً به تعالى لن يكون الذين اجترح السيِّئات كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ، مُستحيل أنْ تُطيعَهُ وتخْسر وأن تعْصِيَهُ وترْبح ، فقد تُسْتَدْرج فالعاصي يصْعد صُعوداً حاداً ثمَّ يسْقط سقوطاً مُريعاً ، أما المؤمن فَيَصْعد صُعوداً مُسْتَمِراً ، قال تعالى :


قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)


[التوبة الآية 51]


ذكر لي أحد الإخوة الكرام وكان أبوهُ عالِماً جليلاً توفي رحمه الله : قال قبل وفاتِهِ بِأيامٍ كان يتكلَّم وَحْده بالليل ، فَخِفْتُ أنْ يكون قد حدث معه شيء بِعَقْلِه ! فقال له : قد ألَّفْتَ يا أبي كتاباً موضوعه كذا فأكْمل له أبوه ما تبقى والموضوع كذا فأتَمَّهُ ، بعدما انتهى قال له : إنَّ أباك بِخَيْر يا ابني - وهذا من شِدَّة ذكائِهِ - يمكن أنَّهُ رأى بعض الملائِكَة ، فالإنسان قبل وفاتِهِ لِكرامَتِهِ عند الله يُلْقي في روعِهِ أنَّ اللِّقاء قد اقْتَرَب ، وتأتيه الملائِكَة بأحبِّ الناس إليه فقال له يا ابني الذي يُعَلِّمُ العِلْم يحْفَظُهُ الله ، وأكبر كرامة للإنسان أنَّهُ إذا أمْضى شبابه بِطاعة الله يكون له خريف عُمر مُتألِّق جداً. وكذلك والله حَدَّثني أحدهم عن أحد علماء دمَشق رحمهم الله : كان عمرهُ يُناهز التسعين ولا يزال مُتألِّقاً ، اشْترى قبراً قبل خمس سنين من وفاته ، وكُلّ خميس كان يأتي إلى هذا القبر لعلمِهِ أن هذا بيتُهُ الأخير!


وسمِعْتُ عن رجُلٍ صالح تُوُفي قبل أيام ، قبل أسبوعَين نزل بِقَبْره ، وجمع عظام والدِه، ومدَّ في القبر رمل مزار وقال : هكذا أرْيَحُ لي ، ثمَّ بعد أسبوعَين تُوُفي! هذا القبْر مصير كُلِّ إنسان ويغْدو رَوْضة من رِياض الجنَّة بالعمل الصالح ، والعِبْرة أنْ تُقَدِّم شيئاً لله كي تكون لك الراحة النَّفْسِيَّة ، والقبر صُندوق العمل.


أوَّلُ سبب للمعصية أن تسيء الظنّ بِرَبِّك ، وتعتقد أنَّك إنْ أطَعْتَهُ وآثرتهُ على غيره خَسِرْتَ والأمر الثاني أنْ تكون عالِماً بذلك ولكن تغْلب شَهْوَتَك صَبْرك ، وهواك عقْلك ، فالأوَّل من ضَعْف عِلْمه والثاني من ضعْف صَبره ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عَوَّضَهُ الله خيراً منه في دينه ودُنْياه ، أي أنّ كُلّ إنسان صَبَر عن الحرام منَحَهُ الله الحلال ، وقال بعض العلماء في نهاية المطاف : إذا اجْتَمَع قلبُك على الله ، وقَوِيَ رجاؤُك فيه فلا يكادُ يُرَدُّ دُعاؤُك ، ومن كرامة المؤمن على الله أن يكون مُسْتجاب الدَّعْوة .


والحمد لله رب العالمين





التوقيع

لا إلـه إلا الله

بها نحيــــا وبها نمـــوت وبها نلقــى الله
    رد مع اقتباس