ـ وفي كل من قوله تعالى : أ ـ ( وينزل لكم من السّماء رزقا )(1) ب ـ ( إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون في بطونهم نارا )(2) ج ـ ( وكم من قرية أهلكناها فجآءها بأسنا بياتا أو هم قآئلون * )(3) نرصد مجازا لغويا مرسلا ، أريد به عكس ما أريد في النوع السابق في علاقته ، وهو المعني بقولهم : تسمية السبب باسم المسبب ، وذلك بأن يطلق لفظ المسبب ويراد به السبب بالذات . ففي الآية (أ) أطلق لفظ الرزق على الغيث أو المطر تجوزا ، لأن الرزق لا ينزل من السماء بهيئته وكيفيته المركزية المتبادرة الى الذهن ، وإنما ينزل الله المطر ، ولما كان المطر سببا في الرزق عبر عنه سبحانه بالرزق باعتبار السببية . وفي الآية (ب) عبر سبحانه عن أكل المال الحرام بأكل النار ، باعتباره يكون سببا لدخول النار واستحقاقها ، لا أنهم حقيقة يتناولون النار بالأكل ، ولما كان أكل أموال اليتامى ظلما يسبب دخول النار كان التجوز بالتعبير عنه بالنار ناظرا الى هذه الحقيقة . وفي الآية (ج) عبر عن إرادة الإهلاك بالإهلاك تجوزا ، وذلك بقرينة « فجاءها بأسنا » إذ لا معنى لوقوع الإهلاك ، ومجيء البأس بعده ، وإنما يأتي البأس فيحدث الإهلاك عنده ، وإنما عبر عنه بالإهلاك رأسا ، لأنه سبب الإرادة المقتضية للإهلاك ، فكان ذلك من باب تسمية السبب باسم المسبب على ما يذهبون إليه . ____________. (1) غافر : 13 . (2) النساء : 10 . (3) الأعراف : 4 ( 160 )