عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-30, 13:29 رقم المشاركة : 7
admin
الإدارة الأولـــى
 
الصورة الرمزية admin

 

إحصائية العضو








admin غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي رد: مواضيع الدكتور جميل حمداوي


علوم وتربية : التواصل اللفظي وغير اللفظي في المجال البيداغوجيوالديداكتيكي
بواسطةد. جميل حمداوي في 4/10/2007 6:35:42 (104 القراء) مقالات أخرى لنفس الكاتب
التواصل اللفظي وغير اللفظي في المجال البيداغوجيوالديداكتيكي

الدكتور جميل حمداوي

تمهيـــــد:

يذهب كثير منالدارسين إلى أن الدوال تدل وتتواصل بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ومنها: اللغةوالعلامات والخطابات والأنساق و الإنسان وسائر الكائنات الموجودة في الطبيعة. ويعنيهذا أن كل شيء في عالمنا يحمل دلالة ووظيفة، وهذه الوظيفة قد تكون ذات مقصدية أوبدون مقصدية، ذات ميزة فردية أو جماعية، طبيعتها مادية أو معنوية. كما أن هذهالدوال التواصلية قد تكون لفظية أو غير لفظية، تعبر عن وعي أو عن غيروعي.


هذا، وأصبح التواصل اليوم عبارة عن تقنية إجرائية وأساسية في فهمالتفاعلات البشرية وتفسير النصوص والخبرات الإعلامية وكل طرائق الإرسالوالتبادل.

وتعد اللغة من أهم آليات التواصل و تقنيات التبليغ ونقل الخبراتوالمعارف والتعلمات من الأنا إلى الغير أو من المرسل إلى المخاطب. وهذه اللغة ذاتمستويين سلوكيين: لفظي وغير لفظي.

وقد استفادت مجموعة من العلوم والمعارفوالفنون من تقنيات التواصل من أجل أجرأة أهدافها السلوكية وتحقيق الغايات التيرسمتها على المدى القريب والمتوسط والبعيد. ومن بين هذه العلوم نستحضر: علمالبيداغوجيا والديداكتيك الذي يقوم بالأساس على التواصل الإنساني والتفاعلاتاللفظية وغير اللفظية.

ومن المعروف كذلك أن المؤسسة التربوية لايمكن أن تحققثمارها المرجوة ونتائجها الإيجابية إلا من خلال الاحتكام إلى مبدإ التواصلالبيداغوجي والديداكتيكي لتسهيل تبادل المعارف وتنمية العلاقات الوجدانية وتمتينالعلاقات التشاركية والتفاعلية سواء على مستوى الإدارة التربوية أم على مستوى الفصلالدراسي.

إذاً، ماهو التواصل لغة واصطلاحا؟ وما آلياته الإجرائية؟ وماهيالعلوم التي يستند إليها؟ وماهي أهم منظورات ونماذج التواصل؟ وماهو التواصل اللفظيو غير اللفظي؟ وكيف يتحقق هذا التواصل بنوعيه في المجال البيداغوجي والديداكتيكي؟هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا المتواضع هذا.

1.
مفهوم التواصل لغة واصطلاحا:

1.
التواصل لغة:

يفيد التواصل في اللغةالعربية الاقتران والاتصال والصلة والترابط والالتئام والجمع والإبلاغ والانتهاءوالإعلام. أما في اللغة الأجنبية فكلمة communication تعني إقامة علاقة وتراسلوترابط وإرسال وتبادل وإخبار وإعلام. وهذا يعني أن هناك تشابها في الدلالة والمعنىبين مفهوم التواصل العربي والتواصل الغربي.

2.
التواصل اصطلاحا:

يدلالتواصل في الاصطلاح على عملية نقل الأفكار والتجارب وتبادل المعارف والمشاعر بينالذوات والأفراد والجماعات، وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيا أو تواصلا غيريا، وقدينبني على الموافقة أو على المعارضة والاختلاف. ويفترض التواصل أيضا - باعتبارهنقلا وإعلاما- مرسلا ورسالة ومتقبلا وشفرة ، يتفق في تسنينها كل من المتكلموالمستقبل (المستمع)، وسياقا مرجعيا ومقصدية الرسالة. ويعرف شارل كولي Charles Cooley التواصل قائلا:" التواصل هو الميكانيزم الذي بواسطته توجد العلاقاتالإنسانية وتتطور. إنه يتضمن كل رموز الذهن مع وسائل تبليغها عبر المجال وتعزيزهافي الزمان. ويتضمن أيضا تعابير الوجه وهيئات الجسم والحركات ونبرة الصوت والكلماتوالكتابات والمطبوعات والقطارات والتلغراف والتلفون وكل ما يشمله آخر ما تم فيالاكتشافات في المكان والزمان"1.

يتبين لنا عبر هـذا التعريف أن التواصل هوجوهر العلاقات الإنسانية ومحقق تطورها. لذا، فالتواصل له وظيفتان من خلال هذاالتعريف: وظيفة معرفية: تتمثل في نقل الرموز الذهنية وتبليغها زمكانيا بوسائل لغويةوغير لغوية، ووظيفة تأثيرية وجدانية: تقوم على تمتين العلاقات الإنسانية وتفعيلهاعلى مستوى اللفظي وغير اللفظي.

وهناك من يعرف التواصل بأنه:" هو العمليةالتي بها يتفاعل المراسلون والمستقبلون للرسائل في سياقات اجتماعيةمعينة"2.

وللتواصل ثلاث وظائف بارزة يمكن إجمالها في:

1.
التبادل: Echange
2.
التبليغ:Transfert
3.
التأثير:Impact

ويعرف التواصل أيضابأنه هو: " تبادل المعلومات والرسائل اللغوية وغير اللغوية،سواء أكان هذا التبادلقصديا أم غير قصدي، بين الأفراد والجماعات".3 وبالتالي، لا يقتصر التواصل على ماهوذهني معرفي ، بل يتعداه إلى ماهو وجداني وماهو حسي حركي وآلي. أي إن التواصل:" ليسمجرد تبليغ المعلومات بطريقة خطية أحادية الاتجاه، ولكنه تبادل للأفكار والأحاسيسوالرسائل التي قد تفهم وقد لاتفهم بنفس الطريقة من طرف كل الأفراد المتواجدين فيوضعية تواصلية".4

ومن هنا، فالتواصل هو عبارة عن تفاعل بين مجموعة منالأفراد والجماعات يتم بينها تبادل المعارف الذهنية والمشاعر الوجدانية بطريقةلفظية وغير لفظية.

وتركز الصورة المجردة للتواصل على ثلاثة عواملأساسية:

1.
الموضوع: وهو الإعلام والإخبار؛
2.
الآلية: التي تتمثل فيالتفاعلات اللفظية وغير اللفظية؛

ج- الغائية: أي الهدف من التواصل ومقصديتهالبارزة( البعد المعرفي أو الوجداني أو الحركي).

وهكذا، يمكن القول: إنالاتصال أو التواصل عبارة عن عملية نقل واستقبال للمعلومات بين طرفين أو أكثر. ويستند هذا التواصل في سياقاته إلى التغذية الراجعة Feed Back عندما يحدث سوءالاستقبال أو الاستيعاب أو التشويش أو الانحراف الانزياحي.

2.
أنــــواعالتواصل:

يمكن الحديث عن أنواع عدة من التواصل الإنساني والآلي والسيميائي،فهناك التواصل البيولوجي والإعلامي والآلي والسيكولوجي والاجتماعي والسيميوطيقيوالفلسفي والبيداغوجي والاقتصادي... ويقول طلعت منصور في هدا الصدد:" إن وظيفةالاتصال تتسع لتشمل آفاقا أبعد . فكثير من الباحثين يتناولون الاتصال كوظيفةللثقافة وكوظيفة للتعليم والتعلم وكوظيفة للجماعات الاجتماعية وكوظيفة للعلاقات بينالمجتمعات، بل ويعتبرون الاتصال كوظيفة لنضج شخصية الفرد وغير ذلك من جوانب توظيفالاتصال"5.

ويرتبط التواصل بعدة علوم ومعارف يمكن حصرها في علم التدبيروالتسيير، والعلاقات العامة، والبيداغوجيا والديداكتيك، وعلم التسويق Marketing،وعلوم الإعلام والاتصال، والفلسفة، والسيميولوجيا.

وسنختار من هذه الأنواع: التواصل اللساني، والتواصل الفلسفي ، والتواصل اللسيميائي للحديث عنها مرجئين باقيالأنواع التواصلية الأخرى إلى فترات لاحقة إن شاء الله.

1.
التواصل منالمنظور اللساني:

يذهب مجموعة من اللسانيين إلى أن اللغة وظيفتها التواصلكفرديناند دو سوسير الذي يرى في كتابه " محاضرات في اللسانيات العامة" (1916) أناللغة نسق من العلامات والإشارات هدفها التواصل خاصة أثناء اتحاد الدال مع المدلولبنيويا أو تقاطع الصورة السمعية مع المفهوم الذهني. وهو نفس المفهوم الذي كان يرميإليه تقريبا ابن جني في كتابه " الخصائص" عندما عرف اللغة بأنها " أصوات يعبر بهاقوم عن أغراضهم".

ويعرف أندري مارتيني André Martinet اللغة بأنها عبارة عنتمفصل مزدوج وظيفتها التواصل. ويعني هذا أن اللغة يمكن تقسيمها إلى تمفصل أول وهوالمونيمات( الكلمات)، وبدورها تنقسم إلى فونيمات( أصوات) ومورفيمات( مقاطع صرفية) التي تشكل بدورها التمفصل الثاني. لكن الأصوات لايمكن تقسيمها إلى وحدات أخرى؛ لأنالصوت مقطع لا يتجزأ. وإذا جمعنا الفونيمات مع بعضها البعض كونا مونيمات، وإذاجمعنا الكلمات كونا جملا، والجمل تكون الفقرات والمتواليات، والفقرات تكون النص،ويكون النص- تأليفا واستبدالا- ما يسمى باللغة التي من أهدافها الأساسيةالتواصل.

ويذهب رومان جاكبسون إلى أن اللغة ذات بعد وظيفي، وأن لها ستةعناصر وست وظائف: المرسل وظيفته انفعالية، والمرسل إليه وظيفته تأثيرية، والرسالةوظيفتها جمالية، والمرجع وظيفته مرجعية، والقناة وظيفتها حفاظية، واللغة وظيفتهاوصفية. وهناك من يضيف الوظيفة السابعة وهي الوظيفة الأيقونية.

وإذا كانالوظيفيون يرون أن اللغة واضحة تؤدي وظيفة التواصل الشفاف بين المتكلم والمستمع،فإنأزوالد دوكرو Ducrot يرى خلاف ذلك أن اللغة ليست دائما لغة تواصل واضح وشفاف، بل هيلغة إضمار وغموض وإخفاء. ويعني هذا أن الفرد قد يوظف اللغة باعتبارها لعبة اجتماعيةللتمويه والتخفية وإضمار النوايا والمقاصد. ويكون هذا الإضمار اللغوي ناتجا عنأسباب دينية واجتماعية ونفسية وسياسية وأخلاقية. فمهرب المخدرات قد لا يستعمل اسممهرباته بطريقة مباشرة، بل يستعمل الرموز للإخفاء كأن يقول لصديقه: هل وصلت الحناءإلى هولندا؟ كما أن أسلوب الأمر في الشريعة الإسلامية يستعمل للوجوب والدعاءوالندب، وهذا يعني أن اللغة فيها أوجه دلالية عدة؛ مما يزيد من غموضها وعدمشفافيتها التواصلية.

ويذهب رولان بارت Roland Barthes بعيدا في تأويلاتهللغة الإنسانية، إذ اعتبر اللغة بعيدة عن التواصل، وجعلها لغة سلطة مصدرها السلطة. ويعني هذا أن الإنسان عبد للغة وحر في نفس الوقت. فالمتكلم عندما يتحدث لغة أجنبيةفهو خاضع لقواعدها وتراكيبها ولمنظومتها الثقافية، ولكنه في نفس الوقت يوظف هذهاللغة كيفما يشاء ويطوعها جماليا وفنيا. فاللغة الفرنسية استبدت كثيرا بالشعبالجزائري لمدة طويلة فأخضعته لقواعدها وسننها اللساني؛ وعلى الرغم من ذلك نجد بعضالأدباء الجزائريين بقدر ما هم خاضعون لهذه اللغة الأجنبية، يتخذونها سلاحا لهم بكلحرية للتنديد بالاستعمار الفرنسي ونقده والهجوم عليه وتطويع تلك اللغة وتعربيها. كما أن السلطة الحاكمة قد تفرض اللغة التي تناسبها على المجتمع لفرض سيطرتهاالسياسية والإيديولوجية، فبالقوة قد نفرض اللغة، كما أن اللغة هي التي تمنح السلطةالسياسية للفئة الحاكمة.

وهكذا، نستنتج أن اللغة قد تكون أداة للتواصلالشفاف كما يمكنها أن تكون لغة للإضمار والتمويه والإخفاء، كما يمكن أن تكون أداةللسلطة على حد سواء.

2.
التواصل من المنظور الفلسفي:

طرح مفهوم الأناوالغير في الخطاب الفلسفي كثيرا من الإشكاليات التي تنصب كلها في كيفية التعامل معالغير، وكيف يمكن للأنا النظر إلى الغير؟!

يذهب الفيلسوف الألماني هيجل إلىأن العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة سلبية قائمة على الصراع الجدلي كما توضح ذلكنظريته المسماة بجدلية السيد والعبد. أما جان بول سارتر فيرى أن الغير ممر ووسيطضروري للأنا ، إلا أن الغير جحيم لا يطاق لأنه يشيء الذات أو الأنا. لهذا، يدعوسارتر إلى التعامل مع الغير بحذر وترقب وعدوان، وأنه يستحيل التعايش بين الأناوالغير أو التواصل بينهما ، مادام الغير يستلب حرية الأنا ويجمد إرادته. لذلك، قالقولته المشهورة: " أنا والآخرون إلى الجحيم".

بيد أن ميرلوبونتي رفض نظريةسارتر التجزيئية العقلانية، واعتبر أن العلاقة بين الأنا والغير إيجابية قائمة علىالاحترام والتكامل والتعاون والتواصل، وأساس هذا التواصل هواللغة. أما ماكس شيلرفيرى أن العلاقة بين الأنا والغير قائمة على التعاطف الوجداني والمشاركة العاطفيةالكلية مع الغير، ولا تقوم على التنافر أو البغض والكراهية. في حين يرى جيل دولوزأن العلاقة التواصلية بين الأنا والغير في المجال المعرفي البنيوي قائمة علىالتكامل الإدراكي.

3.
التواصل من المنظور السيميائي:

تندرج تحت إطارسيميولوجيا التواصل أبحاث كل من برييطوPrieto وجورج مونان Mounin وبويسنس Buyssens ومارتينيه Martinet وغيرهم. وهؤلاء جميعا يتفقون على أن العلامة السوسيرية تتشكل منوحدة ثلاثية وهي: الدال والمدلول والقصد. وهم يركزون كثيرا في أعمالهم على الوظيفةالتواصلية. ولاتختص هذه الوظيفة التواصلية بالرسالة اللسانية المنطوقة فحسب، بلتوجد في أنظمة غير لسانية أخرى كالإعلانات والشعارات والخرائط واللافتات والمجلاتوالنصوص المكتوبة وكل البيانات التي أنتجت لهدف التواصل. وتشكل كل الأنماط المذكورةعلامات، ومضامينها رسائل أو مرسلات MESSAGES.

وهكذا يقصي أنصار سيميولوجياالتواصل ذلك النوع من سيميولوجيا الدلالة التي تدرس البنيات التي تؤدي وظائف غيروظيفية كما لدى رولان بارت مثلا.

ونستشف من خلال أبحاث ورؤى مؤسسي هذاالاتجاه أنهم يميلون إلى دراسة أنساق العلامات ذات الوظيفة التواصلية.

وبناءعلى ذلك، فإن أفضل تناول حسب برييطو هو القول: " إن ما يميز الوظيفة التواصلية عنالوظيفة الدلالية حصرا هو القصدية التي تتجلى في الأولى لا في الثانية"6.

إنالسيميولوجيا حسب بويسنس عليها" أن تهتم بالوقائع القابلة للإدراك، المرتبطة بحالاتالوعي، والمصنوعة قصدا من أجل التعريف بحالات الوعي هذه. ومن أجل أن يتعرف الشاهدعلى وجهة التواصل في رأي بويسنس هو ما يكون موضوع السيميولوجيا"7.

وقد ساهمأنصار هذا الاتجاه في بلورة المشروع السوسيري القاضي بأن اللغة هي نظام للتواصل كمافعل كل من تروبوسكوي ومارتينيه وبرييطو، حيث اهتموا اهتماما بالغا بدراسة أنظمةالاتصال غير اللغوية وطرائق توظيفها كالإعلان وأرقام الحافلات... وغيرها منالأنظمة، بل تطور هذا الاتجاه أساسا بتطور علم الدلالة.

4-
أنمـــاطالتواصل:

ومن أنماط الاتصال الإنساني التواصل مع الذات والذي يكون عن طريقوعي الذات بوجودها وكينونتها وتحقيق إنيتها الأنطولوجية ووعيها الداخلي بالعالم،والتواصل بين الفرد والآخرين؛ لأن إدراك الآخر يساعد الفرد على إدراك ذاته،والتواصل بين الجماعات الاجتماعية الذي يسعى إلى تنمية الروح التشاركية و تفعيلالمبدإ التعاوني وتحقيق التعارف المثمر البناء.

ومن الأنماط التواصليةالأخرى نذكر: التواصل البشري، والتواصل الحيواني ، والتواصل الآلي ( السيبرينطيقا)،والتواصل الإعلامي ( تكنولوجيا الاتصال بصفة عامة).

5.
مفاهيم التواصلومكوناته الأساسية:

عند الحديث عن التواصل أو أثناء استعمال هذا المفهومبمثابة مقاربة تحليلية أو منهجية إجرائية في استقراء العلاقات التفاعلية أو قراءةالنصوص والخطابات أو فهم الروابط الذهنية والوجدانية والحركية وتفسير أنسقتهاالتبادلية، لابد من استحضار مجموعة من المفاهيم النظرية والعناصر الأساسيةالتطبيقية باعتبارها مكونات جوهرية في عملية التبادل والتفاعل والتأثير. وهذهالعناصر هي:

1.
زمنية التواصل temporalité؛
2.
المكانية أو المحلية localisation؛
3.
السنن أو لغة التواصل( التشفير والتفكيك)code؛
4.
السياقcontexte؛
5.
رهانات التواصلenjeux de communication ؛
6.
التواصلاللفظي( اللغة المنطوقة) والتواصل غير اللفظي(اللغة الجسدية والسيميائية) communication verbale et non verbale؛
7.
إرادة التواصل( بث الإرسالية قد تكونإرادية أو غير إرادية)volonté de communication؛
8.
الفيدباك أو التغذيةالراجعة، وذلك بتصحيح التواصل وتقويته وتدعيمه وإنهائهfeedback ؛
9.
شبكةالتواصل.Réseau le.

6-
نماذج من التواصل:

هناك كثير من نظرياتالتواصل التي حاولت مقاربة وفهم نظام التراسل والاتصال؛ لذلك من الصعب استقراء كلالنظريات التي تحدثت عن التواصل، بل سنكتفي ببعض النماذج التواصلية المعروفة قصدمعرفة التطورات التي لحقت هذه النظريات والعلاقات الموجودة بينها:

1.
النموذج الأول: النموذج السلوكي:

وضع هذا النموذج المحلل النفسي الأمريكيلازويلLasswell D . Harold سنة 1948 م، ويتضمن هذا النموذج مايلي:

من؟ ( المرسل)، يقول ماذا؟( الرسالة)، بأية وسيلة؟ ( وسيط)، لمن؟ ( المتلقي)، ولأي تأثير( أثر).

ويرتكز هذا النموذج على خمسة عناصر، وهي:المرسل و الرسالة والقناةوالمتلقي و الأثر.

ويمكن إدراج هذا النموذج ضمن المنظور السلوكي الذي انتشركثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقوم على ثنائية المثير والاستجابة. ويتمظهرهذا المنظور بجلاء عندما يركز لازويل على الوظيفة التأثيرية، أي التأثير على المرسلإليه من أجل تغيير سلوكه إيجابا وسلبا.

ومن سلبيات هذا النظام أنه يجعلالمتقبل سلبيا في استهلاكه، ويمتاز منظوره بتملكه للسلطة في استعمال وسائل التأثيرالإشهاري في جذب المتلقي والتأثير عليه لصالح المرسل.

وللتمثيل: فالمدرس هوالمرسل، والتلميذ هو المتلقي، والرسالة ما يقوله المدرس من معرفة وتجربة، ثم الوسيطالذي يتمثل في القنوات اللغوية وغير اللغوية، والأثر هو تلك الأهداف التي ينويالمدرس تحقيقها عبر تأثيره في التلميذ.

2.
النموذج الثاني: النموذجالرياضي:

وضع هذا النموذج في سنة 1949م من قبل المهندس كلود شانون Claude Shannon والفيلسوف وارين وايڤر Waren Weaver. ويركز هذا التصور الرياضي على المرسلوالترميز والرسالة وفك الترميز والتلقي.

ويعتمد هذا النظام التواصلي علىعملية الترميز أو التشفير، فالمرسل هو الذي يمكن أن يتقمص دوره المدرس حيث يرسلرسالة معرفية وتربوية مسننة بلغة وقواعد ذات معايير قياسية أو سماعية يتفق عليهاالمرسل والمرسل إليه الذي يتمثل في التلميذ أو الطالب. فالمدرس يرسل خطابه التربويعبر قناة لغوية أو شبه لغوية أو غير لغوية نحو التلميذ/ الطالب الذي يتلقى الرسالة،ثم يفك شفرتها ليفهم رموزها عن طريق تأويلها واستضمار قواعدها.

يهدف هذاالنموذج إلى فهم الإرسال التلغرافي، وذلك بفهم عملية الإرسال من نقطة Aإلى B بوضوحدقيق دون إحداث أي انقطاع أو خلل في الإرسال بسبب التشويش. ويتلخص مبدأ هذا النظامبكل بساطة في:" يرسل مرسل شفرته المسننة إلى متلق يفك تلك الشفرة". ومن ثغرات هذاالنظام الخطي أنه لا يطبق في كل وضعيات التواصل، خاصة إذا تعدد المستقبلون، وانعدمالفهم الاجتماعي والسيكولوجي أثناء التفاعل التواصلي بين الذوات المفكرة، كما يبقىالمتقبل سلبيا في تسلمه للرسائل المشفرة.

3.
النموذج الثالث: النموذجالاجتماعي:

هو نموذج ريلي وريلي Riley &Riley الذي يعتمد على فهم طريقةانتماء الأفراد إلى الجماعات. فالمرسل هو المعتمد، والمستقبل هم الذين يودعون فيجماعات أولية اجتماعية مثل: العائلات والتجمعات والجماعات الصغيرة...

وهؤلاءالأفراد يتأثرون ويفكرون ويحكمون ويرون الأشياء بمنظار الجماعات التي ينتمون إليها،والتي بدورها تتطور في حضن السياق الاجتماعي الذي أفرزها. ويلاحظ أن هذا النموذجينتمي إلى علم الاجتماع ولاسيما إلى علم النفس الاجتماعي، حيث يرصد مختلف العلاقاتالنفسية والاجتماعية بين المتواصلين داخل السياق الاجتماعي. وهذا ما يجعل هذاالنظام يساهم في تأسيس علم تواصل الجماعة la communication de groupe.

ومنالمفاهيم التواصلية المهمة داخل هذا النظام نجد: مفهوم السياق الاجتماعي والانتماءإلى الجماعة.

4.
النموذج الرابع: النموذج اللساني:

إن الذي وضع هذاالنموذج اللساني الوظيفي هو رومان جاكبسون Roman Jackobson في سنة 1964 م , حينماانطلق من مسلمة جوهرية وهي أن التواصل هو الوظيفة الأساسية للغة، وارتأى أن للغةستة عناصر وهي: المرسل والرسالة والمرسل إليه والقناة والمرجع واللغة. ولكل عنصروظيفة خاصة: فالمرسل وظيفته انفعالية تعبيرية، والرسالة وظيفتها جمالية من خلالإسقاط محور الاستبدال على محور التركيب، والمرسل إليه وظيفته تأثيرية وانتباهية،والقناة وظيفتها حفاظية، والمرجع وظيفته مرجعية أو موضوعية، واللغة أو السننوظيفتها(ه) لغوية أو وصفية.

وهناك من يزيد الوظيفة السابعة للخطاب اللسانيوهي الوظيفة الأيقونية بعد ظهور كتابات جاك دريدا J . Derrida والسيميوطيقاالتواصلية.

ولتوضيح مفاهيم جاكبسون أكثر نعود إلى المجال التربويوالديداكتيكي للتمثيل والشرح. فقد قلنا سابقا إن من وظائف التواصل لدى رومانجاكبسون:

1.
الوظيفة المرجعية: يلتجئ المدرس هنا إلى الواقع أو المرجع لينقلللتلميذ أو الطالب معلومات وأخبارا تحيل على الواقع، أي تهيمن هنا المعارف الخارجيةوالمعارف التقريرية المرتبطة بمراجع وسجلات كالمرجع التاريخي والمرجع الأدبيوالمرجع اللساني والمرجع الجغرافي...
2.
الوظيفة التعبيرية:تتدخل في هذه الوظيفةذات المرسل وذلك من خلال انفعالاته وتعابيره الذاتية ومواقفه وميولاته الشخصيةوالإيديولوجية.
3.
الوظيفة التأثيرية: تنصب على المتلقي، ويهدف المرسل من ورائهاإلى التأثير على مواقف أو سلوكيات وأفكار المرسل إليه؛ لذلك يستعمل المدرس لغةالترغيب والترهيب والترشيد من أجل تغيير سلوك المتعلم.
4.
الوظيفة الشعرية أوالجمالية: إن الهدف من عملية التواصل هو البحث عما يجعل من الرسالة رسالة شعرية أوأجناسية جمالية، وذلك بالبحث عن الخصائص الشعرية والبويطيقية مثل: التركيز علىجمالية القصيدة الشعرية ومكوناتها الإنشائية والشكلانية.
5.
الوظيفة الحفاظية: إن التركيز على القناة يكون بلاشك من أجل تمديد التواصل والحفاظ عليه ، كأن يستعملالمدرس خطابا شبه لغوي أو لغوي أو حركي من أجل تمديد التواصل واستمراره بين المدرسوالتلاميذ/ الطلبة، وذلك باستعمال بعض المركبات التعبيرية التالية: ( أرجوكمانتبهوا إلى الدرس!)، ( انظروا هل فهمتم؟)، ( اسمع أنت!) الخ
6.
الوظيفةالميتالغوية أو الوصفية: يركز المدرس عبر هذه الوظيفة على شرح المصطلحات والمفاهيمالصعبة والشفرة المستعملة مثل شرح قواعد اللغة والكلمات الغامضة الموجودة في النصوالمفاهيم النقدية الموظفة أثناء الشرح.

وقد تأثر جاكبسون في هذه الخطاطةالتواصلية بأعمال فرديناند دوسوسيرFerdinand. De Saussure والفيلسوف المنطقي اللغويجون أوسطين John L. Austin.

5.
النموذج الخامس: النموذجالإعلامي:

يقوم هذا النموذج الإعلامي على توظيف التقنيات الإعلامية الجديدةكالحاسوب والإنترنت والذاكرة المنطقية المركزية في الحاسوب. ومن مرتكزات هذاالنموذج: خطوة الاتصال وخلق العلاقة الترابطيةhase de mise en contact/ connexion، و خطوة إرسال الرسائل؛ وخطوة الإغلاق phase de cl*ôture/déconnexion، أيإن هذا النموذج الإعلامي يستند إلى ثلاث مراحل أساسية: الشروع في الاتصال ،والتشغيل، وإيقاف التشغيل.

د- النموذج السادس: النموذج التربوي:

يتكئالتواصل التربوي على المرسل ( المدرس)، والرسالة ( المادة الدراسية)، والمتلقي ( التلميذ)، والقناة( التفاعلات اللفظية وغير اللفظية)، والوسائل الديداكتيكية ( المقرر والمنهاج ووسائل الإيضاح والوسائل السمعية البصرية...)، والمدخلات( الكفاياتوالأهداف)، والسياق( المكان والزمان والمجزوءات)، والمخرجات( تقويم المدخلات)،والفيدباك ( تصحيح التواصل وإزالة عمليات التشويش وسوء الفهم).

7.
التواصــــل اللفظــــي:

يشغل التواصل اللغوي الذي يكون بين الذوات المتكلمةوحدات فونيمية ومقطعية مورفيمية ومعجمية وتركيبية، أي يعتمد التواصل اللغوي علىأصوات ومقاطع وكلمات وجمل.

ويتم التواصل اللغوي عبر القناة الصوتية السمعية،أي يتكئ أساسا على اللغة الإنسانية، ويتحقق سمعيا وصوتيا. فاللغة المنطوقة لهامستوى لغوي هو عبارة عن نظام من العلامات الدالة ( علاقة الدال بالمدلول بالمفهومالسوسيري)، والتي هي نسق من الوحدات نسميها وحدات الخطاب.

وتتفق البنيويةوالتداولية على اعتبار اللغة وسيلة للتواصل على عكس التوليدية التحويلية بزعامةنوام شومسكي التي ترى أن اللغة ذات وظيفة تعبيرية، و تقر بأن التواصل ما هو إلاوظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة.

وترى المدرسة الوظيفية الأوربيةبشقيها: الشرقي والغربي أن اللغة الإنسانية وظيفتها التواصل، فأندري مارتيني يعرفاللغة كما قلنا سابقا على أنها تمفصل مزدوج وظيفتها الأساسية هي التواصل، ويعنيبالتمفصلين: المونيمات والفونيمات. وتذهب سيميولوجية التواصل إلى تبني وظيفةالمقصدية ، ويمثل هذا الاتجاه جورج مونان وبرييطو وبويسنس والمدرسة الوظيفية بصفةعامة.

فالذي يريد أن يدرس اللغة كأداة للتواصل ينبغي له أن يستند إلى علوملسانية كعلم الدلالة والسيميوطيقا والسيميولوجيا. ويقول نادر محمد سراج:" يتواصلمتكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر، وذلك مرده إلى أن كلا منهم يمتلكويستخدم في البيئة اللغوية عينها، نسق القواعد نفسه، الأمر الذي يتيح له سهولةاستقبال وإرسال وتحليل المرسلات اللغوية كافة، هذا ما يحدث مبدئيا عبر ما نسميه شكلالتواصل الكلامي Communication verbal وهو الشكل الأكثر انتشاراواستعمالا"8.

وكانت الوظيفة التواصلية في اللغة معروفة عند النحاة وعلماءاللغة العربية القدامى، فابن جني يقول في باب " القول على اللغة وما هي": أما حدها: فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"9.

أما علماء اللغة، فقد عرضوابدورهم لموضوع وظيفة اللغة، فاتفق أغلبهم على أن وظيفتها هي التعبير والتواصلوالتفاهم، ويبرز في هدا المجال الألسني الفرنسي أندريه مارتيني الذي يؤكد- بدورهومن خلال كلامه عن اللغة الإنسانية باعتبارها مؤسسة من المؤسسات الإنسانية- أن هذهالأخيرة " إنما تنتج عن الحياة في المجتمع، وهذا هو تماما حال اللغة الإنسانية التيتدرك بشكل أساسي كأداة للتواصل".10 ويسير في هذا الاتجاه لسانيو التيار البراگماتيكڤان ديك وهاليداي.

ولقد حظي التواصل اللفظي باهتمام الباحثين ولاسيما فيالمجال البيداغوجي الذي اتخذ ميدانا تطبيقيا؛ لأن التلفظات اللغوية قادرة على تمثيلمجموع التفاعلات السلوكية العلاقات الموجودة بين المدرس والتلاميذ. وقد حاولدولاندشير وبايير أن يحللا السلوكات اللفظية في القسم من أجل معرفة التواصلالوجداني والمعرفي، وذلك في كتابهما القيم" كيف يعلم المدرسون: تحليل التفاعلاتاللفظية في القسم"11.

ومن الشبكات التي خصصت لتحليل التفاعلات اللفظية داخلالقسم هي شبكة فلاندرس Flanders Interaction Analysis Categories ، ويشار إليهاعادة ب(FIAC)، أي مراقي فلاندرس لتحليل التفاعلات اللفظية بين المدرسوالتلاميذ.

8.
التواصـــــل غير اللفـــظي:

تقوم القناة البصرية بدورأساسي في التواصل بصفة عامة والتواصل البيداغوجي بصفة خاصة. ذلك أن فعل التواصل بينمدرس وتلاميذ/طلبة لا يوظف فقط نسقا لغويا منطوقا فحسب، بل إنه يستعمل نظاما منالإشارات والحركات والإيماءات التي تندرج فيما نسميه بالتواصل غير اللفظي وهو:" مجموع الوسائل الاتصالية الموجودة لدى الأشخاص الأحياء والتي لا تستعمل اللغةالإنسانية أو مشتقاتها غير السمعية ( الكتابة، لغة الصم والبكم)"12.

وتستعمللفظة التواصل غير اللفظي للدلالة على " الحركات وهيئات وتوجهات الجسم وعلى خصوصياتجسدية طبيعية واصطناعية، بل على كيفية تنظيم الأشياء والتي بفضلها تبلغمعلومات"13.

وهكذا، فإن ملاحظة عادية لما يجري داخل الفصل الدراسي من سلوكاتغير لفظية بين المدرس والتلاميذ تشكل كنزا من المعلومات والمؤشرات على جوانبانفعالية ووجدانية، كما أنها تكشف عن المخفي والمستتر في كل علاقة إنسانية. ويقولفرويد:" من له عينان يرى بهما يعلم أن البشر لايمكن أن يخفوا أي سر، فالذي تصمتشفتاه يتكلم بأطراف أصابعه، إن كل هذه السموم تفضحه"14.

من هنا يساعدناالتواصل المرئي على تحديد الجوانب التالية:

*
تحديد المؤشرات الدالة عنالانفعالات والعلاقات الوجدانية بين المدرس والتلاميذ؛
*
تعزيز الخطاب اللغويوإغناء الرسالة عن طريق تدعيمها بالحركات ضمان استمرارية التواصل بين المدرسوالتلاميذ؛
*
يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خلالنظام الحركات والإشارات الجسدية.

وقد حدد هاريسون Harrisson بعض العناصرالتي تتصل بالتواصل غير اللفظي وحصرها في:

*
كل التعابير المنجزة بواسطةالجسد( حركات، ملامح...)، وتنتمي إلى شفرة الإنجاز؛
*
العلامات الثقافية كطريقةاللباس وتتمثل في الشفرة الاصطناعية؛
*
استعمال المجال والديكور وتمثل الشفرةالسياقية؛
*
الآثار التي تحدثها أصوات وألوان مثل: نظام إشارات المرور وهيالشفرة الوسيطة.15

3-
مستويات خطابية لابد منها:

هناك مجموعة منالآليات والمفاهيم الإجرائية التي ينبغي الاعتماد عليها في تحليل أنظمة التواصلوهي:

1.
العلامة: وهي في اللغة العلاقة بين الدال ( صورة صوتية) والمدلول( مفهوم ذهني)، فكل خطاب منطوق أو مكتوب هو نسق من العلاقات اللغوية. أما العلاماتغير اللغوية فهي نظام الإشارات غير المنطوقة كعلامات المرور أو المؤشرات والرموزالمرئية والملصقات والإشهار والصورة وغيرها.
2.
الأيقونة: وهي تمثيل محسوس لشيءقصد تبيان خصائصه وسماته مثل: صورة شخص أو خريطة بلد.
3.
المؤشر Indice: وهو مايخبر عن شيء مستتر كالدخان فهو مؤشر على النار إذا لم تكن مرئية، وعلامات الوجه قدتكون مؤشرا على فرح أو غضب أو حزن.
4.
الرمزSymbole: وهو كل علامة تشير إلى هويةشيء مثل: الحمامة رمز للسلام، و الميزان رمز للعدالة.

ولقد حظي التواصل غيراللفظي مؤخرا باهتمام كثير من الدارسين مع تطور اللسانيات والسميوطيقا وعلم النفسالاجتماعي حيث:" تزايد اهتمام المجتمع العلمي في السنوات الماضية بموضوع التواصلالإشاري أو التواصل غير الكلامي الذي أضحى ميدانا خصبا للحلقات والأبحاث والمؤلفات،فبالإضافة إلى آلاف المقالات وعشرات الكتب التي صدرت...، فقد نظمت مئات الحلقاتالدراسية التي خصصت لاستجلاء معالم هذا العلم المستجد ولإبراز مجالاته التطبيقيةالعملية"16.

إذاً، فالتواصل غير اللفظي هو تواصل بدون استخدام للغةالإنسانية أي بدون تحقق سمعي وصوتي. ومن ثم، فالحقبة المعاصرة" هي التي شهدت توسعمفهوم التواصل المتعدد القنوات من خلال أعمال وتأملات علماء العادات وعلماء الإنسانوعلماء الاجتماع إضافة إلى علماء النفس وأطباء الأمراض العقلية، وكان قد سبق لبعضعلماء الإنسان أن أكدوا على تعدد قنوات الاتصال في بداية القرن"17.

وعليه،فإن التواصل غير اللفظي مهم في تمتين العلاقات الإنسانية والبشرية ، ويساهم في كشفرضى الأفراد وانفعالاتهم داخل جماعات معينة، واستخلاص مميزاتهم الثقافية والحضاريةوتبيان مقوماتهم السلوكية والحركية في التعامل مع الأشياء والمواقف داخل سياقاتمعينة. بيد أن الخطاب الإشاري أو الحركي غير كاف لتأدية كل الرسائل بوضوح وشفافية،فلابد أن يعزز بالتفاعلات اللفظية التي تزيل كل إبهام وتشويش عن كل إرسالية غيرلفظية في مجال التواصل. ومن ثم، فالمعرفة الضمنية" بالدلالات الاجتماعية كنسق إشاريما ضرورية وأساسية لنجاح أية عملية تواصل إنساني، وبالرغم من ذلك، فإن التواصلالإشاري يبقى عرضة لسوء التفسير أو اللبس، وصولا إلى سوء التقدير، حتى أيضا، لأفرادالبيئة اللغوية الواحدة، وما يمكن استخلاصه كملاحظة أولية في هذا المجال هو أنه لايمكن للتواصل الإشاري أن يعتمد كقناة وحيدة وأساسية للتخاطب، بل يجب أن تكونالأولوية للغة المنطوقة التي تؤدي في أغلب الحالات والظروف إلى اتصال أوضح، وأكثردقة وأسرع دلالة، وبالتالي، إلى تفاهم أفضل"18.

ولقد ركز الباحثون فيدراساتهم وأبحاثهم كثيرا على التواصل اللفظي مهملين السلوكات غير اللفظية وشبهاللغوية:" وإذا كان التواصل اللفظي وغير الكلامي يشكلان إحدى سمات السلوك البشريفمن باب أولى أن نعيد إلى الأذهان أن الباحثين ركزوا جهودهم سابقا على الاعتناءبشكل أساسي بالجوانب الكلامية لهذا التواصل متجاهلين، وحسب التقليد، الرموز غيرالكلامية التي كانوا ينسبونها عادة للتنوع الصوتي( كيفية صوتية، تنغيم، وقفة) أولغير الصوتي( نظرة، تعبير وجهي، إشارات، وصفة الجسم وحركته)، بالرغم من تزايدالاهتمام الموجه إلى التحليل التحادثي(Indicatives) إما للقواعد الاجتماعية وإماللحالات النفسية للمرسل"19.

ومن هنا، فإن المقاربة الوظيفية لدور هذه الرموزغير الكلامية في التفاعل الاجتماعي هو " ما ينبغي التركيز عليه والسعي لإبرازه فيأية دراسة مستقبلية من هذا النوع، وإذا كان الكلام يشكل النشاط المركزي لنمطالتفاعل الإنساني الذي نسميه عادة بالتحادث، فإن الأهمية تكمن في اعتبار هذاالتحادث ورؤيته كظاهرة للاتصال المتعدد القنوات، والذي يشتمل على علائق متبنية جداللرموز كلامية كانت أم غير كلامية.

إن ما يجب أن نخلص إليه في هذه المقاربةالتي سعينا من خلالها أن أية دراسة للرموز غير الكلامية يجب أن لا يتم بشكل منعزل،كعزل القناة البصرية عن القناة السمعية، بل بالأحرى ينبغي إيلاء وظائف الأشكالالعام (Configurations) المتعددة القنوات للرموز أهمية كبرى نظرا لدورها المميز فيهذا المجال"20.

وعليه، يمكن للتواصل أن يتحقق" أيضا بواسطة أشكال تخاطبيةليست بالضرورة كلامية تحل أحيانا محل التواصل الكلامي، لا بل وتصاحبه أحيانا كثيرة. وهذه الأشكال الأخيرة التي تعرف بالتواصل غير الكلامي أو باسم اللغة اللامنطوقة أوغير اللفظية ليست حكرا على الإنسان، بل هي معروفة أيضا لدى الفصائل الحيوانية التييتصل بعضها ببعض عن طريق الأصوات والحركات والإشارات"21.

ويسمح التواصل غيراللفظي بفهم التحفيزات والتفاعلات الإنسانية. وقد كان هذا التواصل غير السلوكي وراءعدة بحوث مهمة تعتمد على تقنيات الفيديو وماكينوطوسكوب والحاسوب في مختلف التخصصاتمثل: علم النفس وعلم النفس الاجتماعي واللسانيات والسميوطيقا والأنتروبولوجياوالإثنولوجيا (علم العادات).

وقد وقع تقدم ملحوظ ومعتبر في هذه المجالات علىعكس البيداغوجيا التي هي بعيدة عن هذا المجال، ولم تخض غمار هذا البحث إلامؤخرا.

ولقد قدم علماء الإثنولوجيا أبحاثا مهمة في هذا الصدد، فحضور التواصلغير اللفظي يتجلى بشكل واضح في المسرح والميم والموضة والرقص والرسم والنقش والنحت،غير أن السلوكات غير اللفظية لم تثر انتباه المفكرين والباحثين قديما وحديثا علىالرغم من استعمالهم لها.

وإذا كانت الأنساق الدلالية تنقسم إلى قسمينكبيرين: أنساق دلالية طبيعية وأنساق دلالية اجتماعية، فإن الأنساق الدلاليةالاجتماعية تنقسم إلى أنساق دلالية اجتماعية لفظية وأنساق دلالية اجتماعية غيرلفظية، فالأنساق الدلالية الطبيعية هي تلك الأنساق التي توجد في حضن الطبيعة. ومنسمات هذه الأنساق أنها غير مؤسسية، فالإنسان هو الذي وظفها داخل مجال الدلائل وأسندإليها دلالات معينة، أما الأنساق الدلالية الاجتماعية فهي:" في نفس الآن الأنسنةوكل ما نتج عنها، أي إنها ما قبل التاريخ الإنساني والتاريخ الإنساني منظورا إليهمن زاوية السيميوطيقا العامة"22.

أما الأنساق الدلالية الاجتماعية، فهي تلكالأنساق التي تتميز بكونها مؤسسية وأنها أيضا من نتاج عمل الإنسان، وهي تتفرع إلىأنساق لفظية وغير لفظية. فاللفظية هي" تلك الأنساق التي لها لغات ولها خصوصياتهاالمتنوعة وإعدادات مثل: الأنواع السننية. وتقوم هذه الأنواع السننية على التمايزاتالتي يحدثها الإنسان في مادة الصوت"23.

ومن الواضح أن روسي لاندي" يقصي منهذا النوع من الأنساق اللغة الشعرية واللغات التقنية واللغة الطقوسية واللغاتالإيديولوجية المختلفة ولغة الرياضيات. وعلاوة على ذلك، فإن مفهوم الأنساق اللفظيةعنده لا يأخذ بعين الاعتبار تمايز بين ماهو منطوق وماهو مكتوب، فهذا المفهوميشملهما معا"24.

أما الأنساق الدلالية الاجتماعية غير اللفظية فهي تلك التي " لا تستعمل أنواعا سننية قائمة على أصوات بها، ولكنها تستعمل أنواعا سننية قائمةعلى أنماط أخرى من الأشياء، هاته الأشياء الأخرى التي يسميها بالأجسام هي إما أشياءتوجد قبليا في الطبيعة وإما أن الإنسان أنتجها لغايات أخرى، وإما أنها أنتجت لغرضأن تستعمل بوصفها دلائل، أو أنها استعملت باعتبارها دلائل في نفس الفعل الذي نتجتفيه"25.

وتتكون الأنساق غير اللفظية التي لها وظيفة تواصلية ممايلي:

1.
حركات الأجسام Kinesic وأوضاع الجسد Postural: مثل التواصلبالإشارات وتعابير الوجه وتعابير أخرى وأوضاع الجسد....
2.
الإشارات الدالة علىالقرب Proxémique: يتعلق باستعمال الإنسان للمجال المكاني؛
3.
التواصل اللمسيوالشمي والذوقي والبصري والسمعي إلى درجة نستطيع فيها إبعاد أنساق دلالية غير لفظيةأخرى قائمة أيضا على السمع والبصر؛
4.
التواصل الشيئي: هي الأنساق القائمة علىأشياء يروضها الإنسان وينتجها ويستعملها: ثياب وحلي وزخارف وأدوات مختلفة وآلاتبناء من كل نوع وموسيقا وفنون رمزية؛
5.
التواصل المؤسساتي: المقصود به كل أنواعالتنظيمات الاجتماعية وبالتحديد كل الأنساق المتصلة بروابط القرابة والطقوسوالأعراف والعادات والنظم القضائية والديانات والسوق الاقتصادي.26

ويمكنتقسيم هذه الأنساق إلى قسمين:

القسم الأول: عبارة عن أنساق دلالية عضويةتحيل على جسم الإنسان أي العضوية الإنسانية ‹ حركات الأجسام والموضعية والحواسالخمس›، أما القسم الثاني فيحتوي على أنساق دلالية أداتية، أي إن الإنسان يقومبسلوك بواسطة شيء، وهذه الأشياء خارجة عن العضوية الإنسانية.

وفي المقابل،يقسم السيميوطيقي الإيطالي أومبرطو إيكو Umberto Eco الأنساق الدلالية إلى ثمانيةعشر نسقا. وينطلق في هذا التصنيف من الأنساق التواصلية التي تبدو في الظاهر أكثرطبيعية وعفوية، أي أقل من خاصيتها الثقافية وصولا إلى العمليات الثقافية الأكثرتعقيدا. وهذه الأنساق هي:

1.
سيميوطيقا الحيوان: ويخص الأمر بالسلوكاتالمتصلة بالتواصل داخل الجماعات غير الإنسانية، وبالتالي، الجماعات غيرالثقافية؛
2.
العلاقات الشمية: كالعطور مثلا؛
3.
التواصل اللمسي: كالقبلةوالصفعة؛
4.
سنن الذوق: ويتعلق الأمر بممارسة الطبخ؛
5.
العلامات المصاحبةلما هو لساني Paralinguistique: كأنماط الأصوات في ارتباطها مع الجنس والسن والحالةالصحية... ومثل العلامات المصاحبة للغة كالكيفيات الصوتية ( علو الصوت ومراقبةالعملية النطقية...) وكالصوتيات ( الأمزجة الصوتية: الضحك والبكاءوالتنهدات)؛
6.
السيميوطيقا الطبية: وهي تبين لنا علاقة الأعراض بالمرض؛
7.
حركات الأجسام والإشارات الدالة على القرب: ويتعلق الأمر باللغات االإشاريةالحركيةGestuels ؛
8.
الأنواع السننية الموسيقية؛
9.
اللغات الرمزية أوالمشكلنة Formalisis: مثل الجبر والكيمياء وسنن الشفرةMorse؛
10.
اللغاتالمكتوبة والأبجديات المجهولة والأنواع السننية السرية؛
11.
اللغات الطبيعية: مثل اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية؛
12.
التواصل المرئي: مثلالأنساق الخطية واللباس والإشهار؛
13.
نسق الأشياء: مثل المعمار وعامةالأشياء؛
14.
بنيات الحكي والسرد؛
15.
الأنواع السننية الثقافية: مثل آدابالسلوك والتراتبات والأساطير والمعتقدات الدينية القديمة؛
16.
الأنواع السننيةوالرسائل الجمالية: مثل علم النفس والإبداع الفني والعلاقات بين الأشكال الفنيةوالأشكال الطبيعية؛
17.
التواصل الجماهيري: مثل: علم النفس وعلم الاجتماعوالبيداغوجيا ومفعول الرواية البوليسية والأغنية؛
18.
الخطابة La rhéthorique.27

تلكم هي أهم الآليات التواصلية التي تتعلق بلسانيات التواصلاللفظي وغير اللفظي ، وهي أساسية في تفكيك الخطابات كيفما كانت وتركيبها منجديد.

9.
التواصل البيداغوجي والديداكتيكي:

1.
التواصلاللفظي:

تستند العملية الديداكتيكية الناجحة داخل الفصل الدراسي إلى تفعيلالحوار وتنشيط الدرس من خلال صياغة أسئلة ووضعيات متدرجة من البساطة نحو الصعوبة منأجل التحقق من الكفايات المسطرة والأهداف المرسومة من قبل المدرس والمنهاجالمدرسي.

وتتم عملية التواصل داخل الفصل الدراسي المغلق بين مرسل وهو المدرسومتلق وهو التلميذ المتعلم، فيقوم المدرس بتقديم المادة الدراسية وفق أهداف وكفاياتمحددة بدقة، وهذه الأهداف والكفايات قد تكون عامة أو نوعية أو خاصة أو إجرائية. ويقسم المدرس المادة الدراسية التي تعتبر في النموذج التواصلي عبارة عن رسالةتربوية إلى مراحل ووحدات دراسية وأنشطة تربوية مع احترام وحدة التمهيد ووحدة العرضووحدة الخاتمة، ويكون تقطيع المادة في انسجام كلي مع التقويم القبلي والتقويمالتكويني والتقويم التشخيصي.

هذا، ويوجه المدرس المادة الدراسية التي تكونجزءا من المقرر الدراسي أو المنهاج التعليمي إلى متعلم قد يكون صفحة بيضاء أو وارثالمجموعة من القدرات الفطرية الذهنية التي تؤهله للتعلم والاكتساب عبر مجموعة منالوسائل الديداكتيكية المادية والمعنوية كاستخدام الكتب والوثائق والوسائط السمعيةالبصرية والشروح المستفيضة والمذكرات الوزارية الخ.

ولا ينجح الدرسالديداكتيكي إلا إذا أخضع للتشخيص والتقويم والتغذية الراجعة Feed Back من أجل دعمالعملية التعليمية التعلمية، وتصحيح الأخطاء المنهجية وذلك بملء الفراغ الذي أثرسلبا على مستوى العملية الدراسية.

ويستهدف التواصل البيداغوجي الديداكتيكيفهم آليات نقل الخبرات والتعلمات والقيم والأنشطة الحركية من المدرس إلى المتعلموالعمل على تفسيرها وضبط طرائق التفاعل والتبادل والحوار. ويتخذ التواصل البيداغوجيتمظهرات ثلاثة:

1.
التواصل المعرفي:

التواصل المعرفي هو الذي يهدفإلى نقل واستقبال المعلومات، وهو تواصل يركز على الجوانب المعرفية ومراقيها، أوبتعبير آخر إنه يركز على الإنتاجية والمردودية. ويهدف هذا التواصل إلى نقل الخبراتوالتجارب إلى المتلقي وتعليمه طرائق التركيب والتطبيق والفهم والتحليل والتقويمبصفة عامة. إنه يهدف إلى تزويد المتلقي بالمعرفة والمعلومات الهادفة. ومن ثم، يقومهذا التواصل على تبادل الآراء ونقل المعارف وتجارب السلف إلى الخلف.

ويساهمالسلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل المعرفي إذا تم احترام شروط السيكولوجيا التيتحيط بالمتلقي أو يعيشها. فالرفع من الإنتاجية المعرفية لايتم إلا عبر سلوكات لفظيةديمقراطية تعتمد على روح المشاركة واللاتوجيهية والتسيير الذاتي والتفاعلالديناميكي البناء، وعبر سلوكات لفظية وغير لفظية مثل: حركات التنظيم والحركاتالديداكتيكية وحركات التقويم والتمجيد. وهكذا لايمكن عزل التواصل المعرفي عنالتواصل الوجداني إلا من باب المنهجية ليس إلا. وثمة صنافات بيداغوجية في مجالالتواصل المعرفي كصنافة بلوم Bloom التي تتمثل في المراقي التالية:

2.
المعرفة
3.
الفهم
4.
التطبيق
5.
التحليل
6.
التركيب
7.
التقييم.

2.
التواصل الوجداني:

إن من بين وظائف التواصل التأثير علىالمتلقي سلبا أو إيجابا" فهناك تواصل كلما أمكن لجهاز معين وبالأخص جهاز حي أن يؤثرعلى جهاز آخر بتغيير فعله انطلاقا من تبليغ إرسالية"28.

وبهذا المفهوم، يفيدالتواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام على آخر مثل: تلك العلاقة التي تنبني علىتطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك الآخر. وتعتبر السلوكية من أهمالتياراتالسيكولسانية التي ركزت على الوظيفة التأثيرية؛ لأن التواصل حسب المنظورالسلوكي يرتكز على مفهومي المثير والاستجابة. لذلك، يترك السلوك اللفظي أو غيراللفظي في وجدان المتلقي تأثيرات شعورية تكون لها انعكاسات إيجابية مثل: التعاونوالتماثل والاندماج، وانعكاسات سلبية مثل: التعارض والصراع والتنافس. ومن ثم،فالعمليات الإيجابية" أقوى أثرا وأبقى من العمليات السلبية، وإلا لما بقيتالمجتمعات الإنسانية أو تقدمت نحو الرقي والنهوض، فالصراع والعمليات السالبة عمومامجالها محدود، وكذلك أسلوبها؛ ذلك لأن الحياة تضطر الأفراد بمختلف مصالحهم أومواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم بالآخرين وأن يتخلصوا من الصراع إلى الاندماج أوالتكيف مع البيئة"29.

ويقصد بالتواصل الوجداني في مجال البيداغوجيا اكتسابالميول والاتجاهات والقيم وتقدير جهود الآخرين، وذلك من خلال تفاعله مع المادةالمدروسة واكتسابه الخبرات بأنواعها المباشرة وغير المباشرة.

ولقد خصصللمجال الوجداني صنافات بيداغوجية، ومن بين المهتمين بهذا المجال " كراتهول Krathwol الذي خصص صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة بالمواقف والقيموالاهتمامات والانفعالات والأحاسيس والتوافق والمعتقدات والاتجاهات: فكرية كانت أوخلقية. وهذه المستويات هي:

1.
التقبل
2.
الاستجابة
3.
الحكمالقيمي
4.
التنظيم
5.
التمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة منالقيم.

3 –
الجانب الحسي - الحركي:

يمكن الحديث عن التواصل الحركيوالحسي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني. ويتمظهر هذا التواصل في إطارالسبرينطيقا والآلية والمسرح الميمي والرياضة الحركية...

ويتضمن هذا التواصلفي المجال التربوي" مجموعة متسلسلة من الأهداف تعمل على تنمية المهارات الحركية،واستعمال العضلات والحركات الجسمية."30. ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي نجدصنافة هارو Harrow التي وضعها صاحبها سنة 1972 م. وتتكون هذه الصنافة من ست مراقأساسية، وهي:

1.
الحركات الارتكاسية
2.
الحركات الطبيعية الأساسية
3.
الاستعدادات الإدراكية
4.
الصفات البدنية
5.
المهارات الحركية لليد
6.
التواصل غير اللفظي.

وعليه، ينبني المنهاج الدراسي على تجميع مجموعة منالوحدات الدلالية والخبرات التعلمية في شكل معارف وميولات وجدانية وتداريب حركيةوأنشطة تطبيقية وأسئلة تكوينية في شكل وضعيات كفائية ينبغي أن يترجمها المدرسميدانيا داخل قاعة الدرس بواسطة حوارات في شكل أسئلة وأجوبة وتفاعلات لفظية كلاميةمندمجة في وحدات صوتية ومقطعية وكلمات وجمل تتسم بالاتساق والانسجام الدلاليوالتركيبي.

وقد يكون التواصل في المدرسة التقليدية تواصلا خطيا أحداديالجانب يتجه من المدرس نحو المتلقي، باعتبار أن المدرس يملك المعلومات الجاهزة، وأنالتلميذ صفحة بيضاء يجب أن تنقش ذاكرته بالمعلومات التي يزود بها المدرس التلميذ. وهنا يكون التلميذ مستمعا سلبيا لايحق له الحوار والنقاش والنقد والتفاعل معالمدرس، بل عليه أن يحفظ ويجتر المعلومات المخزنة في الذاكرة. وكل متعلم أخل بواجبهيتعرض للعقاب والرسوب. ومن ثم، يبدو هذا المدرس الذي يستخدم هذه الطريقة التقليديةمدرسا مستبدا يحتكر سلطة الكلام والعقاب والتأنيب وقتل كل فرص الحوار والتفاعلالتشاركي.

وفي المقابل، يمكن الحديث عن التواصل الفعال الذي يكون إما تواصلاعموديا وإما أفقيا وإما تواصلا دائريا وإما تواصلا شبه دائري. ويتكئ هذا التواصلالديمقراطي على الحوار بين التلاميذ فيما بينهم في إطار بيداغوجيا اللاتوجيهية أوالبيداغوجيا المؤسساتية أو البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا الكفايات والمجزوءاتأو البيداغوجيا الإبداعية.

ويتخلى المدرس في هذا التواصل الفعال عن سلطةالتلقين والتعليم واحتكار الكلام ليأخذ صفة المرشد والموجه، إذ يعتمد التلاميذ علىأنفسهم في إعداد الدروس في إطار التعلم الذاتي من أجل إيجاد الحلول الناجعة للإجابةعن كل الوضعيات السياقية التي يواجهونها في الواقع وسوق الشغل .

ويقومالتواصل في الطرق الفعالة على التعلم الذاتي و اللعب والحرية وتعلم الحياة من خلالالحياة، فضلا عن مبدإ الانسجام ومبدإ التبادل المستمر، ومبدإ الإدراك الشامل.31 ومنهنا ، فالتواصل البيداغوجي الفعال هو الذي بتسم بالحرية والتعبير والتبادلوالفعالية.32

ومن جهة أخرى، لن يكون التواصل اللفظي فعالا وناجحا على مستوىالكلام والكتابة إلا من خلال اعتماد أسلوب واضح ومتين ومتسق، واستعمال أسلوب حيمشوق ومثير يستفز المتعلم ويحركه ذهنيا ووجدانيا وحركيا من أجل الإجابة عن الأسئلةالمطروحة داخل الفصل الدراسي، واحترام البناء المنطقي في التواصل الحواري عبر تقسيمالمادة الدراسية بشكل متسلسل ومترابط زمنيا وسببيا مع اختيار القناة المناسبةلتوصيل المعارف والقيم ،وتنمية الأفكار بواسطة الخضوع لمجموعة من المتوالياتوالخطوات المتعاقبة والمتسلسلة في شكل وحدات وأنشطة متراكبة متسقةومنسجمة.

وينبغي أن يتفادى التواصل اللفظي كل الصعوبات والعوائق الباتولوجية ( المرضية) التي تحول دون تحقيق تواصل فعال قد تؤثر سلبا على عملية التراسل بينالمدرس والتلميذ. ونذكر من هذه الصعوبات: الضجيج والتشويش والتمركز على الذات وعدمالانفتاح على الغير، والصعوبات الدلالية الناتجة عن الرسالة المفعمة بالانزياحوالدلالات التضمينية التي تحمل دلالات شعرية موحية متعددة، وتشييء المتعلم وتحويلهإلى كائن سلبي مستلب، وإغفال تمثلات التلاميذ ؛ مما يجعل التواصل داخل الفصلمستحيلا، دون أن ننسى عوائق أخرى كانفصال التلميذ عن عالمه الداخلي والخارجي،وارتكان المدرس إلى الوثوقية والاستغلال، حيث يلتجئ المعلم إلى تقديم معلومات خاطئةللمتمدرس على أنها صحيحة ، يستغل بواسطتها سذاجة التلاميذ وعفويتهم البريئةباعتباره شخصا لايخطىء، ناهيك عن مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها المدرس كاللحنوالتلعثم وارتكاب الأخطاء النحوية والصرفية، والمساهمة في خلق ضعف الثقة في النفسلدى المتمدرسين بسبب تسلطنه واستبداده داخل الفصل، ومنعه للحوار والمناقشات النقديةالبناءة.33

وإذا كان التواصل البيداغوجي يعتمد على ثلاث مرتكزات: المدرسوالمقرر والمتعلم، فلا ينبغي للمدرس أن يركز على نفسه على حساب المقرر والتلميذ ،أو يركز على المقرر على حساب التلميذ والمدرس، أو يركز على التلميذ مع التضحيةبالمقرر وبوجوده الهام داخل العملية الديداكتيكية.
ومن الذين اهتموا كثيرابالتواصل التربوي اللفظي نستحضر كلا من: بازل برنشتاين، ولابوف، وپيير بورديو،وپاسرون، وصوفي مواران، وأوليفيي روبول، وكوكولا، وباير، وطيط.

وعلى العموم،يستدعي التواصل التربوي اللفظي " قيام علاقة ثنائية أو جماعية. والتعلم الناجح هوالمبني على التفاعل والتبادل. ولذلك لايمكن أن نتصور عملية تعليمية- تعلمية ناجحة،ليس فيها تواصل وتفاعل. كما يمكن القول بأن التواصل التربوي داخل فصولنا الدراسية،يكون إما نازلا خطيا أحادي الاتجاه، يقوم على نقل المعلومات والمعارف من الأستاذإلى التلاميذ؛ الشيء الذي يتنافى مع التفاعل والتشارك والحوار؛ وإما تشاركيا يقومعلى حوارات أفقية وعمودية بين الأستاذ والتلاميذ، وبين التلاميذ أنفسهم. وقد تأثرأصحاب التواصل الأحادي، بمنظري الإعلام وبعض النماذج الديداكتيكية التي ترى أن عقلالتلميذ عبارة عن صفحة بيضاء تنطبع بالإحساس والتجربة...؛ أما أصحاب التواصلالتشاركي، فإنهم يستندون إلى نظرية العقل الماقبلي ؛ بمعنى أن التلميذ يتوفر علىأفكار قبلية سابقة على الإحساس والتجربة".34

وعلى أي حال، فالبيداغوجياالإبداعية لابد أن تستند إلى الحوار المتكافئ والتواصل المتعدد الاتجاهات من أجلخلق روح التعاون والشراكة والتشاركية والاندماج داخل فريق تربوي، وتعويد التلميذعلى تقبل الآخر في إطار فلسفة التعايش والتسامح. ولايمكن أن نخلق مجتمعا سويا يؤمنبالتعارف والانفتاح وضرورة التواصل إلا إذا طبقنا أسلوب الحوار في مدارسنا التربويةوفصولنا الدراسية.

2.
التواصل غير اللفظي:

لقد حظي السلوك اللفظيباهتمام الباحثين العرب بصفة عامة والمغاربة بصفة خاصة في المجال التربويوالديداكتيكي وأهملوا السلوكات غير اللفظية، وآن الأوان لإعادة النظر في السلوكاتغير اللفظية في علوم التربية لفهم التواصل في إطار العملية الديداكتيكية من جميعجوانبها ولاسيما الجانب السيكواجتماعي، أي الآثار المعرفية والوجدانية التي تحدثهماالسلوكات غير اللفظية لدى التلاميذ بالمدرسة العربية بصفة عامة والمغربية بصفةخاصة.

لذا على المؤطرين والمفتشين والأساتذة أن يعيروا انتباههم للحركاتالوظيفية والسلوكات غير اللفظية نظرا لأهميتها التربوية والتكميلية والتوضيحيةللسلوكات اللفظية، لأن الحركات المعبرة لم تعد قاصرة على تعويض اللغة الطبيعية، بلهي تكمل مهمتها وتوضحها عن طريق التشخيص والتجسيد. وقد تستقل بنفسها في كثير منالأحيان، ولكن من الأفضل ينبغي أن ينظر إلى هذه السلوكات غير اللفظية بمنظار بنيويكلي، أي كنسق متفاعل مع جميع السلوكات الأخرى.

وعليه، يستخدم كثير منالمدرسين سلوكات غير لفظية بطريقة قصدية أو غير قصدية دون إعارة أي اعتبار لها علىالرغم من أهميتها ووظيفتها الكبرى في أداء الخطاب التعليمي.

هذا، وللسلوكاتغير اللفظية تأثيرات سلبية وإيجابية على مستوى التواصل المعرفي والوجداني. ولمعرفةهذه السلوكات، لابد للمدرس من الاطلاع على أحدث النظريات في علم التواصل واللسانياتوالسيميوطيقا وعلم النفس وعلم الاجتماع ،وكذلك ضرورة الاستمرار في التكوين وإعادةالتكوين مع تجريب الآليات الحديثة في الملاحظة ومشاهدة السلوكات غير اللفظيةكاستخدامه للڤيديو والحاسوب والماكينوطوسكوب الخ...

و يلاحظ أن المدرس يوظففي قسمه أنواعا من الحركات، وكل حركة لها دلالتها ولها تأثيرها في عملية التواصل،وفي التأثير على المتلقي معرفيا ووجدانيا وحركيا. ومن بين هذه الحركات نستحضر: الحركات التعبيرية و الحركات الإشارية والحركات العلائقية المتمثلة في حركاتالتقويم وحركات التلويح باليدين واستخدام خطاب العيون في التأديب أو التعبير أوالتشخيص علاوة على الحركات التي تخص تنظيم القسم دون أن نغفل الحركات التي تتعلقبتنقلات المدرس داخل الفصل الدراسي، وكذلك الحركات الجانبية الزائدة وغير الوظيفيةكالنظر إلى ثيابه ولمس لحيته واللعب بشواربه.

ويبدو أن المدرس الناجح هوالذي يلقي درسه مستعينا بالسلوكات اللفظية وغير اللفظية بشكل متكامل دون فصلها عنبعضها البعض. ويشترط أن تكون هذه السلوكات وظيفية جدا ليكون لها تأثير فعال وإيجابيلدى التلاميذ على المستوى المعرفي ( الإنتاجية والمردودية)، وعلى المستوى الوجداني ( تمثل السلوكات الإيجابية: كالسلوك الهادئ والإحساس بالرضى والارتياح أو بالفرحوالسرور).

وعلى هذا الأساس لابد أن يكون للسلوكات غير اللفظية دور معتبر جدافي المجال التربوي داخل الفصل الدراسي، وينبغي للمتخصصين في علوم التربية أن يولوهاأهمية كبرى للأخذ بها والعمل بمقتضاها نظرا لجوانبها المهمة ولفعاليتها الكبيرة فيتحقيق الأهداف الإجرائية المسطرة وتفعيل الكفايات البيداغوجية المرسومة في بدايةالسنة الدراسية أو في بداية كل حصة أو مجزوءة دراسية، وعليهم أن يخصصوا لهذاالتواصل المعرفي والوجداني المؤدى بواسطة السلوك غير اللفظي حلقات وأبحاثا وندواتجادة لمدارسة هذا الموضوع والخروج بتوصيات وحلول موضوعية قد تخدم المدرس والتلميذعلى حد سواء.

وبناء على ماسبق، فإن البحث في التواصل غير اللفظي يثيرالانتباه على حد قول هنري ديوزيد Henri Dieuzeid إلى الأثر الذي تمارسه الوسائلالسمعية البصرية على التأثيرية والتي لاتسعى فقط إلى تطوير الاستقبالية لدىالتلاميذ ، بل تسعى أيضا إلى إيجاد وضعيات إدراكية جديدة".35

ومن المعلوم أنالمرء يتعلم:

* 1%
بواسطة الذوق؛
* 3.5 %
بواسطة الشم؛
* 1.5 %
بواسطةاللمس؛
* 11%
بواسطة السمع؛
* 83 %
بواسطة البصر.

ومن جهة أخرى فإنهيتذكر:

* 10%
مما يقرؤه؛
* 20%
مما يسمعه؛
* 30%
مما يراه؛
* 50%
مما يراه ويسمعه؛
* 20%
مما يقوله وهو يفعل شيئا.36

وبناء على هذهالمعطيات، فكل النسب المائوية تفرض على الباحث والمهتم إعادة النظر في العمليةالديداكتيكية بمدارسنا العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة بعد تطور علومالتربية واستعانتها بمناهج العلوم الأخرى، ناهيك عن تطور اللسانيات والسيميائياتاللتين اهتمتا بالعلامات البصرية والحركية و بالتواصل الذي يستند إلى الشفرةالحركية الجسدية كانت أو البصرية، وهذا ما يحتم علينا أن ندرج التواصل غير اللفظيفي شبكاتنا لمراقبة دروس التأطير والتكوين، وكذا الاستعانة به لتكملة نجاعة التواصلاللفظي؛ لإغناء العملية التربوية داخل المؤسسات التعليمية وإثارة انتباه الأساتذةوالمشرفين على التسيير التربوي ومراقبته إلى أهمية السلوكات غير اللفظية فيالمؤسسات التربوية التعليمية ، وأثرها وجدانيا ومعرفيا في نجاح العمليةالديداكتيكية بعدما أن أشبع السلوك اللفظي درسا وتمحيصا من قبل كثير من الباحثينأمثال: فلاندرس Flanders ، وليپيت Lippit ، ووايت White الخ...

ولقد أجريتعدة تجارب في الغرب من أجل معرفة آثار التواصل غير اللفظي والأدوار التي يقوم بها،والوسائل التي يمكن أن تقننه، وكانت هذه التجارب تجري خارج الميدان البيداغوجي ، أيفي البيولوجيا والإثنولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع، وتم أخيرا نقله إلىالبيداغوجيا من أجل دراسة التفاعلات الإنسانية داخل القسم. ومن أهم الباحثين الذينخصصوا للتواصل غير اللفظي مكانة مهمة في أبحاثهم الباحثان: جيلبير دولاندشير Gilbert de Landsheere ، وأندري ديلشامبر André DEL Chambre المدرسان بجامعة لييجببلجيكا في كتابهما القيم( السلوكات غير اللفظية للمدرس/ Les comportements non verbaux de l'enseignant)37.

هذا، ويتمظهر التواصل غير اللفظي داخل الفصلالدراسي في توظيف الحركات المعبرة وتحويل القسم إلى محترف مسرحي يشخص فيه الأستاذالمادة الدراسية ويشاركه في ذلك التلميذ من أجل إثراء العمليةالديداكتيكية.

ويلاحظ أن المدرس داخل الفصل الدراسي يزاوج بين التواصلاللفظي والتواصل غير اللفظي من خلال تشغيل حركات تعبيرية وحركات إيقاعية وحركاتعلائقية ( حركات التنظيم، وحركات التقويم، وحركات الجسم العامة)، والحركات الزائدة،والحركات الخارجية( التنقلات ،) ، والحركات الديداكتيكية، ويستعين المدرس أيضابالميم والبانتوميم في تشخيص المادة الدراسية وتمثيل المواقف الدرامية .

وبالإضافة إلى الحركات، يستغل المدرس المكان والزمان في عملية التدريس، أييشغل التموضعية Proxémic في كل إمكانياتها العلائقية ، ويتحكم في المسافة التواصليةبينه وبين التلميذ قربا وبعدا. وقد تكون هذه المسافة التواصلية مسافة ود وحب وتقريبأو مسافة نفور وإقصاء وتغريب. زد على ذلك أن المدرس عليه أن يستغل جيدا حركات النظروالجسد أو ما يسمى باللغة الكينيسية لأداء درسه في أحسن أداء تربوي وديداكتيكي منخلال الجمع بين التلفظ اللغوي والتشخيص الكوليغرافيالجسدي.

خاتمــــــة:

إذا كان التواصل اللغوي اللفظي هو المهيمن داخلمؤسساتنا التعليمية خاصة في المناهج التربوية التلقينية التي تتمركز حول المدرسباعتباره صاحب السلطة والمعرفة في الحقل الديداكتيكي، فقد أصبح للتواصل غير اللفظيأهمية كبرى في الطرائق التربوية الفعالة وفي البيداغوجيا الإبداعية بعد تطور العلوماللسانية والسيميائية والنفسية والاجتماعية والإثنولوجية.

ومن هنا، صارالخطاب البيداغوجي المعاصر يهتم بالسلوكات غير اللفظية لكونها ذات أهمية كبرىلايمكن الانتقاص من قيمتها في المسار التواصلي معرفيا ووجدانيا ، وهي تساعدالسلوكات اللفظية على أداء أدوارها كاملة، وتوضح إرسالياتها الشفوية، حيث تخدمهامباشرة، وذلك عن طريق تجسيدها وتفسيرها وتنغيمها والتركيز عليها. لذا، فأثرها فيكثير من الأحيان يساعد على فهم جيد في إطار العملية الديداكتيكية، وهذا الأثر يختلفحسب الخصائص المعرفية والوجدانية للأفراد، وفي كثير من الأحيان نجد السلوكات غيراللفظية دوالا مستقلة، وخصوصا أنها تمثل بطريقة مباشرة أو عبر اصطلاح ثقافي الأشكالوالحركات والأفعال والخصائص والحالات.

هذا، وتنظم السلوكات غير اللفظية داخلالفصل الدراسي كثيرا من الأوامر والممنوعات والنفي والرفض والحث والإغراءوالاكتساب، وتعبر أيضا عن الانفعالات والهيئات.

وينبغي في الأخير أن تكونالسلوكات غير اللفظية سلوكات بيداغوجية وظيفية تخدم العملية الديداكتيكية بمدارسناالتربوية معرفيا ووجدانيا مثل: حركات التنظيم وحركات التحفيز وحركات التجسيد،والحركات الديداكتيكية المصاحبة للشرح والتفسير.






    رد مع اقتباس