أسباب توقان النفس إلى مكة
الأول: من تكون وطنًا له فيخرج عنها، فيتوق إلى وطنه.
الثاني: من يَذوق في تردده عليها حلاوة ربح الدنيا، فذاك يتوق إلى ربحه لا إليها، لكنها لَمَّا كانت سببًا؛ تاق إليها.
الثالث: من يكون محصورًا في بلده فيحب النـزهة والفرجة، ويرى ما يطلبه في طريقها فينسى شدة يلقاها لِلَّذةِ التي يَطلبها، وتبهرج نفسه عليه أني أحب الحج، وإنما يحب الراحة.
الرابع: من تُبْطِنُ نفسه الرياء وتُخفيه عنه، حتى لا يكاد يُحس به، وذلك حبها؛ لقول الناس: قد حج فلان، ولتلقُّبه وتَسَمِّيه بالحاج، فهو يَتوق إلى ذلك، وتُبهرج عليه بحب الحجّ، وهذا من رقائقِ الغرور فيَجب الحذر منه.
الخامس: من يعلم فضل الحج، فيتوق إلى ثواب الله ؛ لأن مضاعفة الثواب في تلك الأماكن بَزيد على غيرها، وهذا هو المؤمن.
السادس: تَوَقَان عامّ، وسببه دعاء الخليل عليه السلام حين قال:{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37].
قال ابن عباس رضي الله عنهما (تحنُّ إليهم)، قال: (وأراد حب سُكنى مكة، ولو قال (اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم)؛ لَحَجّه اليهود والنصارى، ولكنه قال:{مِنَ النَّاسِ}.
الشوق إلى الحج وأماكنه
يحنّ إلى أرض الحجـاز فؤادي *** ويحدو اشتياقي نحو مكة حادي
ولي أملٌ ما زال يسمو بهمّتـي *** إلى البلدة الغـراء خيـر بلاد
بها كعبة الله التي طاف حولَها *** عبـادُ اللـه خيـر عبــاد
لأقضيَ فرض الله في حجِّ بيته *** بأصـدق إيمـان وأطيـب زاد
أطوف كما طاف النبيون حوله *** طواف قيادِ لا طـواف عناد
وأستلم الركـن اليمانيّ تابعـًا *** لسنّة مَهْدِيًّ وطاعـة هادي
وأركع تلقاء المقـام مصـليًا *** صلاةً أرجئهـا ليـوم معادي
وأسعى سبُوعًا بين مروةً والصفا *** أُهِـلّ ربي تـارة وأنـادي
وآتي مِنى أقضي بها التَّفَثَ الذي *** يتم به حجي وهدييَ شادي
فيا ليتني شارفت أجْبُـلَ مكـة *** فبـتّ بِوَادٍ عند أكرم واد
ويا ليتني رويت من مـاء زمزم *** صدا خاله الجوانح صـادي