عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-10-24, 03:08 رقم المشاركة : 2
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

افتراضي رد: نصوص سردية للفذافي ...


المدينة مجرد حياة دودية (بيولوجية) يحيا فيها الإنسان ويموت بلا معنى.. بلا رؤية.. بلا ترو، يعيش ويموت وهو داخل قبر في الحالتين.. لا حرية في المدينة و لاراحة.. و لارواق.. جدران زائد جدران، في المسكن، في خارج المسكن، في العمارة، في الشارع، في العمل.. لا يمكنك أن تجلس كما تريد، أو تمشى في أي اتجاه تريد.. أو حتى أن تقف متى شئت.. عندما تقف لمصافحة صديقك أو قريبك الذي قد تجده صدفة، يداهمك المارة.. ويجرونك بعيدا عن صاحبك.. وقد يحولون بينك وبينه، فيدك التي امتدت لتصافحه، تجدها قد ارتطم بها مار غافل لا يقدر الموقف.. ولا يدرى به.. إذا أردت أن تعبر الشارع فليس سهلا.. بل قد تفقد حياتك، أو أحد أطرافك لمجرد عبور شارع.. ما لم تأخذ الحذر والحيطة..وتلتفت عدة مرات يمينا ويسارا.. وقد تحاصر في منتصف الشارع، وتتسمر مكانك وسط خطر أمواج المدينة.. من حولك سيارات.. عربات .. قطارات… ماسحات… الخ. إن الحكايات الاجتماعية المسلية والودية داخل زحام المدينة، تبدو ضربا من العسف، وإذا حدثت، فهي فوق النفس تارة.. ونفاق للنفس تارة أخرى… وفي شوارع المدينة يتساوى الآدميون والقطط.. في سوق المرور والسابلة.. فعندما تسمع صوت موقفات سيارة، تمسك فجأة، فتقول تلقائيا :إنه إنسان أو حيوان، لأن هذا يحصل عندما يعبر أمامك وأحد منهما.. وتمسك سيارتك بنفس الوضع، خوفا من دهس أي واحد منهما.. وحتى شرطي مرور المدينة ينبهك كتابة أو شفاها من حوادث تقع نتيجة عبور إنسان.. أو قط في أحد شوارع المدينة.. هذه هي المدينة، ليس في المدينة(تفضل) بل ادفع…ادفع بكتفك،ادفع بكتفك.. ادفع من جيبك… ادفع من أي اعتبار اجتماعي.. المدينة ادفع.. لا تفضل.. في المدينة يحترمك الحائط أكثر من البشر، قد تستند إلى الحائط.. والحائط يرشدك إلى مكانك عندما تعلق عليه تعليمات وإرشادات وإعلانات يصعب جدا على إنسان ساكن في المدينة، أو لاف على المدينة أن يعطيها لمن يسأل عنها وهو في حاجة إليها ..إذا سألت إنسانا في المدينة عن مثل هذه الأشياء، يقول لك: آسف لا وقت لدى.. متأسف مستعجل.. عفوا.. فأتني القطار.. الحافلة.. السيارة .. الخ ويقول لك: عليك وعلى الحائط، فالحائط فقط واقف في المدينة.. ولكن الناس هي التي لا تستطيع أن تقف مع الحائط.. المدينة دخان… أوساخ.. رطوبة.. حتى ولو كانت في صحراء، تتسخ حتى ولو كان عملك نظيفا.. تتلطخ حتى ولو كنت غير زواق ولبان وبناء.. من هوامش المعيشة في المدينة أن تتقبل غصبا الأوساخ وتعطى (ياقة)قميصك للدخان والغبار.. وعليك أن تعرق بلا عمل عرقا رطبا.. وتجد نفسك في المدينة لقنت كلمات.. وعبارات.. وإشارات سطحية، ولكن لابد منها، لأنها جزء هام من وسيلة التفاهم، وتمشية الأمور في المدينة.. وتلقن ردودا جاهزة على تساؤلات متوقعة تجيب بها تلقائيا بلا اكتراث.. ما فيه.. ما فيه.. الله غالب.. هذا هو.. لا يا عمي.. لا يا خوي.. قالوها … كان زمان.. امش تربح.. حول عن طريقي.. بالك. ولو يسألك أحد أو تسأل نفسك: ماذا قلت من دقيقة؟ فلا تستطيع الإجابة.. ولا تتذكر أنك قلت هذه العبارات، لأنها جزء من طبيعة حياة المدينة.. تقال تلقائيا، لكي تبرهن على عدمية حياة المدينة.. وخلوها من المضمون.. ما هو الذي ما فيه..؟ وما هو الشيء الذي ليس فيه..؟ وما هو الذي هذا هو..؟ ولماذا قلت لا؟ ومن عمك؟ ومن أخوك...؟ وما التي قالوها..؟ ومن هم..؟ وأي زمان..؟ وما الذي كان زمان..؟ وما هي طريقك في المدينة!!؟ لو حوصرت بمثل هذه الاستفسارات، لغرقت فيها، ولا تستطيع الإجابة عن شيء، إنه كلام مدينة.. تمشية أحوال..تضييع وقت. حقا إن حياة المدينة مجرد تضييع وقت إلى أن يحين وقت آخر.. وقت العمل.. أو النوم.. أو الأرق.

تابع ...






التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

    رد مع اقتباس