عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-07-12, 14:48 رقم المشاركة : 4
عمر أبو صهيب
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية عمر أبو صهيب

 

إحصائية العضو








عمر أبو صهيب غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام منضم مسابقة المقدم

الوسام الذهبي

وسام المشاركة

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام حفظ سورة الكهف

وسام المركز الاول في مسابقة التصوير الفوتوغرافي

وسام المركز الثاني في مسابقة استوقفتني آية

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي رد: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية


الأصل الأول :
الاعتذار لأهل الصلاح والفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد، وحمل كلامهم المحتمل على أحسن محمل

لا ريب أن المجتهد إذا أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد، يعفى عنه خطؤه، ويثاب، لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) (106)، لذا يُعذر كثير من العلماء والعباد، بل والأمراء فيما أحدثوه لنوع اجتهاد(107)، فإن كثيرًا (من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة، ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يُرَدْ منها، وإما لرأي رَأَوْه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة : 286)، وفي الصحيح أن الله قال : (قد فعلتُ) (108)) (109).‏

وقد اعتذر الشيخ لبعض أهل الفضل والصلاح، ممن شهدوا سماع الصوفية ورقصهم متأولين، قائلاً : (والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح، غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات، أو الخطأ في مواقع الاجتهاد، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم) (110)، مستندًا في هذا على قول الله تعالى : (والذي جاء بالصدق وصدَّق به أولئك هم المتقون لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعلمون) (الزمر : 33-35).‏

كما اعتذر لشيوخ أهل التصوف، الذين حسن ذكرهم وثبت إيمانهم، فقال : (لكن شيوخ أهل العلم الذين لهم لسان صدق، وإن وقع في كلام بعضهم ما هو خطأ منكر، فأصل الإيمان بالله ورسوله إذا كان ثابتًا، غفر لأحدهم خطأه الذي أخطأه بعد اجتهاد) (111).‏

وإذا كان الاجتهاد عذرًا في العفو عن الخطأ البدعي، فإن هذا الخطأ لا ينقص من قدر المجتهد، متى كان من أهل القدم في الصلاح والتقوى، فإنه مع خطئه (قد يكون صدِّيقًا عظيمًا، فليس من شرط الصدِّيق أن يكون قوله كله صحيحًا، وعمله كله سنة) (112).. كما أن فعل أهل الفضل للبدعة ليس دليلاً على صحتها، فإن الصحة تُعرف من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم.. قال رحمه الله مبينًا هذا : (إذا فعلها قوم ذوو فضل ودين، فقد تركها في زمان هؤلاء من كان معتقدًا لكراهتها، وأنكرها قوم إن لم يكونوا أفضل ممن فعلها فليسوا دونهم، ولو كانوا دونهم في الفضل فقد تنازع فيها أولو الأمر، فتُرد إلى الله ورسوله) (113).. هذا إذا وقع الخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد، أما من أخطأ مخالفًا (الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة، خلافًا لا يعذر فيه، فهذا يُعامل بما يُعامل به أهل البدع) (114).‏

وكذلك تُحمل الأقوال المحتملة لأهل الفضل والصلاح، على أحسن محمل وأسلم مقصد، من ذلك حَمْله رحمه الله لقول الجنيد(115) رحمه الله : (التوحيد إفراد القِدَم من الحدث)، قائلاً : (هذا الكلام فيه إجمال، والمحق يحمله محملاً حسنًا، وغير المحق يدخل فيه أشياء... وأما الجنيد فمقصوده التوحيد الذي يشير إليه المشايخ، وهو التوحيد في القصد والإرادة، وما يدخل في ذلك من الإخلاص والتوكل والمحبة، وهو أن يُفْرَد الحق سبحانه وهو القـديم، بهــذا كلـه، فلا يشركه في ذلك محدث، وتمييز الرب من المربوب في اعتقادك وعبادتك، وهذا حق صحيح، وهو داخل في التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه.. ومما يدخل في كلام الجنيد، تمييز القديم عن المحدث، وإثبات مباينته له، بحيث يعْلَمه ويشهد أن الخالق مباين للخلق، خلافًا لما دخل فيه الاتحادية(116) من المتصوفة وغيرهم من الذين يقولون بالاتحاد معينًا أو مطلقًا) (117). ومنه أيضًا حمله قول بعض الصوفية : ما عبدتك شوقًا إلى جنتك، ولا خوفًا من نارك، ولكن لأنظر إليك أو إجلالاً لك -مع ما فيه من خطأ، على حسن القصد- فيقول : (وهذا كحال كثير من الصالحين والصادقين، وأرباب الأحوال والمقامات، يكون لأحدهم وَجْدٌ صحيح، وذوق سليم، لكن ليس له عبارة تبين مراده، فيقع في كلامه غلط وسوء أدب(118) مع صحة مقصوده) (119).‏






التوقيع






    رد مع اقتباس