عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-11-02, 21:24 رقم المشاركة : 4
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي رد: الحوار الاجتماعي.. ملف الملجق السياسي للمساء ليوم 2/11/2009



حسن خطابي
خطابي: الحكومة تكيل بمكيالين نظرا لتأثير الأزمة المالية العالمية

اعتبر أن مجرد إبقاء باب الحوار الاجتماعي مفتوحا ينبئ بانفراج الأزمة

حاوره : نورالدين اليزيد
يُسجل الباحث الجامعي في القانون العام بكلية الحقوق بسطات، حسن خطابي، وجودَ تماطل في التعاطي الحكومي مع مطالب الشغيلة، وكذلك وجود ازدواجية في المعايير في التعامل بخصوص مسألة الزيادة في الأجور على ضوء الأزمة المالية العالمية، غير أنه يستدرك بالقول إنه رغم وجود تباطؤ في الحوار الاجتماعي إلا أن المستقبل ينبئ بقرب انفراج الوضع الاجتماعي بالبلاد.


- يُستأنف في الأسبوع الحالي الحوار الاجتماعي بين الفرقاء الاجتماعيين على ضوء اتهام مجموعة من النقابات للحكومة بعدم جديتها في تلبية مطالب الشغيلة، فإلى أي حد يمكن أن يؤثر تعثر هذا الحوار في الوضع الاجتماعي بالبلاد؟
> يعتبر موقف النقابات موقفا سليما، باعتبار أن الحكومة الحالية لها أولويات أخرى غير مطالب النقابات، في الوقت الذي توجد فيه اتفاقات لا زالت عالقة بينها وبين هذه النقابات، ومن ذلك اتفاق فاتح غشت مع ممثلي الشغيلة التعليمية الذي ما يزال ينتظر تطبيق ما جاء فيه بعد مرور سنتين ونيف على توقيعه بين الطرفين وتم الاتفاق على أجرأته، هذا من جهة ومن جهة أخرى، وفي إطار المطالب الاجتماعية اتضح أن الحكومة تراهن على عامل الوقت في الاستجابة لمختلف مطالب ممثلي الشغيلة، وباعتبار أن الوقت الراهن يتزامن مع فترة مناقشة القانون المالي الجديد، فإن الحكومة تحاول طمأنة النقابات في الفترة الحالية ريثما تتم المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2010، وفي هذه الحالة ستربح الحكومة حيزا زمنيا يمتد إلى شهر شتنبر من السنة المقبلة، أي إلى غاية التحضير لقانون المالية لسنة 2011، وهو ما يعني أن الحوار الاجتماعي يمشي بكيفية بطيئة، مما يجعل، بالنتيجة، موقف النقابات حين تهدد بالرفع من وتيرة احتجاجاتها، ومن ذلك التلويح بالقيام بمسيرة وطنية، يجد له إلى حد كبير المبرر كرد فعل إزاء تماطل الحكومة.
- ورد في تدخلك اتفاق فاتح غشت بين الحكومة وممثلي الأسرة التعليمية، فأي دور لعدم تنفيذ مثل هذه الاتفاقات في تأجيج الوضع الاجتماعي؟
> بالفعل هذا ما أشرتُ إليه سابقا حيث إن اتفاق فاتح غشت سنة 2007 مع النقابات التعليمية تم فيه التزام الحكومة بتنفيذ مطالب الشغيلة التعليمية، وهو ما تداولته الصحف الوطنية أيضا التي تطرقت إلى مضامين الاتفاق، وهو ما جعل حتى المنخرطين في النقابات يعيبون على مسؤولي نقاباتهم تساهلهم في التعاطي مع تماطل الحكومة، خاصة بعد مرور كل هذه الفترة على إبرام الاتفاق والتي تجاوزت السنتين، إلا أنه مع الأسف الشديد ورغم أن الفترة كانت كافية لتطبيق مقتضيات الاتفاق إلا أنها لم تفعل ذلك، وهو ما قد يؤدي إلى ردود فعل النقابات.
- إذا سلمنا بعدم جدية الحكومة، كما ترى ذلك النقابات، ما هي دوافع الحكومة إلى عدم خوض حوار اجتماعي بناء، وهل الأمر يتعلق بعوامل سياسية؟
> بالنظر إلى الظروف الحالية التي يمر بها المغرب، يمكن التماس بعض العذر للنقابات، كما أن الموضوعية تقتضي تبني نفس العذر أيضا للحكومة، خاصة أمام وجود مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية، من هنا يمكن استحضار، مثلا، الفترة التي تم فيها الاتفاق مع النقابات التعليمية، والتي لم تكن تعرف حتى مجرد بوادر لهذه الأزمة المالية العالمية التي فاجأت الجميع، إلا أن عيب الحكومة هو أنها هلَّلَت كثيرا في البداية مبشرة بكون الأزمة لن تمس الاقتصاد المغربي، وهو العيب الذي تكرر مرة أخرى، بحيث في الوقت الذي تشير فيه الحكومة إلى ضرورة التماس العذر لها من طرف فئة، فإننا نرى أنها سارعت إلى تقديم مساعدات إلى جهات معينة كالمبالغ المالية المسلمة لشركة المشروبات الغازية (كوكاكولا)، من صندوق المقاصة في ما يتعلق بالزيادة في السكر، وكذلك الزيادات المتحدث عنها في أجور السفراء، إذا ما تم تأكيد ذلك رسميا، فإذا كانت الحكومة تتعذر بتأثير الأزمة العالمية فإنه كان سيكون تصرفها مفهوما لو أنها خاطبت كل الفئات والفرقاء بنفس الخطاب، إلا أنه في ظل عدم تنفيذ الحكومة لاتفاق مع هيئات نقابية في مقابل منح امتيازات ضريبية لجهات أخرى فإن ذلك يطرح مشكلا كبيرا.
- أمام هذا الوضع ما هي السيناريوهات التي تترقبها - كمتتبع للمشهد السياسي- من أجل إقامة حوار اجتماعي جاد؟
> -لا بد من التذكير أنه من أجل إعطاء أي حوار مصداقيته يجب أولا الالتزام بما تم الاتفاق عليه، وهو ما ينبغي مراعاته في الحوار الاجتماعي بين الحكومة وباقي الفرقاء الآخرين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإذا كانت الحكومة تتعذر بسبب اشتداد الأزمة العالمية، فيجب أن تكون تأثيرات هذه الأزمة متجلية في التعامل مع جميع فئات الموظفين والقطاعات، وهو ما يمكن أن يعكس حقيقة سلوكات الحكومة إزاء هؤلاء، وألا تمنح جهات معينة امتيازات على حساب جهات أخرى. وهنا يمكن الإشارة إلى أنه في بعض الدول المتقدمة أقدمت الحكومات على التخفيض من أجور كبار الموظفين، وفي الولايات المتحدة الأمريكية خفضت الحكومة من أجور المدراء العامين لكبريات المؤسسات، بعكس الأمر عندنا حيث يظهر تقشف الدولة فقط في ما يخص أجور صغار الموظفين وفئات الشغيلة، وهو بعكس الأمر بالنسبة لتعامل الحكومة مع كبار الموظفين والباطرونا والشركات الكبرى، حيث لا نجد أثرا للأزمة المالية العالمية على ميزانية الحكومة، إنه إذن الكيل بمكيالين، لذلك فإنه كان على الحكومة مخاطبة جميع الفئات بنفس اللغة وأن تسري سياسة التقشف على الجميع دون تحيز لجهة معينة. ويمكن التذكير أيضا بأننا كمتتبعين لاحظنا وجود نوع من التوزيع في الأدوار، حين نرى والي بنك المغرب يلح على الحكومة بعدم الزيادة في الأجور وعدم الرضوخ لمطالب الشغيلة وصغار الموظفين، وهو ما ينزع المصداقية عن هذه الحكومة، التي قد تخرج يوما، واستنادا إلى توجيهات والي بنك المغرب، لتعلل رفضها بعدم الاستجابة لمطلب الزيادة في الأجور.
- المصداقية تحيلنا على البرامج الانتخابية لأحزاب الأغلبية الحالية، التي وعدت المواطنين بإيجاد الحل لمختلف القضايا الاجتماعية كالتخفيض من نسبة الفقر ومحاربة الهشاشة الاجتماعية وغير ذلك، هل توجد حاليا مظاهر تطبيقية لتلك البرامج؟
> إذا أردنا القيام بمقارنة بسيطة بين ما بشرت به هذه الأحزاب السياسية عشية الانتخابات وبين ما هو موجود على الأرض، لا نجد وجودا لما وعدت به ناخبيها، وأن كل الملفات تم طيها من طرف هذه الأحزاب التي لم تلتزم بأي برنامج، وأعضاء الحكومة أنفسهم لا يستطيع أحد منهم التصريح بأنه يطبق الآن، في فترة تواجده بالحكومة، ما وعد به الناخبين أثناء الحملات الانتخابية في برنامج حزبه، فبرنامج من هو إذن؟ إنها مفارقة كبيرة أن نستحضر برامج تلك الأحزاب عشية الانتخابات وما يقوم به حاليا ممثلو هذه الأحزاب، وهم على رأس مسؤولية إدارة الشأن العام للبلاد، وكأبرز مظهر من مظاهر هذه المفارقة هو ما وعدت به أحزاب الكتلة المواطنين قُبيل تحملها المسؤولية، حيث سرعان ما تغير حتى خطاب هذه الأحزاب نفسه، وهو ما يجعل المواطن لا يثق في مثل تلك البرامج ولو أنها تصدر عن ما تسمى أحزاب الحركة الوطنية، ما دام أنها لم تلتزم بما بشرت به سابقا.
- أي مستقبل إذن يرسمه الأكاديمي والباحث الجامعي للوضع القائم، في ظل تعثر الحوار الاجتماعي وغلاء الأسعار وتلويح النقابات بالتصعيد؟
> إنها مسألة يمكن قراءتها على ضوء ما هو متوافر لدينا من معطيات، حيث لا بد من التذكير بأن مجرد وجود حوار بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، وهو الحوار الذي تمت مأسسته وما يزال مفتوحا، فإن من شأن ذلك أن يعطينا صورة إيجابية على الأقل على مستوى استعداد الأطراف للجلوس إلى الطاولة، وهو ما ترجمته أيضا رغبة الحكومة في التحاور من جديد مع النقابات، حيث استأنفت ذلك بالموازاة مع مناقشة قانون المالية للسنة المقبلة، وقد تكون هناك ردود فعل غاضبة من طرف ممثلي النقابات كما قد يصل الأمر إلى مشاحنات، لكن مجرد إصرار الحكومة على مواصلة الحوار مع كافة الأطراف وعدم سد الباب يجعلني شخصيا متفائلا بإيجاد الحلول للملفات المعروضة على طاولة النقاش، وهو ما قد يساعد على انفراج في الساحة، خاصة بعد ظهور بوادر عن تخلي الحكومة عن ترديد لازمة الأزمة، وكذا في ظل وجود تكتل نقابات في ما بينها، على غرار النقابات التعليمية الأربع التي قامت بإضراب إنذاري موحد، في الأسبوع الماضي، مما اعتُبر سابقة من نوعها، وهو ما قد يساعد على الضغط على الحكومة، والتي لا أستبعد أن تُقدم على تضمين قانون الميزانية للسنة المقبلة بعض مطالب النقابات.





    رد مع اقتباس