لا أريد أن أكون وضعيا ,رغم أن طبيعة الموضوع تفرض ذلك,و أقول:
إذا كنا نتحدث بمنطق القطيعة الابستيمولوجية,فإنه لا علاقة للقديم بالحديث,إلا من حيث أنه يتأسس على أنقاضه,محاولا بشتى الوسائل تجاوزه وتخطيه,بدأ من سقوط فلسفة أرسطو خصوصا في الفيزياء وعلم الفلك,و تجاوز نظريات أفلوطين وبطلميوس....
وهذا واضح من خلال فلسفة ديكارت,والتي لم يقم ببنائها نسقيا إلا بقدر ما كان يرغب في أن تشغل الفراغ الذي سيخلفه تجاوز الفلسفة الأرسطية وانهيار صرخها وعدم صلاحيتها لمستجدات ذلك العصر.كان يرغب في أن تتبنى الكنيسة فلسفته حين يتبين لها خطأ نظريات أرسطو واستحالة استمراريتها,كأساس إيدويولوجي لما هو سياسي,ثقافي,أو خلفية فلسفية لما هو تيولوجي ميتافيزيقي..
والواقع أن الفلسفات القديمة وبرمتها كانت محاولات نسقية لفهم الكون والعالم والطبيعة.هذه الأخيرة لم تكن تعني لديهم سوى الوجود:إن فهم الوجود,كان هو الموضوع الأساسي للفلسفات القديمة بدأ من حكماء ملطية: الرجالات السبع,مرورا بسقراط ,وأفلاطون ثم أرسطو.
لكن العصر الحديث سيحمل الجديد,بسبب ملاحظة مجموعة من الأخطاء,في آراء ونظريات أرسطو في الفيزياء وعلم الفلك.والحقيقة أن تاريخ نظريات أرسطو,كان دائما وطيلة قرون تاريخ تصحيحات,وسجالات ونقاشات مستمرة ,قبل أن تنتهي إلى نهايتها المحتومة والتي يعلمها الجميع,وعلى رأسها أنها لم تعد سوى فلسفة الحس المشترك:فلسفة الانسان العادي.
وهذا بالضبط ما أدى إلى تحويل السؤال الفلسفي إلى وجهة جديدة,ألا وهي,المعرفة:كيف السبيل إلى تحقيق معرفة موضوعية,منهجية - تتماهى مع تعريف الفلسفة باعتبارها العلم بحقائق الأشياء,والعلل الحقيقية الكامنةوراءها- ,بعيدة عن انخداع الحواس ,بدأ من فرانسيس بيكون ومنه إلى رواد المنهج التجريبي...,وهو ما أفضى إلى السؤال الأبدي والخالد والذي طرحه كانط: كيف تحدث المعرفة في العقل؟
ستتطور مواضيع الفلسفة الحديثة لتشمل كذلك,مواضيع السياسة والأخلاق والحق والواجب,وسيؤدي ذلك إلى ظهور فقهاء الحق الطبيعي.مما سيؤدي إلى استقلال الفكر السياسي عن الفلسفة كما استقلت عنها باقي العلوم......
ولي عودة للموضوع.
هذا في عجالة الدقائق الأخيرة لاكتشاف الموضوع,ولي عودة مفصلة إليه.
شكرا على طرح هذا الموضوع,
احترامي وتحيتي للاستاذ الفاضل, وتحياتي للجميع.

إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.