عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-03-31, 00:44 رقم المشاركة : 5
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

افتراضي رد: حصريا على منتديات الأستاذ ومتجدد: أولادنا كيف نساعدهم على التفوق؟


حكاية الفتى الطموح


عاد الفتى الصغير لتوه من مدرسته، وبعد أن قضى يوما مليئا بالمشقة والتعب، ولكنه تعب أخف على قلبه من نوم على ريش النعام، وضع حقيبته فوق مكتبه المتهالك، والذي ربط رجله الرابعة برباط حبلي ليقويه، وكانت حجرته حجرة بالطوب الأحمر فوق سطح منزلهم، وسط بلدتهم والتي يحتضنها النيل والبحر.

جلس ليستريح بعض الوقت، بدل ملابسه، ونادت عليه والدته - والتي ما عرف أطيب منها على وجه الأرض:
'' هيا لتتناول غذاءك ؟ "
نزل الفتى الطموح لتناول غذاءه، ابتسمت أمه في وجهه وقالت له: لعله كان يوما شاقا اليوم ماذا تعلمت اليوم في المدرسة؟
بدأ الفتى يحكى وكأنه على مسرح أمام جمهور منبهر به، كيف أنه وقف اليوم في طابور الصباح، وأمسك بميكروفون الإذاعة، وأخذت كلماته ترعد وتبرق، والكل يقف وكأن على رأسه الطير كان يتحدث عن التفاؤل والأمل وكيف نبنيهما داخل أنفسنا، وضع الفتى أول ملعقة من الأرز في فمه وقطعة من السمك والتي كانت أكلته المفضلة فلقد اعتاد منذ صغره أن يذهب إلى ضفاف النيل يقبله، ويخرج منه بسنارته السحرية من أنواع السمك ما يطيب أكله.
أخذ يكمل لأمه كيف شرح لهم مدرس التاريخ الرائع حكاية الحملة الفرنسية على مصر، بطريقة شيقة حتى أننا لم نخرج للفسحة اليوم حتى يكمل لنا الحكاية .. تبسمت أمه وقالت:
هل أنت سعيد يا بني ؟؟ ..
قال الفتى الطموح: الحمد لله أن رزقني أما مثلك، وأبا مثل أبي .
هيا أريد أن أنتهي من طعامي حتى ألحق بأبي، فعندنا اليوم عمل كثير.
كان الفتى الطموح يرفع رجليه بانتظام ويضعها وهو يطوى الأرض تحت قدميه، ونسيم الحدائق يداعب أنفه، وصوت الماعز والأبقار يأتيه من بعيد.
دخل الفتى بين النخيل ينادي: أبي أين أنت؟ صدر صوت صفير عذب كأعذب موسيقى سمعها الفتى في حياته حينها حدد مكان أبيه .. ذهب إليه وألقى عليه السلام وجده يصنع سلة صغيرة من خوص النخيل الأخضر طلب الفتى من والده أن يعلمه كيف يصنع السلة؟
ترك الأب ما في يديه جانبا وهو يبتسم وقال له: هيا لنأتي بالخوص.
ذهب الفتى يرفقة والده، الذي صعد على النخلة، وقطع جريدة وألقاها لإبنه.
وأخذ يغسلها بالماء، ثم جرد غوصها، وبدأ يفصص الخوص، ثم أمسك به الوالد، وأخذ يعلم ابنه الخطوة تلو الخطوة، وعندما ينتهي من خطوة يتركه لينفذها أمامه، حتى أتم سلة جميلة، فرح الفتى بذلك، فلقد تعلم اليوم مهنة ( صناعة السلال).
أخذ السلة، وذهب يلتقط حبات الجوافة، التي استوت على سوقها، وجمع كمية لا بأس بها، ثم قطف حبات البامية المليئة بالشوك، والتي كثيرا ما كانت تؤلمه، ولكنه كان يتغلب على ذلك، بأن يستخدم زوجين من الجوارب يرتديهما في يديه.
أقبلت الشمس تلملم متاعها لترحل بعد يوم شاق، وكذلك الفتى الطموح لملم ما جمعه، وركب خلف والده، وأخذ حمارهم يعد خطواته إلى القرية.
صلى الفتى الطموح المغرب، وجلس على مكتبه، وأمامه لمبة الكيروسين التي أحبها، وأحبته حتى أنها حزنت يوم أن زارت الكهرباء بيتهم وقريتهم لأول مرة، ولم يهن عليه فراقها حتى إنه ظل يستخدمها لفترة بعد ذلك، فكان يشعر معها بالدفء وكأنها تعطيه حماسة ورغبة قوية لينهي ما ورائه من واجبات.
صلى العشاء، وبعد أن حكت له أمه حكاية الذئب والماعز ثم نام على فراشه الذي لم يجد له مثيلا إلى يومنا هذا حتى بعدما فتح الله عليه.
وقبل أن يغوص في نومه دعا الله أن يحقق أحلامه، وارتسمت على وجهه ابتسامة الواثق في الله
سمع الصوت المألوف لديه حتى يستيقظ لصلاة الفجر، فلقد اتفق هو وبعض أصدقائه وجيرانه، ممن لهم عدد سنينه أو أقل قليلا أن يتحمل أحدهم مسؤولية الايقاظ يوما في الأسبوع، وكانت علامة الايقاظ قطعة من الحصى يقذف بها الشباك حتى أصبحت هذه عادة له حتى بعد سنوات، فكان يستيقظ على صوت القذف، ولم يكن هناك طوب ولا قذف!!
صلى الفجر ثم جلس مع أصحابه يقرءون القرآن في ساحة المسجد حتى بدأت الشمس ترسل أشعتها المضيئة، عاد إلى البيت وحمل سلته وبها ما حصده بالأمس، وذهب لبيبعه، ثم هاد ليرتدي ملابسه ويذهب لمدرسته التي كان يحبها، ويعشق ساحتها ومظلتها حتى إنه بكى بكاءا مريرا يوم انتقل من مرحلة لمرحلة أخرى في مدرسة أخرى.
يا ترى ما الذي كان يحببه في هذه المدرسة ؟
كان كل يوم يمر عليه يزداد حماسة وطموحا، وكانت أمه تزيد لهيب حماسته، وكذلك الرجل الذي لم تشهد بلدتهم مثله طيبة وخلقا، غرس فيه حب الخير حتى أنه كان دائما يستشعر مسؤوليته عن العالم، غرس فيه الطموح وحب التعلم، كان مع ضعف بصره شديد الحب للقراءة، وما أمسك قلما في يديه حتى حركه على الورق، هل كان سببا في طموح ابنه وحبه للتعلم؟
أتمنى أن تصبح مثل هذا الرجل مع ابنه الفتى الطموح .
وتكونين مع ابنك مثل والدته، التي علمته كيف يتحمل المسؤولية، ويتخذ قراراته بنفسه وأن يثق بها.

فكيف نساعد أولادنا على التفوق ؟

يتبع

...








التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

آخر تعديل أشرف كانسي يوم 2011-07-01 في 18:22.
    رد مع اقتباس