الوزير قصة مهداة إلى المجازين المرابطين بالرباط | أطلق الوزير حشرجة حادة و هو يمسك برباط عنقه و يحاول التخلص منه و كأن شبحا يشنقه به. و لم يحرك الطبيب ساكنا بل على العكس تماما ظل يحدق فيه بكل هدوء، إلى أن سكن هذا الأخير فبادره قائلا : - مم تعاني ؟ - أعاني من حلم يقظ مضجعي كل ليلة... - أتعني بأنك ترى نفس الحلم يتكرر كل ليلة ؟ - نعم. - تمدد على الأريكة، استرخي و احك لي حلمك. - الواقع أنه ليس حلما، بل كابوس مرعب. ما أن أغمض عيني حتى أرى نفسي أجري و مجموعة من الشباب تلاحقني، حاملين اللافتات و مشهرين أصابعهم، التي نبتت مكانها سكينان لامعتان، بتلك الإشارة التي تعني "النصر" أو "تحية نضالية". أراهم يتبعونني بدون كلل أو ملل كأنهم ملائكة بعثت خصيصا لتقبض روحي، فأهرب منهم و أستقل حافلة مزدحمة مملوءة عن آخرها بالركاب المتراصين كالسردين، ثم لا أستطيع التنفس فأنزل مسرعا من الحافلة لأفاجأ بمطاردي من ورائي من جديد. أتعثر فأنهض و ألتفت ورائي لأرى جحافل مهولة من المتسولين و ماسحي الأحذية و الموظفين غير الساميين بكل شرائحهم و العمال و غيرهم من الكادحين و قد انضموا إلى المطاردين، فأضاعف سرعتي إلى أن يتوقف قلبي من الإعياء و أفيق و العرق يغمر وجهي و قلبي يكاد يخرج من صدري... - تعاني حالة مرضية، خوف من المجهول... ألديك مشاكل آنية ؟ - نعم. هناك مجموعة من الأساتذة معتصمون أمام الوزارة، لم ينفع معهم لا التماطل و لا سد الآذان و لا حتى الكذب... و لقد ارتأينا أن نفض اعتصامهم بالقوة... - مادمتم تؤمنون بالعنف فلماذا تمنعون هؤلاء الأساتذة من اللجوء إليه مع تلامذتهم، و لماذا تمنعوننا نحن أيضا منه ؟... - للعنف قوانين و مؤسسات... العنف سياسة... من أنتم ؟ من أنتم حتى تستعملوا العنف ؟ ... و قبل أن يتم عبارته انقض الطبيب على عنقه و ضغط عليه بكلتا يديه و هو يصيح : - أنت مستبد... أنت فاشي... أنت دكتاتور... أنت... أنت تؤمن بالعنف، فلتأخذ نصيبك منه... و ظل يضغط على عنقه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة و قد تجلت على وجهه أمارات الرعب و الدهشة، فلم يكن يظن أن تفاصيل كابوسه ستتحقق على يدي طبيبه النفسي، و أن أيادي القصاص ستناله في غفلة من طاقم حرسه المتشح بالسواد، المرابط أمام باب العيادة... | آخر تعديل red1.m يوم 2011-03-25 في 22:33. |