عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-18, 15:15 رقم المشاركة : 1
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي هيأة التفتيش التربوي


المفتشون التربويون أمام كثرة المهام وضآلة الإمكانيات وتقزيم الأدوار

يحتل المفتشون التربويون دورا هاما في المنظومة التربوية بالمغرب، ويعدون قطب رحاها، ومحركها الرئيسي، فهم الساهرون على تنفيذ التوجيهات الرسمية المتعلقة بالسياسة التعليمية بالبلاد، إذ يؤطرون الدورات التكوينية المبرمجة في إطار تأهيل العنصر البشري والرفع من مستواه لإصلاح التعليم وتحقيق جودته، كما يصارعون الزمن لإنهاء دورات التكوين لفائدة الأساتذة في بيداغوجيا الإدماج، وديداكتيك المواد.

بالإضافة أنهم يساهمون في الحد من ظاهرتي الهدر المدرسي، والتكرار، يعملون على دعم جيل مدرسة النجاح، ومحاربة العنف المدرسي، يشاركون في اللقاءات التواصلية التحسيسية المرتبطة بالسلامة الطرقية، الوقاية من الأوبئة والأمراض المعدية والمنتقلة جنسيا، ينشطون التظاهرات التربوية والاجتماعية التي تعقد على صعيد الأكاديمية والنيابات والمؤسسات المكونة لمناطق التفتيش المسندة إليهم بالمؤسسات التعليمية، وأخرى حول المخاطر والكوارث الطبيعية وطرق تدبيرها.

كما تكلفهم السلطة التربوية الوصية بإعداد وتصحيح ورئاسة الامتحانات المهنية الإشهادية، يتولون تأطير ومراقبة الأساتذة داخل مناطق التفتيش المسندة إليهم والمنتشرة على مساحات شاسعة في تضاريس وعرة، ينجزون بحوثا تربوية، ويقومون بدراسات لفض نزاعات بين مختلف المتدخلين في الفعل التعلمي/ التعليمي.

تراهم بين الوديان وعلى قمم الجبال مشاة أو على ظهر الدواب ركابا، يبذلون أقصى جهدهم للوصول إلى وحدة مدرسية لا تتوفر على طريق صالح لاستعمال السيارة ولا على إنارة، يعرضون حياتهم لكل أنواع الأخطار، هدفهم الوصول إلى فرعية لمعاينة مستوى المتعلمين وظروف عمل الأستاذ.

يقومون بزيارات صفية، تفقدية، توجيهية، إرشادية، وأخرى في إطار المراقبة التربوية، مهام تتضاعف من سنة لأخرى بسبب إحالة مجموعة من زملائهم على التقاعد بسبب بلوغ السن القانوني أو رحيل بعضهم إلى دار البقاء بسبب انقضاء الآجال أو حادثة سير في إطار القيام بمأمورية، مع الإشارة إلى أن عدد المفتشين التربويين المغادرين للحقل التربوي لا يعوض، ما يجعل عدد الأساتذة الموكل أمر تأطيرهم ومراقبة أعمالهم من طرف كل مفتش في ارتفاع مستمر.

مهام كثيرة وأعباء لا تعد ولا تحصى يقابلها غياب التحفيز وقلة الإمكانيات المادية منها والبشرية، ولا تقتصر معاناة هذه الشريحة من الموظفين العموميين، بل تتعداهم إلى هضم حقوقهم المادية المتمثلة في التسويف والتماطل الذي تعرفه تسوية تعويضاتهم في بعض النيابات، وتقزيم أدوارهم، يشتغلون في غياب التجهيزات الأساسية والوسائل اللوجستيكية الضرورية داخل فضاءات (مفتشيات)، زنزانات السجن أوسع منها. تفتقر إلى الكتب المرجعية والمدرسية.

ومما يعرقل عمل المفتشين التربويين و يزيد من حدة الصعوبات التي تواجههم خلال محاولتهم المضنية والحثيثة للقيام بالمهام التي حددها لهم المشرع نجد تدخل الطاقم الإداري في اختصاصاتهم، حتى أصبحوا آخر من يعلم في مناطق التفتيش المسندة إليهم، ويعود السبب في ذلك إلى الإقدام على عمليات الضم والفك، وتعديل البنيات التربوية التي يطغى عليها الطابع الإداري الكمي المحض ويغيب المسائل التربوية، يحدث هذا دون استشارة ولا حتى إشعار المفتش التربوي، ما يؤدي إلى ظهور كائنات غريبة عن الحقل التربوي، عبارة في أقسام مشتركة، متعددة المستويات، غير متجانسة تربويا، تركيبتها تزيد من تعقيد متاعب الأستاذ وتجعله عاجزا على القيام بمهمته ولو في حدها الأدنى، وتجعل المفتش في مأزق حقيقي، وهكذا، يسفر هذا التدخل الانفرادي للطاقم الإداري عن ظهور أقسام مشتركة يتكون الواحد منها من ست مستويات تضم تلاميذ من مختلف الأعمار يعهد أمر تعليمهم إلى أستاذ واحد يدرس لهم اللغتين العربية والفرنسية في نفس الحجرة الدراسية.

ورغم هذه الإكراهات، فإن المفتشين التربويين يصارعون العراقيل والمثبطات، ويبذلون الجهود المضنية لتجاوز العقبات المفتعلة أحيانا ولتدليل الصعوبات للعب أدوارهم التربوية والإدارية والاجتماعية وينخرطون في تنزيل البرنامج الاستعجالي و أجرأة مضامينه.
------------
عبد السلام بلعرج (تازة)
* نشر أيضا على صفحات الصباح التربوي









التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
    رد مع اقتباس