أنواع الشرور المذكورة والمستعاذ منها في السورة الكريمة:
الأول:الشر العام: ويشمل الشرور البارزة والخفية:
"من شر ما خلق": " أي من شر خلقه إطلاقا وإجمالا . وللخلائق شرور
في حالات اتصال بعضها ببعض . كما أن لها خيرا ونفعا في حالات
أخرى . والاستعاذة بالله هنا من شرها ليبقى خيرها . والله الذي خلقها
قادر على توجيهها وتدبير الحالات التي يتضح فيها خيرها لا شرها ! "
و " قال بعض الأفاضل: هو عام لكل شر في الدنيا والآخرة وشر
الإنس والجن والشياطين وشر السباع والهوام وشر النار وشر الذنوب
والهوى وشر النفس وشر العمل وظاهره تعميم ما خلق بحيث يشمل نفس
المستعيذ"
ولقد"زود الله كل حي بما يجعله يختار جانب الخير ، و يحاذر جانب
الشر من نفسه و من الخلق المحيط به ، و الإنسان بدوره مزود بالوحي و
العقل و الغريزة لكي يتجنب الشر و الاستعاذة بالله صورة من صور
الحذر من الشرور"
ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ من أشياء كثيرة،
نذكر منها مثلاً: ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
عَذَابِ الْقَبْر،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا
وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا
أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ! فَقَال:"َ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ
فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ "
وكان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يلتجئون و يعتصمون
ويستجيرون بالله من أنواع الشرور المختلفة؛ فهذا إبراهيمعليه السلام
يطلب من ربه أن يبعده وأبنائه من شر عبادة الأصنام، التي أضلت الكثير
من البشر"وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن
نَّعْبُدَ الاَصْنَامَ" {إبراهيم:35}
وهذا يوسفعليه السلام يلتجئ إلى الله من شر مكر النساء اللواتي
أردن به الكيد والوقوع فيما يسخط الخالق" قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ وَأَكُن مِنَ
الْجَاهِلِينَ" { يوسف:33} وغير ذلك