عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-08, 10:15 رقم المشاركة : 1
ابوعمران
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية ابوعمران

 

إحصائية العضو








ابوعمران غير متواجد حالياً


a3 التربية ماشي بالعصا...


التربية ماشي بالعصا...





مثلما تمسك المغاربة بمبدأ "العصا لمن يعصى" فإن تطورات حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية جعلتهم يخلصون إلى أن العصا لا تربي أو على الأقل إلى كونها تسيء للطفل أكثر مما تنفعه.

مريم جراف

يردد المغاربة تعبيرا كثير الدلالة وهو خلاصة التجربة الحياتية والاجتماعية والتطورات التي عاشوها مفاده أن الطفل سرعان ما "لحمو كيقساح على العصا" ويصبح الضرب غير نافع في أي شيء وبالتالي فهو لا يربي بالمرة.

وما فتئت الدراسات تبرهن على أن العقوبة الجسدية وحتى المعنوية (الصراخ،السب، الشتم، التحقير...) تمثل عوامل هدم وتشويه لشخصية الطفل، وتؤدي به إلى فقدان الثقة بالذات وانعدام المسؤولية، وتعمل على تعطيل طاقات العقل والتفكير والإبداع لديه.

المغاربة مازالو يضربون

جميل كل هذا الكلام النظري الذي ينادي به اختصاصيو التربية والعلاج النفسي لدى الأطفال، وتؤكده الدراسات حول الموضوع لكن دراسة ميدانية أجريت في المغرب وصدرت نتائجها عام 2007 كشفت أن 64% من المغاربة مازالوا يلجأون إلى العقاب البدني في تنشئة أطفالهم، أي باختصار إلى الضرب، كأسلوب في التربية الرقم مهول مقارنة بالتطور الذي نعتقد أنه حصل على مستوى العقليات، وربما كانت مشاهد الآباء العصريين الذين يتفانون خدمة لأطفالهم وإكرامات لهم، و"ينصاعون" في الكثير من الأحيان تلبية لرغباتهم ودلالهم مؤشرا كاذبا أو مخطئا على حقيقة منظور المغاربة للتربية لتصدق مقولة أن "المظاهر كثيرا ما تخدع".

لكن مهلا، فما رفع الرقم أكثر هو البوادي حيث إن الدراسة التي شملت عينه الأطفال بين 2 و14 سنة خلصت إلى أن العقاب الجسدي ينتشر في البوادي أكثر من المدن، أي أن أطفال البوادي يتعرضون للضرب أكثر من أقرانهم في المجال الحضري.

وهكذا ترتفع نسبة اللجوء للضرب في القرى لتصل إلى 71% من الأطفال مقابل 64% في المدن، أما الضرب المبرح فيمارس بنسبة 30% في البوادي مقابل 20% فقط بالمدن حسب الدراسة التي أنجزتها كل من وزارة الصحة واليونيسيف والبرنامج العربي لصحة الأسرة.

الظروف الاقتصادية أيضا تلعب دورا هاما فكلما تدني المستوى الاقتصادي كان اللجوء إلى الضرب أعلى نسبة، بحيث إن 74% من الأطفال المنتمين لعائلات جد فقيرة يتعرضون للضر ب، مقابل 12%فقط من أطفال العائلات الميسورة، المفارقة واضحة ومنطقية أيضا، فالعائلات الميسورة هي أيضا عائلات أكثر وعيا اجتماعيا وبالتالي أقل ممارسة للعقاب الجسدي والعكس صحيح من منظور علم الاجتماع.

الأب برلمان والأم حكومة"

في أحد التحاليل النفسية للمجلة المتخصصة في علم النفس "بسكولوجي" قال أحد المحللين بأن الأب يمثل البرلمان، والأم تمثل الحكومة هو يشرع القوانين للبيت وهي تسهر على تنفيذها.

ومثلما هو حال الدول، تخوض البرلمانات حروب التشريع التي تكون قاسية أحيانا لكن أياديها تبقى نظيفة من ويلات وانزلاقات تطبيق تلك القوانين والحرص على ضمان الامتثال للنظام العام.

نفس المنطق تقريبا ينطبق على الأسرة ، فما يحدث في قلب هذه الأخيرة أن الأم تقضي وقتا أطول مع الأبناء، سواء كانت تعمل خارج البيت أم لا، بينما الأب يبقى بعيدا عن أطفاله مدة أطول بسبب عمله، لكن خصوصا بسبب احتكاكه الأكبر بالفضاء العام، لا سيما المقهى ونتيجة لهذا الوضع، يحدث أن تضطر الأم لمواجهة الأبناء والاحتكاك بهم أكثر وهو وضع لا يزال ينفلت من كل دعوات "إعادة تقسيم الأدوار والمسؤوليات الأسرية والمنزلية" التي ما فتئت ترفعها التيارات النسائية العصرية والنظريات الاجتماعية الحديثة وعلى رأسها مقاربة النوع الاجتماعي.

الوضع الذي تعيشه الأم مع أطفالها يمكن أن يكون سلاحا ذو حدين، يمنح الأم فرصة عظيمة لتكون بجانب فلذات أكبادها، هي التي تحركها غريزة الأمومة أكثر مما تتحكم الأبوة في الأب، لكنه أيضا يعرضها أكثر من شريك حياتها لتدبير شقاوة أطفالها، تمردهم فلتاتهم المرتبطة بنموهم بتبلور شخصياتهم ومشاكل حياتهم اليومية.

قضاء وقت أطول مع طفلتيها جعل سناء (أم شابة ومستخدمة) تحيي تجربة فريدة مع طفلتيها (7 و4 سنوات)فهي منذ زواجها، وخاصة منذ حملها بطفلتها البكر حرصت باستمرار على أن تقرأ كثيرا وتطلع على كتب وبرامج تلفزيونية خاصة بالتربية والمشاكل التربوية "ولات عندي نظريات فالتربية، لكن الواقع اليومي كيخليني كنتعصب بعض المرات وكنسى كل ما قريتو" تعلق سناء على لجوئها أحيانا لأسلوب عنيف مع طفلتيها لاسيما الصغرة "الصغيرة قبيحة بزاف وربما جات في وقت ولى فيه صبري قليل لقباحة الدراري" تضيف سناء.

الطفل :حقل اختبار لوالديه

التجربة تؤكد أن اللجوء للعنف سواء كان ضربا أو شتما وصراخا أو تقليلا من شأن الطفل إنما هو مشكل لدى الكبار أكثر منه لدى الأطفال ذلك ما تشعر به سناء كلما انفلت منها عقال نفسها، وتخلت عن كل هدوئها في التعامل مع طفلتيها، عموما، يشكل الطفل حقل اختبار لوالدية، فمهما تلقوا من القواعد والأفكار النظرية حول التربية والأسلوب الأنجع فيها، إلا أن تجربة تربية طفلهم على أرض الواقع تبقى لها خصوصيات انزلاقات وقد يرتكبون أثناء تربيته أخطاء من حين لآخر، غير أن المطلوب من هؤلاء هو الوعي بخصائص شخصية الطفل الأساسية حتى لا يخطئوا مسارهم مع الطفل.

ويكاد يجمع علماء النفس والتربية على التأثير الحاسم للتربية في السنوات الأولى من عمر الطفل، بل يذهب بعضهم للقول بأن سمات وخصائص الشخصية تتحدد في السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل.
لهذه الأسباب صار لزاما على الآباء اكتساب وعي بمجموعة من المعطيات وبالفعل فقد صار عدد من الآباء والأمهات العصريين لا يترددون في عرض أطفالهم ما يدخل في خانة المشاكل سواء المرتبطة بالتربية أو الحالة النفسية للطفل.
وفي هذا الإطار دأبت العديد من المدارس الخاصة على برمجة زيارة أسبوعية للمختص النفساني الخاص بالأطفال من أجل الوقوف على المشاكل التي قد يعاني منها الأطفال من أجل الوقوف على المشاكل التي قد يعاني منها الأطفال وإعلام أبائهم بذلك بشكل مبكر... ويختار بعض الآباء قطع الرحلة نحو المختص النفساني بشكل منفرد منذ البداية أو بعد أن يتم تنبيههم إلى مشاكل أطفالهم وهي كلها سلوكات محمودة تسم الآباء العصريين لاسيما المنتمين لفئات اجتماعية متوسطة أو ميسورة.

قبل شهور، أخذ عبد اللطيف على عاتقه مسؤولية متابعة حالة طفلة بنفسه ومرافقته كل أربعاء إلى المختص النفساني من |أجل حل بعض مشاكل الانغلاق والتقوقع على النفس، بعدما نبهته المدرسة إلى ذلك ويؤكد عبد اللطيف أن الإقبال كان كثيفا على المختص النفساني، لاسيما الأربعاء بعد الزوال طالما أنه يظل الفرصة شبه الوحيدة للآباء من أجل حل مشاكل أطفالهم وهذا يبين مدى التحول الذي وقع على عقليات الآباء المغاربة (آباء تشمل الأمهات أيضا) العصريين، لكن ماذا يحدث في المقابل؟ وهل تخلى هؤلاء تماما عن العنف؟





التوقيع

لآ يتواضع إلا كبير ولآ يتكبر إلا صغير
==================
من وجـد الله فمـاذا فـقـد ...ومن فـقـد الله فمـاذا وجد
------
(انا رجلا لا انحنى لالتقط شيئا سقط من نظرى)


    رد مع اقتباس