عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-14, 09:53 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي لماذا يرفض رجال التعليم المذكرة 154 ؟


لماذا يرفض رجال التعليم المذكرة 154 ؟


منصور نجاري

وجدة سيتي : 13 - 12 - 2010
حسنا ما فعلت الأخ الطيب زايد عند ترجمة المذكرة 154 إلى اللغة الفرنسية ، هذه المذكرة التي أسالت الكثير من الحبر في الآونة الأخيرة نظرا لما جاء في محتواها. الكل ندد بهذه المذكرة عبر طرق مختلفة سواء عبر كتابات أو عرائض . وحسب علمي لا أحد أعاد النظر في موقفه السابق أو تراجع وندم عن فعلته أو اعتبره عملا متسرعا وغير عقلاني. أن من يقرأ المذكرة بتأني ويقف عند بعض من ما جاء فيها يعي جيدا أن الفشل الذي تعيشه مدرستنا لا ينحصر فقط في التدبير الزمني و غيابات المدرسين .أن للفشل أسباب عديدة عجزت الوزارة عن إيجاد حلول لها (الاكتظاظ- النقص الحاد في الموارد البشرية - ضعف البنية التحتية في العديد من المؤسسات- عدم ترشيد النفقات- إتباع سياسة الترقيع والتسويف) .
المذكرة تنص على حق المتعلمين في التربية والتكوين، أين هو هذا الحق في غياب الموارد البشرية الحقيقية والمؤهلة لهذا الدور. أين هو هذا الحق عندما يتم تعيين أساتذة الابتدائي للتدريس في الثانوي ألتأهيلي لسد الخصاص دون تكوين مسبق فقط من أجل تفادي احتجاجات الإباء والأولياء والتخلص منهم بإرجاعهم إلى مؤسساتهم الأصلية كلما وجد بديل . أين حق المتعلم عندما تحتفظ الوزارة بأطر تربوية تعاني أمراض مزمنة ومنهم من يغمى عليه داخل القسم .أين حق التلميذ عندما يصبح المدرس مستشارا بلديا أو جماعيا أو مستشارا بالجهة أو نقابيا أو رئيس جمعية ويتغيب برخص قد تصل إلى أسبوعين او ثلاثة ولا يمكن لأي كان الطعن فيها . أين هو حق المتعلم عندما يكون القسم مكتظا. أين حق المتعلم عندما يجد نفسه في مواجهة مقرر صعب فرض عليه فرضا. ما ذنب هذا المتعلم الذي أجبر على الانتقال من مستوى إلى مستوى بمعدل يستحي الإنسان العاقل من ذكره لأن نجاح التلميذ يخضع للخريطة المدرسية. والأمثلة حية في ما آل إليه مستوى التلاميذ الأدبيين بالثانوي ألتأهيلي الذين أصبحوا مجرد تماثيل داخل الفصول حسب شهادات أساتذة جميع المواد وما هؤلاء التلاميذ إلا ضحية أخطاء ارتكبت في حقهم خاصة من طرف الخريطة المدرسية.
صحيح أن الأطر التربوية في المؤسسات التعليمية ليست كلها ملائكة ولكن لا يجب التعميم . التصحيح لا يبدأ من القمة بل يجب أن يبدأ من القاعدة - من السنة الأولى ابتدائي ( تبسيط المقررات – تخفيض عدد التلاميذ من الفصل – توفير بنية تحتية في المستوى – اختيار مدرسين أكفاء للمدرسة الابتدائية من المستوى الأول إلى السادس – عقد لقاءات تربوية لدراسة كل العوائق التي قد تعرقل عملية التعلم. التخفيف من جداول حصص الأساتذة والتلاميذ على السواء– الاهتمام أكثر بالأنشطة الموازية خارج الفصل التي يجب أن تكون إجبارية وتمنح عنها نقطة كاملة – إعادة النظر في الكم الهائل من المواد والتركيز عن النوعية وليس الكمية. إعادة النظر في بعض المواد وتعويضها بمواد قد تكون أكثر أهمية لدى الأطفال – إقحام مرشدين تربويين لمساعدة السادة المفتشين في جميع المستويات- إنشاء خلية خاصة مكونة بالأساتذة والآباء لتتبع المتعلمين في مسارهم الدراسي . حل بعض المشاكل التي يعاني منها الأساتذة وتوفير جو تربوي مريح لهم وخاصة الاستقرار – إقحام الآباء والأولياء والأمهات واستدعائهم كل ما دعت الضرورة لذلك لدراسة أي وضعية شاذة عبر الاجتماع بهم والبحث سويا عن حلول . أن ما آل إليه مستوى العديد من التلاميذ لا يتحمل مسؤوليته الاستاد فقط بل هناك أطراف عديدة ساهمت ومازالت تساهم في استمرار هذه الوضعية وخاصة الأسرة . جل الأسر غائبة عن المدرسة .
إن المذكرة 154 مثلها كمثل مدونة السير جاءت قبل أوانها . إن طريق المدرسة العمومية مليئة بانعراجات يجب إصلاحها ومليئة بالحفر التي يجب ترميمها قبل الوصول إلى المدرس. إن خمول وتكاسل المدرس في بعض الحالات جاء نتيجة لوضعية مرضية مزمنة لم يتم معالجتها في حينها ولن تنفع معها العمليات الترميمية البسيطة بل هي في حاجة إلى عملية جراحية جد معقدة تتطلب مجهودا جبارا . رفض المذكرة جاء أيضا من طرف بعض المديرين لأن هؤلاء اقتنعوا من صعوبة تطبيقها وكانت لهم الشجاعة والجرأة لرفضها . عكس بعض المديرين الذين رأوا في المذكرة ورقة إضافية لتقوية سلطتهم وبسط نفوذهم على أعناق بعض الأطر التربوية الضعيفة . إن التصحيح بجميع أشكا له لن يكون فعالا وناجعا عن طريق التهديد والوعيد والجزر أو الاتهامات المجانية . التفكير في الدواء يقتضي تشخيص الداء .كفانا مضادات حيوية غير فعالة لأنها لن تزيد جسم هذه المدرسة المعلول إلا تفاقما .
إن الإصلاحات المتسرعة والمستعجلة لن تخدم مدرستنا .وتحميل السادة الأساتذة مسؤولية ما آلت إليه وضعية مدرستنا ومطالبته بتعويض ساعات الغياب المبررة شيء لا يقبله العقل. كما أشار أحد المعلقين في تعليقه على المذكرة عبر وجدة سيتي - المشكل لا يكمن في كمية الوقت التي يقضيها المدرس داخل الفصل أو المؤسسة وإنما الوقت الفعلي الذي يخصصه هذا المدرس لعملية التلقين والتحصيل.هل كل مدرس داخل القسم يؤدي واجبه على أحسن ما يرام؟ كيف نقنعه بالقيام بواجبه اتجاه هؤلاء الأطفال بعيدا عن التهديد بجميع أشكاله ؟ كيف نقنع هذا المدرس أنه السائق والميكانيكي في نفس الوقت وعليه إيصال هذه الحافلة المليئة عن آخرها بأطفال أبرياء الذين هم رجال ونساء الغد إلى بر الأمان. كيف نقنع هذا المدرس من محاسبة نفسه بنفسه دون اللجوء إلى الجزر؟ .كيف نقنعه أن هؤلاء الأطفال والتلاميذ هم أبنائه ومن منا يرغب أو يرضى بالفشل الدراسي لأبنائه؟ أسئلة كثيرة وكثيرة جدا . المشكل هو مشكل سلوك وأخلاق فالسلوك هو الذي يجب أن يتغير. وصدق قول الشاعر عندما قال "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت وان هم ذهبت أخلقهم ذهبوا"






    رد مع اقتباس