نفثة الثعبان قرّر أحد الثعابين يوماً أن يتوب ، و يكفُ عن إيذاء الناس و ترويعهم ، فذهب إلى راهب يستفتيه فيما يفعل . فقال له الراهب : إنتحي من الأرض مكانا معزولا ، و اكتفي من الطعام . النزر اليسير . ففعل الثعبان ما أُُمر به ، لكن قضّ مضجعه أن بعض الصبية كانوا يذهبون إليه و يرمونه بالحجارة ، وعندما يجدون منه عدم مقاومة كانوا يزيدون في إيذائه . فذهب إلى الراهب يشكو إليه حاله . فقال له الراهب : انفث في الهواء نفثة كل أسبوع ليعلم هؤلاء الصبية أنك تستطيع رد العدوان إذا أردت . فعمل بالنصيحة ؛ و ابتعد عنه الصبية ... و عاش بعدها مستريحا . كثير من الناس يغرهم الحلم ، و يغريهم الرفق و الطيبة بالعدوان و الإيذاء . و كلما زاد المرء في حلمه زاد المعتدي في عدوانه ، و قد يخيّل إليه أن عدم رد العدوان هو ضعف و استكانة و قلة حيلة . هنا يأتي دور الثعبان ونفثته التي تخبر من غرّه حلم الحليم ، أن اليد التي لا تبطش قد ألجمها الأدب لا الضعف ، و اللسان العفيف استمد عفته من حسن الخلق لا من ضعف المنطق و قلة الحيلة . وأن مهانة المسيء هي التي منعتنا من مجاراته لا الرهبة منه أو خشيته . إن لنفثة الثعبان في زماننا هذا قيمة ... و إظهار العصا بين الحين و الآخر كفيلٌ بإعلام الجهلاء أن أصحاب الضمائر الحية ، أقوياء ، أشداء ، قادرين على الحفاظ على حقوقهم و خصوصياتهم . نعم قد نعفو عمن أخطأ فينا مرة أو أكثر ، و قد نتغاضى عن الإساءة فترة ، لكن أن يكون هذا مطية لتضييع كرامتنا و مهابتنا ,, فهذا ما لا يرضاه عقل أو منطق أو دين . وفي أدب العرب أن من أمن العقوبة أساء الأدب. أعجبني الموضوع فنقلته لكم , وإلا فالكلام عن الحلم والسفه طويييل