عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-13, 23:01 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي الوقوف عند عتبة المصطلحات/بودريس درهمان


الوقوف عند عتبة المصطلحات



خلال عشرية واحدة، وهي العشرية الممتدة من سنة 1999 إلى سنة 2009 عرف المنهاج التربوي الوطني المغربي توالي نوعان من البيداغوجيات وهما بيداغوجيا الكفايات و بيداغوجيا الإدماج و لا أريد هنا أن ادخل في تحليل نظري حول نقاط الاختلاف و نقاط الالتقاء بين هاتين البيداغوجيتين؛ كل ما يهمني في هذه المقالة هو التساؤل و البحث عن مدى تأثير هاتان البيداغوجيتان على مستوى أداء المدرسين و على مستوى أداء المتدخلين في مجال التأطير و التكوين.
في البداية لابد من التذكير بأن المعرفة التربوية مثلها مثل باقي المعارف تتأتى من مصدرين: مصدر البحث التربوي و مصدر التجربة التربوية الشخصية. مصدر البحث التربوي غير متوفر لدى معظم الأساتذة و المتدخلين و مصدر التجربة التربوية الشخصية عادة ما تقوم البيداغوجيات المعتمدة رسميا و مؤسساتيا على عدم الاكتراث بها؛ من هنا يمكن التأكيد بأن مصادر التوفر على المعرفة التربوية الحقيقية هي منعدمة بالكل ليبقى المصدر الوحيد لاكتسابها هو التأطير و التكوين المستمر للأساتذة و المتدخلين التربويين. لكن رغم أهمية هذا التكوين و التأطير فبغياب المصدرين الأولين تبقى الممارسة التربوية مقطوعة من جذورها الحقيقية التي هي التجربة الشخصية و البحث التربوي المتأني.
إنني كمتتبع و ملاحظ، لا أتوفر على طريقة سليمة لقياس أداء كل المدرسين المغاربة، لكن تدني مستوى التلاميذ و تدني مستوى الحوارات البيداغوجية بداخل المؤسسات التربوية يعد مؤشرا لغياب تأثير بيداغوجيا الكفايات و بيداغوجيا الإدماج على أداء المدرسين و تعود أسباب غياب هذا التأثير إلى غياب التأطير و التكوين البيداغوجي؛ و حتى لو وجد هذا التأطير و التكوين فهو يبقى دون المستوى. سأعطي مثالا هنا بأحد الكفايات الممتدة التي تم تكوين الاساتذة عليها، هذه الكفاية هي كفاية التخطيط و التي هي كفاية مهنية و في نفس الوقت مرتبطة بخصوصية المواد، هذه الكفاية المهنية الممتدة، تم اعتبارها و تصنيفها من طرف بعض المواد المدرسة بداخل مراكز التكوين البيداغوجي بالمغرب كمجزوء تكويني مستقل يتم التعامل معه خارج ارتباطاته بالمواد المدرسة و بباقي الكفايات المهنية الممتدة الأخرى كالتدبير و التقويم. ليس هذا فقط بل تم التعامل مع هذه الكفاية المهنية الممتدة المرتبطة بالمواد المدرسة كمعرفة تلقينية وجب حفظها و ترديدها عن ظهر قلب، و الدليل على ذلك أن بعض الأكاديميات و بعض مديري المؤسسات التربوية قاموا بتوزيع نموذج من التخطيط التربوي السنوي من أجل تعميمه على المدرسين. إذا كانت الأكاديميات و مدراء المؤسسات سيوزعون على الأساتذة نموذج معمم من هذا التخطيط التربوي السنوي فلماذا يتم تكوينهم في هذا المجال؟ لأن هذه الكفاية أي كفاية التخطيط التربوي هي كفاية مهنية مرتبطة بكل أستاذ و أستاذة على حدة.
لقد سبق و أن أشرت في مقال سابق تحت عنوان "لغز بيداغوجيا الإدماج"منشور هنا على صفحات الحوار المتمدن على الرابط التالي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=231287

بأن هذه البيداغوجيا يتم التعامل معها حاليا كعقيدة تربوية يجب على الكل تطبيق تعاليمها بالحرف؛ و هذا ضد فلسفة و تصور بيداغوجيا الإدماج نفسها؛ لأن هذه البيداغوجيا تبقى بيداغوجيا رائدة و متماسكة على مستوى البناء المفاهيمي و على مستوى عقلنة الممارسة التربوية في تداخلاتها المتعددة المتجلية في تحديد الوضعيات و تحديد الموارد و و تطبيق عدة التقويم و المعالجة. هذه البداغوجيا ليست بيداغوجيا اقصائية لأنها بيداغوجيا تستفيد من كل البيداغوجيات التي سبقتها و لكن هنالك من يجهل البيداغوجيات الأخرى بل و يجهل حتى الأسس الفكرية و النظرية لبيداغوجيا الإدماج، فيقوم بالاقتصار فقط على الجانب الاجرائي منها أي أنه يقف عند عتبة المصطلحات فقط.
في التقويمات الدولية المتعلقة بتقويم مكتسبات التلاميذ مثل التقويم الدولي المتمحور على مكتسبات التلاميذ المعروف ب بيزاPISA ، بالخصوص تقويم مكتسبات تعلم اللغة الفرنسية، لوحظ أن التلاميذ المغاربة يتقنون تعريف المصطلحات، و لكن لا يستطيعون الاهتداء إلى النصوص التي تستعمل فيها هذه المصطلحات. قد تطرح سؤالا على أي تلميذ مغربي و تقول له مثلا ما هو النص الوصفي أو النص الحجاجي، فيجيبك بكل بلاغة و إتقان عن المصطلحات المحددة للنص الوصفي و النص الحجاجي ، لكن اذا ما طلبت منه أن يقوم بالاستدلال بداخل نص و صفي أو نص حجاجي عن هذه المكونات فانه يعجز تماما عن القيام بذلك. بمعنى ان التلميذ المغربي يقف عند عتبة المصطلحات لا أقل و لا أكثر؛ ومثل التلميذ المغربي مثل المدرس و المؤطر المغربي الكل يقف عند عتبة المصطلحات. من هنا فان أي بيداغوجيا كيف ما كان تماسكها و اعتمادها على الفكر التحليلي النقدي فان المدرسين و المؤطرين المغاربة سوف يحولونها إلى عقيدة تكتفي بالوقوف عند عتبة المصطلحات، و هذا ما يحصل حاليا لبيداغوجيا الإدماج بداخل المملكة المغربية، الكل يقف عند عتبة المصطلحات و عند عتبة ما جادت به عبقرية الإدارة التربوية المغربية سواء الإدارة التربوية المحلية أو الإدارة التربوية الجهوية.
بالوقوف فقط عند عتبة المصطلحاتسوف لن تتحقق لا بيداغوجيا الادماج و لا أي بيداغوجيا أخرى.







    رد مع اقتباس