عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-01, 08:12 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي تعليم اللغات الأجنبية في الدول المغاربية: إشكالية الثقافة


تعليم اللغات الأجنبية في الدول المغاربية: إشكالية الثقافة

من: اعل الشيخ و لد أباه


يقال قديما ‘من ازداد لسانا، ازداد إنسانا’، أي أن اللغة تجسد شخص آخر بكل تناقضاته وطموحاته. لكن اللغة أيضا هي وعاء الثقافة و خزان التاريخ والحضارة وهي مصدر الفهم والتفاهم في أغلب الأحيان على الرغم من أنها أيضا قد تكون عائقا ثقافيا يعمق الشرخ الحضاري وسوء التفاهم الثقافي بين الشعوب والثقافات.
في دول المغرب العربي، تعتبر اللغات الأجنبية من أكثر التخصصات استقطابا للطلبة في الجامعات لأن اللغات الأجنبية تفتح آفاق أكثر من غيرها وتزيد من الرزانة و الانفتاح على الثقافات الأخرى التي يتسبب جهلها في التعصب ضدها ثقافيا وسياسيا و اقتصاديا وتاريخيا…
يعتبر تعليم اللغات الأجنبية في السياقات الثقافية واللغوية المغايرة في الدول المغاربية تحديا ثقافيا يدفع أحيانا ببعض الطلبة اللجوء إلي الثقافة أو اللغة الأم لتأويل وفهم الثقافة أو اللغة الأخرى.
وكذلك لجوء بعض الأساتذة إلي تفسير اللغات الأجنبية في حجرات الدرس و استخدام المقابل في اللغة الأصلية لشرح اللغة الأجنبية وهو الشيء الذي يؤدي في اغلب الأحيان إلي عدم توصيل الفكرة من تعليم اللغة الأجنبية وقد يفضي إلي القياس الثقافي أو ‘الفهم الإزدواجي’ للغة…
إن تعليم اللغات الأجنبية في الدول المغاربية يدخل في صميم التقارب والتفاهم الثقافي بين الشعوب والحضارات ويسعى إلي تذليل الصعاب الثقافية، أي أن تعليم اللغات الأجنبية يسمح للطلبة بتجاوز التقابلات التاريخية والثنائيات الثقافية بين الذات والآخر.
إن اكتساب اللغة الأجنبية يؤثث لبناء ‘فضاء ثالث’ بعبارة Homi Bhabha حيث ‘الاختلاف الثقافي’ الذي يعني النفي و الاحتقار يتحول إلي ‘التعدد الثقافي’ الذي يشجع التفاعل الإيجابي و التفاهم بين الثقافات في إطار السلم والاحترام المتبادل وطبعا اللغة هي أداة التفاعل والتواصل…
في موريتانيا مثلا، تعتبر اللغة الإنجليزية الأكثر رواجا والأكثر إقبالا وتعلما من طرف مختلف الأعمار من الموظفين في الحكومة و حتى رجال الأعمال بالإضافة إلي الطلبة الجامعيين، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة نواكشوط يسجل سنويا أكبر عدد من الطلبة في قسم اللغة الإنجليزية.
في العام الماضي، على سبيل المثال، وصل طلبة اللغة الإنجليزية إلي أكثر من 500 طالب وفي السنة الأخيرة من الجامعة كان عدد الطلاب والطالبات 255. هذا العدد الكبير يؤكد إقبال الطلبة على اللغات الأجنبية من أجل فرص عمل أكبر و لاكتساب ثقافة أخرى….
إن شرح بعض المفاهيم والمصطلحات في اللغة الأجنبية بلغة الأم للطلبة المبتدئين ليس سلبيا في حد ذاته لكنه قد يؤثر في المستقبل على اكتساب اللغة الأجنبية كثقافة مستقلة من حيث أسلوب التفكير والنحو والبلاغة. إن اكتساب لغة عن طريق تفسيرها بأخرى هو نفس الشيء عندما يشجع بعض الأساتذة الطلبة في سن متقدمة من اكتساب اللغة على استخدام المعجم ثنائي اللغة (انجليزي-عربي أو انجليزي-فرنسي) مما يجعل هؤلاء الطلبة غير قادرين على التفكير باللغة الأجنبية و التضلع من الحمولة الثقافية…
ختاما، أعتقد أن تعليم اللغات الأجنبية في السياقات الثقافية لدول المغرب العربي لابد أن نركز على تدريس اللغة كإشكالية ثقافية وليست فقط كأداة للتواصل، لأن الفهم العميق والسليم للقيمة الثقافية والتاريخية والحضارية للغة ستساعد بشكل أكبر على التقارب بين الشعوب وبالتالي العمل على ردم الهوة الثقافية بين اللغات والحضارات و تجاوز سوء التفاهم و بناء جسور الاحترام المتبادل…







    رد مع اقتباس