عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-22, 23:12 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي الفساد والتغيير في نيابة التعليم بوجدة: العمل خوفا أو حبا


الفساد والتغيير في نيابة التعليم بوجدة: العمل خوفا أو حبا

22/09/2010





بدأ العام الدراسي الجديد، وقبل بدئه بقليل ظهر نائب وزير التعليم يعلن أنه سيقوم بزيارات مفاجئة للمدارس، وأنه لن يتهاون مع أي تسيب في العملية التعليمية، وهذه رؤية بوليسية جيدة تخيف العاملين في الحقل التعليمي من التسيب الذي شاع وعم، وضج من كثرته المهتمون بالعملية التعليمية من المتخصصين وأولياء الأمور، والطلاب الذين لا يقدرون على متابعة دراستهم في البيوت مع الدروس الخاصة بما تسببه من إرهاق لميزانيات الأسر المختلفة. ومع احترامي الشديد لشخص السيد نائب الوزير ولرغبته في الإصلاح، ومع إيماني بأن ما يقوم به يهدف إلى الخير وإصلاح حال المدارس، لكنني أختلف معه في الطريقة والأسلوب؛ فأن تجعل العاملين معك يحبون العمل شيء صعب؛ أما أن تُخيفهم فهذا أمر سهل جدا. والنتيجة تختلف في الحالين؛ فالذي يعمل خوفا يعمل مُرَاقِبًا مَنْ خَوَّفه؛ فإذا تأكد من ابتعاده عن موضعه، وعدم قدرته على متابعته عاد سيرته الأولى، والذي يعمل محبا للعمل لا يعنيه أن تراقبه أو لا؛ إنما يعنيه فقط أن ينجز ويحقق تقدما فيجعلك ترضى عنه وتسعد بإنجازاته.
فأداء العمل خوفا يسهم في عملية التنظيم وسرعة الاستجابة، لكنه لا يؤثر في جودة العمل مطلقا، فيكون حضور الطلاب والأساتذة منتظما بشكل سليم، والحصة مشغولة بعملية الدرس، والطلاب جالسون منتبهون أو نائمون، والأستاذ يشرح أو يغني أو ينكت مع الطلاب. المهم الفصل مشغول بالطلاب والأستاذ، وقد يكون ناتج هذا هو الانضباط الذي يثمر بعد الاستمرار عليه بعض الجودة. أما أداء العمل حبا، فيحقق التنظيم وسرعة الاستجابة من جهة، ويحقق الجودة والكفاءة المرجوة من جهة أخرى؛ فالتفاصيل الصغيرة التي يُتغاضى عنها في عملية الأداء خوفا يتم مراعاتها في عملية الأداء حبا؛ وبدلا من أن تكون الحصة أحادية الجانب؛ فالأستاذ يقول والطلاب يستقبلون سيتحول الأمر ليكون الأداء مشتركا بينهما؛ فيعملون معا من أجل تحقيق تقدم تعليمي، وبدلا من أن تكون الحصة مشغولة على كره من الطلاب والأساتذة ستصبح مشغولة برغبة منهم وحب في العملية التعليمية، ومن ثم تُثمر الثمرة المرجوة.
نحن بحاجة إلى الشِّدَّة، وعلى الأصح نحن بحاجة إلى الحزم والحسم، ولكننا بحاجة أكثر إلى الرحمة والمحبة، فنحن لا نُدَرِّب جيشا ليحارب؛ إنما نبني شعبا سيتحمل المسئولية كاملة، فحاجته إلى الرفق واللين والمحبة أكثر من حاجته إلى الشدة والعنف، وعمليات العقاب مع أهميتها لا تقدم حلولا للمشكلات بقدر ما تقدم عمليات الرضى النفسي والإقناع العقلي والروحي، حتى في تدريب الجيوش وإعدادها للمعارك نحتاج إلى الرحمة واللين أيضا فالجنود الذين يحبون قائدهم ويجدونه قريبا منهم يعمل على حل مشكلاتهم ويساعدهم يتفانون في أداء الأوامر الصادرة منه، ويتراخون في تنفيذ الأوامر الصادرة من غيره؛ أعني ممن لا يتعامل معهم بالطريقة نفسها؛ فيُظْهرون له أنهم يعملون ويُجِدون، وهم في الحقيقة يوهمونه بذاك فقط. ونحن بعد في وزارة التربية والتعليم المسئولة عن تكوين أجيال المستقبل؛ فإذا تعاملنا معهم من منطلق العنف والشدة خَرَّجْنا إرهابيين لا يعرفون غير هذه الطريقة؛ وإذا تعاملنا معهم بالرفق واللين واستطعنا أن نحول ميولهم من الإهمال إلى الاهتمام والعمل بحب ورغبة استطعنا أن نصنع أمة متقدمة. أتمنى أن يُعيد سيادة نائب الوزير النظر في تصريحاته، وأن يعرضها على خبراء تربويين قبل الإدلاء بها، أما مسألة المتابعة للمدارس فأمر واجب وحتم على كل العاملين بالوزارة في مناصب المتابعة، ولسيادة نائب الوزير أن يزور المدراس كيفما شاء لا للتخويف؛ ولكن لدراسة المشكلات على الطبيعة والتناقش مع العاملين في حقله نقاشا أخويا أو أبويا، ومعرفة رغباتهم وما يصادفونه من عقبات وبحث طرق التخلص من هذه العقبات، وكذا لمعرفة رؤاهم التطويرية والعمل على دراستها جيدا وتنفيذ ما يقره الخبراء من هذه الرؤى؛ فهذا أنفع وأفضل من التخويف والإرهاب.
أخيرا أتمنى لنائب الوزير كل التوفيق في نيابة وزارة صنع الشعوب والأمم،

د. حسن محمد عبد
عن وجدة سيتي نت





    رد مع اقتباس