عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-18, 21:00 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي من سار على الدرب وصل


من سار على الدرب وصل

17/09/2010





أنشأت الأكاديمية العربية العالمية للتدريب وتنمية الموارد البشرية منتدى خاصا بالمدربين الصغار، أي الأطفال الذين يريدون أن يتمرسوا على آليات الإلقاء وصناعة الكورسات، وأن يكونوا قادة في التنمية، والتدريب في دروبها المختلفة. لكن السؤال الذي يطرح هو: هل يمكن أن نتحدث عن قادة صغار؟ أوهل يمكن أن يكون هناك مدربون صغارا يمارسون التأطير والتدريب ويتحركون في قاعات التدريب، ويحسنون صياغة خطاب حسب الفئات المستهدفة؟؟ هل سبق وتحدث التاريخ عن ناشئين قالوا ما عجز عن قوله اليافعون؟ هل سبق وأن قاد الصغار وفودا فيهم الشيخ والرجل الراشد والبالغ؟ هل يمكن أن يكون الصبي ذكيا وفطنا ونبيها بشكل يدخل الريبة في عقول الكبار العارفين؟ هذا ما سنعرفه ونحن نفتح صفحات التاريخ.. تاريخ أمتنا الإسلامية، سواء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوفي عهد التابعين وتابعيهم، أو حتى في القرن الذي نعيش فيه.
من يقرأ سيرة الأطفال الصغار على عهد الرسول الكريم والصحابة الكرام، يجد أسماء ذكرتها المرويات ..وأحداثا كبارا أبطالها أطفال صغار. فهذا عمر بن الخطاب الرجل القوي الذي لا يشق له غبار..والمعروف بهيبته التي تجعل الرجال الكبار يغمى عليهم في الطرقات..ها هو هذا العملاق يمر بأحد الشوارع فيفر كل الأطفال ولم يبقى إلا واحدا هو عبد الله بن الزبير..فتعجب منه عمر رضي الله عنه وسأله: لما لم تفر مثل أقرانك؟ فأجاب الصبي قائلا بكل ثبات وثقة: يا أمير المؤمنين ليس الطريق بضيق حتى أوسع لك..ولم أذنب حتى أفر منك. بهذه الكلمات واجه عبد الله الطفل العملاق الكبير بذكاء خارق وجواب مقنع مفحم.. ليس الطريق بضيق حتى أفسح لك ولم أذنب حتى أفر منك.
هذه الكلمات يجب أن يقرأها كل طفل في العالم الإسلامي ليعلم أن الفطنة والنباهة في الصغر هي دليل على كبر الشأن وعظمة الموقف ورفعة الدرجة و سمو المرتبة التي سيكون عليها عندما يكبر..فهاته من تلك..فعبد الله الطفل هذا هو عبد الله بن الزبير أمير المؤمنين الذي بايعه المسلمون ليكون أميرا عليهم كقائد يقود الأمة في أحلك ظروفها وأشد فتنتها.. لقد جاء وفد إلى عمر بن عبد العزيز يقوده طفل وفي الوفد الرجال والشيوخ..فلما رأى عمر بن عبد العزيز الصبي وهو يقود القوم غضب وقال: " الكبر..الكبر يا قوم؟" أي قدموا كبيرا كي ينوب عنكم ويتحدث مكانكم. فتقدم الطفل الصغير وقال: " يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن لكان في مكانك من هو أسن منك، إننا لم نأت رغبة ولا رهبة..فأما الرغبة فقد أوصلها إلينا فضلك، وأما الرهبة فقد أمننا منها عدلك، جئنا نشكرك والسلام" وهكذا نطق هذا الصبي بكلمات في منتهى الإعجاز والإيجاز..ما كان لينطق بها الكبار اليافعون..وتعجب عمر بن عبد العزيز من فصاحة هذا الغلام وأمر له و لقومه بعطايا تكريما له على شجاعته وفصاحته وحكمته. ومثل هذا الصبي في موقف آخر سيتزعم وفدا زائرا لأمير المؤمنين هارون الرشيد. وإذا بالأمير يشتد غضبه وقال صارخا في القوم: " ألا يوجد فيكم رجل كبير يتقدم القوم؟" فتقدم الغلام وقال: " يا أمير المؤمنين إنما المرء بأصغريه بقلبه ولسانه" فذهل هارون الرشيد من كلام وحكمة هذا الغلام وأكرمه أحسن التكريم..فقول الغلام إنما المرء بأصغريه بقلبه ولسانه، معناها أن احتقار الصغير لا يجوز عقلا ولا منطقا لأن الإنسان مخبوء تحت لسانه واللسان رغم صغره يصدر عنه أفعال كبار وعظام ويقول الكلام القوي والشديد كما قد يدخل النار ويدخل الجنة وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو يكب الناس في وجوههم وقيل على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"....والقلب لصغره هو الذي يتحكم في عاطفة الإنسان ومشاعره وغرائزه وهو الذي يصدر عنه أفعال كبار مثل الحب أو الكره والحسد والبغض. أيها المدرب الصغير..اعلم هذا، وثق أنك على الطريق..طريق القادة الكبار الذين أثبتوا مخايل العبقرية والنباهة منذ كانوا صغارا..فباهتمامك بالتدريب بالعلم بالمطالعة بالكتابة أنت ترسم مستقبلك وتسعى لتحقيق حلمك..
إنك تستطيع أن تفعل مثلما فعلت المدربة الصغيرة روان موسى المرواني..فهي في مثل سنك أي بنت الحادي عشر ربيعا، استطاعت باجتهادها أن تصير أشهر أصغر مدربة ..وقامت بإنجاز دورات تدريبية استفاد منها الكثير من الطلاب..ولم تتوقف في تعليم الخرائط الذهنية للتلاميذ حتى يستفيدوا هم كذلك بتنظيم عقولهم ويتعلموا أفضل طريقة تساعدهم على تذكر المعلومات والدروس..إن المدربة الصغيرة روان بدأت، في بدايتها، بالتفوق في دراستها والاستفادة من الطرق السحرية التي تمنحها لنا خرائط العقل..فأحسنت رسم الخرائط وتمكنت من تعليمها للآخرين حتى أنها حضيت بلقاء مع مبتكر الخرائط الذهنية طوني بوزان وهو لقاء يحلم به كل إنسان يعرف قيمة الخرائط الذهنية.
إن ما وصلت إليه روان ليس صعبا على أحد..فقط يحتاج الطفل إلى أن يكون متفوقا في دراسته أولا، ثم عليه أن يحب العلم والبحث، وينظم شؤونه، أي ينظم وقت لعبه ووقت دروسه وحفظه وينظم باقي شؤونه، ويهتم بطريقة الكلام وتبليغ المعلومات ويمرن نفسه على مخاطبة الآخرين ولو في بيته بين إخوانه ووالديه.. ولا بأس أن يحاول مداعبة الحاسوب حتى يجمع الصور والكلمات والجمل المناسبة ليكون بها محاضرة أو مادة تدريبية. أيها المدرب الصغير..اعلم أنك قوي ..وتستطيع أن تفعل ما تريد..إذا كنت تريد أن تكون مدربا كبيرا فثق بأنك ستكون كذلك..وبعدها توكل على الله وخذ بالأسباب أي بالاجتهاد ولوازم الوصول وتحقيق الهدف..وسر في الدرب ..فإن من سار على الدرب وصل.

أحمد الجبلي
عن وجدة سيتي نت





    رد مع اقتباس