رأي الدين:
العلامة عبد الحي عمور رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة فاس ومفتش عام سابق بوزارة التربية الوطنية ومؤلف كتابي
"التربية في مرحلة ما قبل المدرسة
" و
"كتاب التعليم الأساسي
"، يؤِكد أن قضية اختلاط الجنسين الذكور والإناث في المؤسسات الاجتماعية تتم معالجتها من وجهتين تكادان تكونان مختلفتين
: أولهما المنظور الديني وثانيهما المنظور الغربي القائم على العلمانية التي لا أثر للدين الإسلامي في تكييفها أو التأثير عليها
.
فبخصوص المنظور الإسلامي يوضح العلامة عبد الحي عمور أن ظاهرة الاختلاط يمكن القول أن الدين الإسلامي يسمح بها في المراحل الأولى من التعليم والتربية، أي في مرحلة ما قبل التمدرس ومرحلة التعليم الابتدائي، ومن هنا فالاختلاط يمكن أن يكون مسموحا به بل قد يكون مرغوبا فيه باعتبار أن هذه المرحلة من التكوين والتربية تتوقف على نوع من التنافس وعلى نوع من التعامل الذي يقوم على البراءة وعلى التعاطف وعلى المحبة التي ينبغي أن تنهيها في نفوس أطفالنا في مراحل تربيتهم الأولى كما أن النوازع الفطرية التي تكون كامنة في نفسية الأطفال، وهذه المرحلة بالذات، يؤكد العلامة عبد الحي عمور، لا تثير من تداعيات العواطف التي من شأنها أن تجنح بتلك البراعم إلى ما يمكن أن يتنافى مع الحشمة والوقار والقيم الدينية، فضلا عن كون واقع الأسرة المغربية والوسط الاجتماعي المضمون في هذين العاملين أن يكونا ذا تأثير إيجابي في ضبط الغرائز وفي توجيه الأطفال بما لا يدعوهم على ما لا يتخالف مع القيم ومع حسن التحلي بالصفات الحميدة
.
ويؤكد فضيلة العلامة عبد الحي عمور أن هذا المنظور الإسلامي لهذه المرحلة تتفق عليه حتى النظريات التربوية الغربية ويضيف قائلا
:" من خلال ثقافتي التربوية التي مارست العمل فيها حوالي ثلاثة عقود أرى أن الاختلاط في مرحلة الرياض والتعليم الابتدائي مطلوبة بينما في مرحلة التعليم الإعدادي والثانوي فهي محظورة، نظرا لما تؤكده الدراسات النفسية والسلوكية لتلاميذ وتلميذات هذه المرحلة لكون نوازعهم الجنسية بدت في الظهور وتتطور في علاقاتهم وتعاملهم مع بعضهم البعض مما يستدعي نوعا من المراقبة داخل المؤسسات التعليمية، ومع الأسف هذه المراقبة لم تعد الآن كافية بالشكل المطلوب للحفاظ على العلاقات البريئة التي تجمع التلاميذ والتلميذات في إطار الاحترام والزمالة، حيث لا يجب أن ننسى أو نتناسى كمربيين ومسؤولين ورجال تربية ودين أن في مرحلة الإعدادي و الثانوي أطفالنا أصبحوا في مرحلة المراهقة التي تعتبر من أخطر المراحل العمرية مما يستلزم مراقبة على جميع المستويات وعلى الذكر والأنثى سواء، بل ويجب التفريق بين الذكور والإناث في هذه المرحلة بالذات حتى لو كانوا ينتمون إلى نفس الأسرة مصداقا لقوله
(ص
) أمروا أولادكم بالصلاة في سبع واضربوهم في عشر وفرقوا بينهم في المضاجع
).