عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-30, 00:11 رقم المشاركة : 1
makoutaziz
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
إحصائية العضو









makoutaziz غير متواجد حالياً


important وقفة تأمل في خلق الله عزوجل:وقفة تأمل في الفم


• انظر إلى فمك هذا الذي تأكل به الطعام , فحينما تتأمل في هذه الأسنان فإنك تجد ثلاثة أنواع منها: القواطع , والأنياب , والأضراس , وهذه الأخيرة أي الأضراس على نوعين: أضراس أمامية , وأضراس خلفية, وأما القواطع والأنياب فلكل منها جذر واحد , وأما الأضراس الأمامية فلها جذران , والأضراس الخلفية لها ثلاثة جذور نظرا لسعته وضخامته وامتلاءه , فمن الذي دبر هذا التدبير ؟

ثم انظر إلى هذه الملائمة بين هذه الأسنان وبين هذه الأضراس , لماذا لا يخرج لبعض الناس أضراس في مقدمة الفم ؟ وتكون الأسنان في آخر الفم! , هل رأيتم شيئا من ذلك ؟

لماذا لا يكون بعض الناس بهذه المثابة؟ , ثم إذا كان الأمر متحدا في جميع الخلق , فلماذا كانت هذه في الأمام وهذه متوسطة وهذه متأخرة ؟ ويكون بعض الأضراس بعد ذلك ؟ ... أقول كل ذلك قسمه الله عزوجل وقدره ورتبه ترتيبا عجيبا ليتحقق من ذلك الغرض الذي خلق من أجله.

فهذه القواطع يقطع بها الإنسان الخبز ونحوه , ثم هو بعد ذلك بهذه الأنياب التي تنتهي برأس مدبب يناسب لتمزيق اللحوم وما شابهها , وأما الأضراس الأمامية والخلفية فإن نهايتها مسطحة وعليها رؤوس صغيرة مدببة , وذلك من أجل أن تعمل عملها في طحن هذا الطعام الذي قطعته ابتداءا في أول الفم , ثم بعد ذلك يوجهه اللسان يحركه يمنة ويسره ليتوزع على هذه الأضراس , ولولا وجود هذا اللسان لكان الطعام يتكتل في وسط الفم ثم يتعين الإنسان في توجيهه للأضراس , ويحتاج بعد ذلك إلى إعمال الأصابع لتوجيه الطعام للأضراس لتقوم بدورها المطلوب.

ثم انظر إلى هذا اللعاب الذي لو كان مستمرا لتعب الإنسان من كثرة التفل , ولو كان منقطعا قليلا لا يكفي لتعب الإنسان من مضغ الطعام ولغص بأدنى الأشياء , فالله عزوجل جعله يفرز إفرازا مقدرا مرتبا محددا يليق بالحال المطلوبة.

معرفة هذه الأمور ينمي معرفة الرب تبارك وتعالى , ويملأ نفس الإنسان وقلبه تعظيما للخالق جل جلاله , ويقوده قودا إلى الإقرار بوحدانيته.

فأقول في هذا الفم الذي نأكل به الطعام , أقول تأملوا كيف شقه الله عزوجل في أحسن موضع وفي أليق موضع , تصور لو كان هذا الفم في رجل الإنسان ؟ أو في يده ؟ أو كان خلف رأسه ! كيف يكون حاله ؟ وقد أودع الله فيه من المنافع وآلات الذوق والكلام وآلات الطحن والقطع ما يبهر العقول , وجعل الله عزوجل وسط هذا الفم جعل فيه اللسان وجعل فيه ترجمانا للملك أعني القلب , فهو يترجم عن منونات الإنسان ويخبر عما في فؤاده , فهو كالبريد عن القلب وكالرسول له, وجعل هذا البريد في حسن منيع فجعله مصونا محفوظا مستورا غير بارز ولا مكشوف , فالأذن مكشوفة والأنف مكشوف , وكذلك العين مكشوفة , لأن الإنسان يحتاج أن يسمع بإذنه فهي بحاجة إلى أن تكون ظاهرة , والعين الإنسان بحاجة أن يبصر الأشياء بها فلا بد أن تكون ظاهرة , والأنف يحتاج الإنسان أن يتنفس منه فلا بد أن يكون ظاهرا إلى الخارج , وأما اللسان فله شأن آخر فهو مؤد عن القلب ومعبر عنه وليس مستقبلا للقلب , وإنما هو ترجمان له , فجعله الله مستورا لعدم الحاجة لإبرازه , وأيضا جعله الله عزوجل من ألطف الأعضاء ومن ألينها , وجعلها من أشدها رطوبة , وهو لا يتصرف إلا بواسطة هذه الرطوبة المحيطة به , فلو كان بارزا للخارج لكان عرض للحرارة واليبوسة وصار ناشفا , فمنعه ذلك من التصرف وسهولة الحركة , والإنسان إذا أصابه العطس لربما وجد أثر ذلك في لسانه , فهو أحيانا يعجز عن التعبير لشدة الجفاف الذي أصابه , وفيه سبعة عشر عضلة تحركه إلى كافة الإتجاهات , وفيه ثلاثة أعصاب لتنظيم نقل الحس.

وعلى سطح هذا اللسان يوجد تسعة آلاف نتوء ذوقي , وإذا حرك الإنسان لسانه بطريقة معينة صدر منه صوت معين , وإذا حركات باتجاه آخر صدر منه صوت آخر , والإنسان لا يجد كلفة بالكلام فيتكلم بكل يسر وسهولة وطلاقة , من الذي يسر له ذلك؟ , وإذا بدأ الإنسان يأكل الطعام بدأت هذه الغدد بالإفراز وهي محيطة بهذا اللسان عن يمينه وعن شماله ومن أمامه أعني تحته.

فأقول تأمل هذا العجب في صنع الله عزوجل , وكيف أن هذا اللسان نستخدمه في كثير من الأحيان في القيل والقال , نستخدم هذا اللسان فيما لا يرضي الله , بالغيبة والنميمة والسب والشتم والوقوع في أعراض المسلمين وما إلى ذلك.

ثم إن الله عزوجل زين هذا الفم أيضا بالأسنان , فرصها فيه رصا عجيبا , فصارت بطريقة بديعة جميلة , تُحسن الإنسان بحيث لو سقط شيء منها لبدا القبح ظاهرا فيحتاج الإنسان إلى معالجة هذا الأثر فيركب أسنانا أو ضرسا أو يرقع ضرسا مكسورا أو نحو ذلك ليتدارك النقص الذي ظهر فيه , فالإنسان لا يعرف قدر النعمة إلا إذا فقدها.

ثم أيضا جعله الله عزوجل قوام الإنسان لأنه يأكل عن طريقه , وتصور حال الناس الذين لا يتمكنون من ذلك – نسأل الله لنا ولكم العافية – ممن يصابون بأمراض بالبلعوم أو في المريء أو نحو ذلك , أين يرسل إليهم الطعام؟ من أين يصلهم هذا الطعام ؟ , يصلهم إما عن طريق فتحة في أعلى الصدر , أو عن طريق الأنف بليات وعذاب وشقاء ومما يشبه ذلك.

ثم انظر كيف زينه الله من الخارج بالشفتين , فصار زينة له وحلية , وصار ذلك أيضا سببا في فصاحته , لأن الشفتين تشتركان في عملية التصويت وعملية إبراز الكلام وفصاحته , ثم هي أيضا جعلها الله لحما لا عظم فيه من أجل أن يتمكن الإنسان من الحركة بها في كل يسر وسهولة.

فهو يكشر عن أسنانه ويبتسم ويبدي مشاعره بهذه الشفاه بطريقة عجيبة , ثم أيضا هو يحتاج إلى هذه الشفاه أن تكون بهذه الحالة العجيبة من غير عظام ليتمكن من مص الشراب , ولو كان في الشفتين شيء من العظام لما تمكن من ذلك بيسر وسهولة , ثم جعلها الله عزوجل طبقا وغطاءا , فلولا وجود الشفتين لصار الفم مكشوفا ولصار عرضة للغبار , ولصار شكله في حال من القبح , ولذلك أخبرنا الله عزوجل عن أهل النار أن وجوههم باسرة , ومعنى باسرة في قول طائفة من السلف أنه إذا احترق الوجه فإنها تبدو الأسنان , تتقلص الشفتان فإذا انقلصت ظهرت الأسنان....






التوقيع

    رد مع اقتباس