الموضوع: التعليم فوبيا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-23, 13:19 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

افتراضي التعليم فوبيا


التعليم فوبيا


كمال نيت امبارك

هسبريس : 23 - 08 - 2010
تتخبط منظومة التربية و التكوين في بلادنا, في مجموعة من المشاكل ذات طابع تربوي و آخر هيكلي تنظيمي, يمكن أن نجمله في محاولة البحث عن الذات المتناثرة الأشلاء. بين الحفاظ على إرث ثقافي مبني على قيم دينية ووطنية أملته الأدبيات التربوية, و بين استشراف مستقبل مكبل بإكراهات دولية فرضتها الأدبيات الليبرالية المتوحشة التي لا تقبل سوى بمنطق السوق و ثنائية الربح و الخسارة.
إنه واقع خلق في صفوف المهتمين نوعا من الخوف حول مصير أفراد المجتمع, خاصة المتطلعين منهم إلى مستقبل زاهر يجمع بين المكانة الاجتماعية و بين ما هو فكري متغير و ما هو أخلاقي متوارث.
منظومة جربت جل الوسائل لتلتحق بركب القطاعات الأخرى التي تدعي تحقيقها لمؤشرات نمو إيجابية,آخرها مخطط شعاره السرعة في الأداء و منطقه تبرير النفقات و ليس تدبيرها.لا محالة أنه لن يستعجل إلا بعمره الافتراضي في الوجود كمولود أوجدته إخفاقات عشرية الإصلاح, و كنفس جديد لإصلاح أصابه الشلل من جراء غياب الدينامية.
كل هذا و ذاك, أثر بشكل سلبي على نفسية العاملين بالقطاع,جرهم الفشل وراء الفشل إلى فقدان الثقة في أي مبادرة كانت أو ستكون نيتها صالحة, لأن تعليمنا يعتمد في تسييره و مخططاته على التخمين اللحظي لا على التخطيط و الاستراتيجيات المستقبلية.
ومن آثار السكيزوفرنيا التي يعيشها تعليمنا خاصة على المستوى النفسي الاجتماعي نحدد, في صفوف الحس المشترك و الناشئة نجد أن هناك محاولات للتوفيق بين تحقيق مستوىً معيشي حسن توفره الآفاق المستقبلية لما بعد المدرسة,هذه الأخيرة لم تستطع حتى الآن بتر الأفكار السائدة حولها مند الاستقلال كوسيلة آمنة يمكن عبرها إيجاد وظيفة محترمة و مقبولة اجتماعيا.إنها أفكار فرضتها عقليات تتسابق نحو تخليد و عبادة المظاهر الخداعة.
وقلنا التوفيق بين المستوى المعيشي الحسن و بين امتلاك ذات عارفة مثقفة مواكبة للعصر و متشبعة بقيم السلف.
ليزداد الأمر أكثر تعقيدا سيما في صفوف الحاملين للهم القيمي الأخلاقي داخل المنظومة, إنه ذلك الأستاذ الذي يتطلع إلى مكانة اجتماعية و اقتصادية تواكب التغير في نمط العيش و التفكير – خاصة و أن العقلية المقاولتية هي سيد الموقف, و التي تكرس تصنيفا فئويا في الوظائف – و بين الضمير المهني و الأخلاقي الذي يفرض منطق التضحيات و يتبنى المثل السائد " الأستاذ شمعة تحترق لتنير الطريق ".
أما إذا استرقنا النظر داخل دهاليز المنظومة ككل فلن يسر أعيننا سوى خلطة غير متجانسة خلفتها التبعية اللاإرادية للاخر تحت غطاء الحداثة,لمواكبة الدينامية المتغيرة للاحتفاظ بالوضع المتقدم, مقابل تهميش القيم والأخلاق و الموروث الفكري و الخصوصية المجتمعية. ليختلط الحابل بالنابل بين المنطق العصري المقاولتي في التسيير و بين المنطق التربوي القيمي, في محاولة للإجابة عن سؤال من الأولى؟
نتاج هذا الوضع الممزق, ظهور ما يسمى التعليمفوبيا: صراعات داخلية بين فآت الموارد البشرية للمنظومة, فهذا مدرس الأطفال الصغار أقل مكانة من آخر في الثانوي, رغم أن المهمة واحدة هي التدريس, والهم نخر أدهان الكل. وهؤلاء يدرسون بالقسم خلافا لآخرين إداريين أحسن و أوقر مرتبة من أولئك, و التالي مفتش يمارس التسلط و يتباهى بالمعنى القديم و المترهل للمصطلح.لكن الأكيد أن الكل يرفع بصوت الجماعة الشعار العامي القائل " ألمزوق من برى أش خبارك من الداخل ". والمعنى هنا أعمق من العمق.
فحذار أن تكون هذه الرئة – كمصطلح مقتبس من معجم " النفس الجديد للإصلاح " – المراد تغييرها هي القيم و الأخلاق و منطق الوحدة العضوية, لأن بدونها يغيب المجتمع.
إذاً فضرورة البحث عن خطة تستهدف إصلاح ذات البين الجسم التعليمي من الداخل, و محاولة جبر الضرر النفسي للعاملين بالقطاع مجتمعيا.






    رد مع اقتباس