عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-14, 19:47 رقم المشاركة : 1
mkochkar
أستـــــاذ(ة) متميز
 
الصورة الرمزية mkochkar

 

إحصائية العضو









mkochkar غير متواجد حالياً


افتراضي محاولة فلسفية أولى: الموروث و المكتسب. مواطن العالم د. محمد كشكار


محاولة فلسفية أولى: الموروث و المكتسب. مواطن العالم د.

محمد كشكار





كلمة فلسفة تعني حرفيا حب الحكمة و أنا أعشق الحكمة منذ وعيت هذه الدنيا فأنا إذا فيلسوف بالقوة حتى و إن لم أكن فيلسوفا بالفعل. الفلسفة هي تساؤل و تأويل و تفكير حول العالم و الوجود الإنساني و هذا ما أفعله، مكره أخاك لا بطل، منذ أن تخرجت سنة أربعة و سبعون ميلادي.
هل الإنسان العربي مسيّر أم مخيّر؟
يولد الفرد من والدين اثنين و هو يحمل ستة و أريعين صبغية وراثية، أخذ نصفها من الحيوان المنوي للأب و النصف الثاني من بويضة الأم. يدخل الدنيا و هو مكبّل بتراث بيولوجي وراثي لا مناص منه قبل أن يحكم تكبيله تراثا حضاريا لادخل له فيه و لم يشارك البتة في صنعه.
منذ التحام البويضة "أ" بالحيوان المنوي "ب" صدفة يتقرر اعتباطا المصير البيولوجي للفرد و يعرف سلفا لونه، شكله، طوله، أمراضه الخلقية، قابليته للإصابة ببعض الأمراض الوراثية المستقبلية و تتحدّد نهائيا ملامح وجهه التي سيعرضها يوميا على مجتمع قاس غير متحضر و أناني. صحيح أنه كنوع من الحيوان قد شارك تاريخيا في التطور البيولجي و التفاعل الذي تم عبر ملايين السنين بين جيناته أو مورّثاته الثلاثون ألف و المحيط حتى وصلت إلينا على هذه الحال، في منزلة بين المنزلتين لا هي صفات بشرية و لا هي صفات حيوانية و الأحرى أنها للحيوان أقرب. تمعّن فيما فعله و يفعله الحكام غربيين و شرقيين و هم في الظلم متساوون! هل الحيوان يقتل ابن فصيلته؟ هل الحيوان يقتل للكسب و الربح و الجشع و التسلط؟ هل الحيوان يقتل بالقنبلة النووية مائة و خمسين ألف بشر ياباني في يوم واحد؟ هل الحيوان يقتل خمسة و أربعين ألف جزائري في سطيف في يوم واحد؟ هل الحيوان يقاتل ابن بلده و يبيد منه عبثا مائتي ألف في الجزائر؟ هل الحيوان يعبر المحيطات و يذل شعوبا و يخصي أمما بأكمله؟ هل رأيت أسرابا من الطيور تمطر بلدا مليون قنبلة عنقودية؟ إلا طير أبابيل في القرآنترميأبرهةالحبشيوجيشهبحجارةمنسجيل. لكن في المقابل، هل الفرد يتحمل مسؤولية جدلية تطورية تاريخية قد تمت بين جيناته و البيئة؟ و الغريب أن انفصال الإنسان عن ابن عمه القرد في شجرة التطور قد وقع صدفة أيضا و القرد ليس جد الإنسان بيولوجيا كما يأوّل خطأ غير العلميين نظرية التطور الداروينية. نتج هذا الانفصال عن خطأ في جزيء الحمض النووي فوجودنا من أساسه مبني على خطأ كيميائي أفرز نقلة نوعية إيجابية في تكويننا. تعارض هذه المقاربة الحتمية السابقة مقاربة لاحتمية تسمى "ما بعد الوراثي" التي تنادي بعدم التسليم بالقدر البيولجي و محاولة التصدي له و تغييره بالتعلّم و التمرين و تغيير العادات و التقاليد و لها في سجلها الجديد بعض الانتصارات. يصادف هذه المقاربة العلمية التقدمية و الواعدة عراقيل عدة منها ما يتعلق بالأوساط العلمية المؤمنة بـمقاربة "الكل وراثي" و بألوهية الحمض النووي و منها ما هو سياسي تخدمه هذه المقاربة العلمية الأخيرة.
منذ الولادة يجد الفرد أما و أبا لم يخترهما، لم يختر أخيه و أخته و لا عمه و لا خالته و لا لغته و لا دينه و لا جنسيته و لا مكان ولادته و لا حليب أمه أو حليب الحاكم. جاء و هو مسيّر فاقد الإرادة، جاء و الحاكم العربي جاثم على صدره و كاتم لنفسه و الحزب العربي الواحد الأحد لا حزب شريك له مهيمن على الدولة و الشعب و جبّار على الضعفاء و مذلّ للفقراء و رقيب على الصحافيين و مانع للحرية و مقدّم للزيادة في الأسعار و مؤخّر للزيادة في الراتب و منتقم من المعارضين و ضارّ للناس أجمعين و الأوّل في التخلف الآخر في التقدّم موجود موجود موجود! جاء و النظام الديمقراطي و حرية الصحافة و دولة المؤسسات و القانون و حقوق الإنسان و استقلال القضاء موعود موعود موعود! جاء و فلسطين محتلة و العرب و المسلمين مكروهين و مهانين فورث قدرهم و كسلهم و فشلهم كما ورث لون بشرته فهل له دخل في كل هذا العبث الذي سيقرر مصيره و اتجاهه و طموحه مهما فعل في المستقبل؟ هل يستطيع أن يعيش بعزة و كرامة في وطنه؟ هل يستطيع أن يعارض السلطة و كرامته مصانة؟ هل يستطيع أن يفعّل الفصل العاشر من قانون الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يحرّم الترشح لأكثر من دورتين في المسؤولية النقابية؟ هل يستطيع أن يقف دون تجريد ضد ديناصورات المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل؟ ديناصوراتنا النقابية أطول عمرا من ديناصورات الحقبة الجوراسية، لقد انقرضت و هم لا ينقرضون و على رؤوسنا قابعون و للنشاط النقابي قامعون و بالسلطة و الخارج يستقوون على العمال المثقفين المفكرين و على العمال الذين هم بالساعد شغالون.
في عالمنا العربي تحالف الثلاثي المقدس، الموروث البيولوجي و التراث الحضاري المتكلّس و الأنظمة السياسية القروسطية، و ضيّق الخناق على المواطن العربي المسكين و أجبروه على أن يكون مسيّرا مائة بالمائة حتى و لو كان زميله في البلدان الإسكندنافية مسيّرا مائة بالمائة و مخيّرا مائة بالمائة في نفس الوقت.




أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب - لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع - بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"....."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف اللفظي".







آخر تعديل najlaa najlaa يوم 2010-08-15 في 00:40.
    رد مع اقتباس