الموضوع: قريتي المسكينة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-10, 11:54 رقم المشاركة : 1
tahiri
أستـــــاذ(ة) مشارك
 
الصورة الرمزية tahiri

 

إحصائية العضو








tahiri غير متواجد حالياً


b7 قريتي المسكينة


كانت قريتي هادئة ، جميلة ، يأتيها رزقها رغدا لأنها ربت أبناءها على أسس" رجولية" تقوم على مبدإ بسيط : (شمر على ساعد الجد ،وأخلص في عملك ،ولا تسرق ولا تكذب ...)
عاشت أجيال وأجيال من أبناء قريتي حياتها ببساطة ، ولكن بشهامة وشرف .
لم يعرف أبناء قريتي ، حينذاك ، ضيق العيش الناتج عن المراسلات التهديدية ، بالغرامات والمقاضاة ، والتلويح بالسجن و...إذا لم يسددوا ما بالذمة من مستحقات .
كان أبناء قريتي يلتقون في كل مساء ، بعد يوم من الكد والبذل ،في العراء ،يلقون بأبدانهم المنهكة فوق الحصى والتراب ، يتبادلون الرأي في كل شيء ذي شأن من أمور قريتهم ،يحللون ن يناقشون ، يقررون ، وينفذون ...
ظلت بساطة المأكل والملبس ،مع شهامة النفس وعزتها ، من مقتضيات حياة أبناء قريتي ...
وللنساء نصيب وافر من العزة يكمل ما يشيده الرجال ...
لم يكن لدى أبناء قريتي من الوقت ما يبددونه في اقتفاء آثار النساء وتقليدهن في التزيين والتجميل و...وكيف يمكن أن يفعل الواحد منهم شيئا من ذلك ، وفي نفوسهم وضمائرهم قناعة بأن الرجل رجل ، وأن الأنثى أنثى ، فلم ينسخ الواحد منهم جنسه ليتشبه بالآخر إلا أن يكون به حال يخرجه من دائرة جنسه الأصلي الذي خلق من أجل أداء دوره في إطاره ...؟!
احتفظ أبناء قريتي لأسرهم بشيم صانت لها قيمها وأخلاقها وشهامتها ...
أنا الآن لم أعد أعرف قريتي ، بل لم تعد قريتي تعرفني ...
أصبح الحال غير الحال ، ضاعت اللغة ،شاهت الوجوه ،نسخ القوم تقاليدهم ،بل وحاربوها ،صاحوا بملء أفاههم بأن العصر الحديث يقتضي التغيير ، فغيروا ،فإذا بهم يتيهون في ارض الحضارات ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، فواضيعتهم ...






التوقيع

نقطة من عسل تصيد ما لايصيد
برميـــــــــــــــــــل من العلقـــــــم

    رد مع اقتباس