الموضوع: محطة الرزق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-09-20, 22:00 رقم المشاركة : 1
larme noire
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية larme noire

 

إحصائية العضو







larme noire غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي محطة الرزق


في إحدى محطات الإستراحة توقفت الحافلة ، جلست أرقبها من بعيد : امرأة لا تحمل من عالم الأنوثة الا الإسم ، نزل بها حكم الزمان لم يرحم أنوثتها أو وحدتها رفقة طفليين الأول معاق و الثانية صغيرة ، كانت تقف أمام كرسي ابنها المتحرك البالغ سبع او تماني سنوات بملامحها الغائرة و الشمس أدبرت لون بشرتها الأبيض و أبدلته بلون بني قاتم ، تضع على رأسها منديل صغير لا يستر الا مقدمة رأسها اما الباقي فعاري تماما ، عيناها دابلاتان و بابتسامة باهتة تستقبل الحافلة لتبدأ مرحلة البحث عن الدراهم
نزل الركاب من الحافلة لتبدأ حركاتها المتتاقلة و عيناها تبحث عن الزبون الأول الذي تبدأ به ، استقرت عيناها على بائع عصير الليمون الذي كان منهمكا في عمله بين هش الذباب عن سلعته و تلبيته لطلبات أول زبون له ، و بابتسامتها العريضة بدأت تتحدث و تحاول ابراز أنوتثها التي قتلها الزمان لتغازل ذلك الزبون ، يتطلع هو بدورها الى وجهها ليبدأ بعد ذلك سفره بين هضاب جسدها المفضوح في فستان شبه عاري و هو يتلدد بكأسه.... . فرغت الكأس ليترك لها ابتسامة وداع رفقة كأس من العصير و كأنه يشكرها على الترحيب الخاص الذي خصته به في هذه المحطة أو لتعبير عن امتنانه لها للجولة التي قام بها في شوارع جسدها ، تناولت الكأس وصبته في قنينة ماء كانت مرمية على احدى الجوانب و جرت بها الى ابنها الذي كان يرقب تحركاتها و هي تسعى للحصول على ما تسد به عطش تلك العيون اليتيمة ، وضعت القنينة وراء كيس أسود معلق خلف الكرسي و جرت للبحث عن زبونها الثاني ، هذه المرة الزبون لم ينفعها معه خريف أنوثتها كان احدى الشباب الذين لا تجذبهم اللحوم الفاسدة و التي تعفنت من كثرة الذباب الذي يتطاير في سمائها ، نظر اليها نظرة قاسية لم يحرك شفتيه قط عرفت انها لن تأخد منه لا حق و لا باطل لتحاول مرة أخرى استمالة عطفه بابنها المقعد ، بدأت تشير الى ابنها و تحرك شفتيها بكلمات متتالية غير أن حظها لم ينصفها و قسوة الشاب اعند من كلماتها لتغادره و هي تلوح بيدها لابنتها الصغيرة و تشير لها بان تصعد للحافلة
صعدت الحافلة ، لتجدها قبلتها بعض المسافرين الاجانب ، بدات تتكلم امامهم تريد ان تحدثهم بلغتهم غير أنها عاجزة لا تحفظ الا كلمة واحد و هي أن درهم ، بدأت ترددها مرات لم يهتموا لكلامها بل رقوا لحال تلك الطفلة الصغيرة التي لم ترحمها الأيام ، فهمت الأم التي علمتها الأيام ان ابنتها استمالت عطفهم فقالت سكينة اسمها سكينة و بدأت تدفعها امامهم و هم يرمقون الطفلة بنظرات ممزوجة بالاعجاب بالبرائة و الشفقة لحالها ، لكن الأم لم تنسى جمع الدراهم و بدات مجدد تردد كلماتها و تستعطفهم ، هذه المرة اليد كانت سخية و جادت عليها بعشرون درهما
شكرتهم و أتحفتهم ببعض الدعوات التي تحفظ
انتهت رحلتها بالفوز بعشرون درهما ، لتغادر الحافلة التي بدات تتحرك اتجاه وجهتها لتكمل هي رحلة بحثها عن الدراهم مع الحافلة المتجهة نحو مراكش.





التوقيع

سارحل ..................
لاشي يبقى كما هو
لكن يهمني ان تبقي الاشياء بيننا جميله ...
وأن تبقي المساحه خلفى بيضاء نقيه ..
كقلب طفل وليد ....




آخر تعديل larme noire يوم 2009-09-23 في 17:14.
    رد مع اقتباس