محطة الرزق | في إحدى محطات الإستراحة توقفت الحافلة ، جلست أرقبها من بعيد : امرأة لا تحمل من عالم الأنوثة الا الإسم ، نزل بها حكم الزمان لم يرحم أنوثتها أو وحدتها رفقة طفليين الأول معاق و الثانية صغيرة ، كانت تقف أمام كرسي ابنها المتحرك البالغ سبع او تماني سنوات بملامحها الغائرة و الشمس أدبرت لون بشرتها الأبيض و أبدلته بلون بني قاتم ، تضع على رأسها منديل صغير لا يستر الا مقدمة رأسها اما الباقي فعاري تماما ، عيناها دابلاتان و بابتسامة باهتة تستقبل الحافلة لتبدأ مرحلة البحث عن الدراهم نزل الركاب من الحافلة لتبدأ حركاتها المتتاقلة و عيناها تبحث عن الزبون الأول الذي تبدأ به ، استقرت عيناها على بائع عصير الليمون الذي كان منهمكا في عمله بين هش الذباب عن سلعته و تلبيته لطلبات أول زبون له ، و بابتسامتها العريضة بدأت تتحدث و تحاول ابراز أنوتثها التي قتلها الزمان لتغازل ذلك الزبون ، يتطلع هو بدورها الى وجهها ليبدأ بعد ذلك سفره بين هضاب جسدها المفضوح في فستان شبه عاري و هو يتلدد بكأسه.... . فرغت الكأس ليترك لها ابتسامة وداع رفقة كأس من العصير و كأنه يشكرها على الترحيب الخاص الذي خصته به في هذه المحطة أو لتعبير عن امتنانه لها للجولة التي قام بها في شوارع جسدها ، تناولت الكأس وصبته في قنينة ماء كانت مرمية على احدى الجوانب و جرت بها الى ابنها الذي كان يرقب تحركاتها و هي تسعى للحصول على ما تسد به عطش تلك العيون اليتيمة ، وضعت القنينة وراء كيس أسود معلق خلف الكرسي و جرت للبحث عن زبونها الثاني ، هذه المرة الزبون لم ينفعها معه خريف أنوثتها كان احدى الشباب الذين لا تجذبهم اللحوم الفاسدة و التي تعفنت من كثرة الذباب الذي يتطاير في سمائها ، نظر اليها نظرة قاسية لم يحرك شفتيه قط عرفت انها لن تأخد منه لا حق و لا باطل لتحاول مرة أخرى استمالة عطفه بابنها المقعد ، بدأت تشير الى ابنها و تحرك شفتيها بكلمات متتالية غير أن حظها لم ينصفها و قسوة الشاب اعند من كلماتها لتغادره و هي تلوح بيدها لابنتها الصغيرة و تشير لها بان تصعد للحافلة صعدت الحافلة ، لتجدها قبلتها بعض المسافرين الاجانب ، بدات تتكلم امامهم تريد ان تحدثهم بلغتهم غير أنها عاجزة لا تحفظ الا كلمة واحد و هي أن درهم ، بدأت ترددها مرات لم يهتموا لكلامها بل رقوا لحال تلك الطفلة الصغيرة التي لم ترحمها الأيام ، فهمت الأم التي علمتها الأيام ان ابنتها استمالت عطفهم فقالت سكينة اسمها سكينة و بدأت تدفعها امامهم و هم يرمقون الطفلة بنظرات ممزوجة بالاعجاب بالبرائة و الشفقة لحالها ، لكن الأم لم تنسى جمع الدراهم و بدات مجدد تردد كلماتها و تستعطفهم ، هذه المرة اليد كانت سخية و جادت عليها بعشرون درهما شكرتهم و أتحفتهم ببعض الدعوات التي تحفظ انتهت رحلتها بالفوز بعشرون درهما ، لتغادر الحافلة التي بدات تتحرك اتجاه وجهتها لتكمل هي رحلة بحثها عن الدراهم مع الحافلة المتجهة نحو مراكش. | التوقيع | سارحل .................. لاشي يبقى كما هو لكن يهمني ان تبقي الاشياء بيننا جميله ... وأن تبقي المساحه خلفى بيضاء نقيه .. كقلب طفل وليد .... | آخر تعديل larme noire يوم 2009-09-23 في 17:14. |