عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-07-29, 14:20 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

b7 إضرابات النقابات ، أم إضراب الحكومة؟


إضرابات النقابات ، أم إضراب الحكومة؟
الخميس 29-07-2010 02:54 مساء







ما فتئ المواطنون يعانون من تداعيات الإضرابات القطاعية التي شهدتها أرض الوطن خلال السنتين الأخيرتين ، وخصوصا لما يتعلق الأمر بتعطيل المرافق العامة ذات الصلة بالخدمات المفتوحة والضرورية كالنقل، والبريد، والمؤسسات المالية، والجماعات المحلية، والعدل .

ولعل الإضراب السنوي- شبه المفتوح - لقطاع البلديات الذي لا زال مستمرا منذ سنة 2008، بسبب جمود الملف المطلبي وتجاهل الإدارة للحقوق والمطالب المشروعة للعاملين بهذا القطاع، يضع أكثر من تساؤل حول مدى جدية الموقف الحكومي وتقديره للمسؤولية تجاه المواطنين ومصالح الوطن ككل، إذ الملاحظ هو أنه خلال هذه الإضرابات يظل المواطنون هم الضحية الأولى، بل الحلقة الضعيفة ، والطرف الوحيد الذي يملأ فارق المسافة الموجودة بين المضربين وبين إداراتهم المعنية بإيجاد الحلول وطرح البدائل، حيث تتعطل المصالح بالكامل، وتفوت الكثير من الفرص والمهام والمسؤوليات، وما أن ينتهي الإضراب حتى تشتد معاناة المواطنين مع طول الانتظار، والقلق الدائم، وانتهاء الآجال ومدد الصلاحية والقبول الخاصة بالإجراءات الإدارية وتنفيذ المهام ..

ولم تسع الجهات المسؤولة في كل هذه المحطات إلى تقديم جواب عن المشاكل المطروحة، والإعلان عن حل مرض من أجل وقف مسلسل الإضرابات، والتخفيف من معاناة المواطنين، والحد من ضياع الكثير من الطاقات والإمكانيات المادية والمعنوية ، كما لم تسع الإدارات المعنية لتقديم أجوبة عن الإشكالات المطروحة، والتي تحولت إلى مرض مزمن يهدد الأمن الاجتماعي.

وفي الوقت الذي يقترب موعد الشروع في تطبيق مقتضيات مدونة السير الجديدة التي ما زالت تثير الجدل القوي وسط المهنيين والرأي العام بالرغم من المصادقة القسرية للبرلمان عليها ، فإن الجهات المسؤولة لا زالت متصلبة في موقفها الرافض لإدخال تعديل حقيقي على المدونة، وهكذا سيطرح المشكل من جديد بعد تجدد إضرابات قطاعات النقل العمومي بكل أصنافه، والتي تتسب في حدوث الجمود والشلل التام على صعيد كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتزامن مع تزايد حدة الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية .. فلا زال مهنيو القطاع يتشبثون بمطالبهم التي تجاهلتها الجهات الرسمية، كما يهددون بالعودة إلى الإضراب من جديد تعبيرا عدم قبولهم بمدونة السير في صيغتها المملاة بالرغم من ثبوت سلبياتها المتعددة وعوائق تنفيذها بشكل سليم وإيجابي .

وكما نعلم فإنه لما فشلت جلسات الحوار استمر الإضراب في السنة الماضية تسعة أيام، فرض خلالها الحصار على المواطنين داخل الوطن كله، وتضررت بسبب ذلك مصالح الأفراد والمؤسسات والجماعات، وغدا الوضع ينذر بالخطر لولا تحرك الجهات المسؤولة من أجل نزع الفتيل عبر اتخاذ قرار تعطيل مشروع المدونة في مجلس المستشارين بصفة مؤقتة قبل المصادقة عليه.

والأساسي هو أن المواطنين قد عانوا خلال هذه الفترة العصيبة من كل أنواع الحرمان والخصاص بعد أن نفذت الحاجيات والضروريات من السوق ، وبعد أن ساد الجمود عددا من الميادين الاقتصادية والتجارية، كما تعرضت العديد من الوحدات الاقتصادية والإنتاجية لخسائر فادحة..

ويطرح المشكل من جديد بالنسبة لقطاع بريد المغرب الذي استأنف العاملون به مسلسل الإضرابات، ويذكرنا ذلك بمناسبة عيد الشغل للسنة الماضية حيث قررالعاملون بالقطاع بعد أن نفذ صبرهم خوض إضراب متزامن مع عطلة نهاية الأسبوع ويوم عيد الشغل، حيث وصلت مدته خمسة أيام بالكامل، لا يمكن تقدير حجم مضاعفات تأثيرها بالنسبة للزبناء وكذلك الإدارة التي لم يعد يهمها الأمر، ما دام الموقف هو نفسه، لا زال يتكرر خلال هذه السنة مع نفس المطالب.

إنه لمن الطبيعي أن تتحرك القطاعات الاجتماعية تحت ضغط الضرورة للمطالبة بحقوقها التي تقرها التشريعات والقوانين وفق منهج موزوع لا يخل بالنظام العام ولا يؤدي إلى وقوع المزيد من التجاذبات والانهيارات بالرغم من التداعيات المشار إليها ، لكن الغير المفهوم هو الصمت الحكومي، وعدم تفهم المسؤولين لمشروعية الحراك الاجتماعي ودوره الأساسي في تحفيز الهمم، والنهوض بالقوى بدورالاجتماعية الفعالة، وتعميق التصورات، وتحصين البرامج والمخططات والمناهج. إذ لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم ويعرف طريقه إلى الخلاص من الزوابع في ظل سيادة منطق تجاهل حقوق المواطنين.

وتنسى الجهات المسؤولة أنها بتجاهلها لهذا الحراك، وتصلبها أمام مطالب القطاعات المضربة فإنها تصر على إلحاق الضرر بمصالح المواطنين بصفة عامة، وحرمانهم من حق الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والاستفادة من حقوق المواطنة . فهلا فكرت هذه الجهات في هذا الوضع بنوع من المنطق، والمسؤولية واستحضار الضمير الحي الذي لا يجب أن يدخل بدوره في إضراب مفتوح. فالمسجل الآن هو إضراب الحكومة المفتوح الذي لا يضاهيه إضراب النقابات.

المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين






    رد مع اقتباس