الموضوع: حفل زفاف ...!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-07-28, 11:47 رقم المشاركة : 1
tahiri
أستـــــاذ(ة) مشارك
 
الصورة الرمزية tahiri

 

إحصائية العضو








tahiri غير متواجد حالياً


افتراضي حفل زفاف ...!


في أحيان كثيرة ،تجد نفسك مضطرا لتلبية دعوة لحضور حفل زفاف أحد أبناء أوبنات جيرانك أو أصدقائك . وجه الضرورة هنا هو مراعاة علاقات القرابة او الصداقة أو الجوار ...
تقف متأملا ، راصدا مجمل مراسيم الحفل فتجدها عبارة عن مسرحية ، بالمعنى القدحي ، للمسرحية .يؤدي جل شخوصها ادوارا مفتعلة لا صدق فيها ولا روح .طابعها العام هو البهرجة وحب الظهور والخداع والنفاق الاجتماعي .
فأنت تتلقى دعوة أنفق عليها مال وجهد كبير :ورقها ، والعبارات المنقوشة عليه ، والصور والأشكال المزينة له . وغالبا ما يلفت نظرك أن الحفل سيعقد في قاعة من قاعات الأفراح " المتميزة " من حيث موقعها وتجهيزاتها والثمن المدفوع من أجل حجزها... !
ولأفراح القاعات جوها الخاص من حيث كونها فضاءا واسعا مفتوحا ومشجعا على حرية " الحركة " واختيار الرفيق (ة ) استعدادا للرقص على إيقاع الآلات الصاخبة (...) .
ولأفراح البيوت مميزاتها و(تقاليدها ). فهي تبدأ بالكثير من الهرج والمرج ، تلاحظ أحد تجلياته في هذه الوفود التي تتقدمها فرق عازفة لألحان وإيقاعات وظيفتها الأساسية لفت الأنظار إلى أهمية ما يحمله أهل العروس للعريس وأهله .
ومن هنا يبدأ العنوان الحقيقي لهذا الحفل : فمعظم النساء والفتيات يجدنها فرصة ل (استعراض )أنوثتهن وجمالهن لباسا ورقصا وتبخترا وتبرجا ...حتى لكأن المضمار مضمار التنافس .
وحين يصل الوفد أمام بيت العريس لابد من أن يشعر بأنه محط عناية خاصة : إذ لابد من وقفة تطول أكثر من اللازم ، ولابد من حركات استعراضية يقوم بها من وكل إليهم أمر حمل الهدايا والهبات .وكل حركة لابد من توثيقها لحظة لحظة .وههنا يتبارى الناس في تشغيل الكاميرات ووسائل التصوير الرقمي .
حتى الخروف عندما يكون جزءأ من الهدايا لابد من تزيين قرنيه ولبده وذنبه ...وهو بالمناسبة لابد من أن يدخل قاعة الاستقبال الرئيسية للحفل بأثاتها الأنيق وزرابيها الأنيقة ...
كل مكونات هذا الوفد لابد من أن تلج هذه ( الصالة )...تدب هستيريا رهيبة في معظم الحضور ، فتختلط الزغاريد بالغناء والصياح و...كل ذلك وسط إيقاعات صاخبة مجنونة ...
إن اللحظة لحظة تنفيس عن "المكبوت"وتفجير للمقموع من الأحاسيس والمشاعر ...لاحرج إذن في الاختلاط الذي يتأبى عن كل رقابة ...
ومن التقاليد التي لا يكاد يخلو منها حفل زفاف عندنا ، هذه " الأجواق المنشطة " للحفل . وهي بالتأكيد غاية في هبوط الذوق الفني ، ووسيلة من وسائل إشاعة الفحش في أوساط الأسر بشكل علني ، وهي إلى هذا وذاك دليل على وحشية السلوك :يهز الحي صخب جنوني لايراعي للآخرين حرمة ولا اهتماما .والمثير فيه أنه يكون مخصصا لحصة النساء في الحفل ،طيلة ليلة بالتمام والكمال ، بينما يكون الذكور قد قضوا في بيت الحفل ساعة أو ساعتين على الأكثر .
نستطيع أن نخرج بخلاصات عديدة أهمها :
إن أهم المؤسسات التي يبنى عليها المجتمع يمهد لها منذ فترة التأسيس بإشاعة قيم النفاق وحب الظهور ، فضلا عن الفحش والانحلال الخلقي ...
تصدر أغلب الأسر في مثل هذه الحالات عن رغبة مجنونة في " ارتقاء " السلم الاجتماعي ، ولو على صعيد الوهم ، وإلا فبماذا يمكن تفسير هذا الانفاق الذي يتجاوز امكانياتها ومقدراتها في التجهيزات والمأكل والملبس ...؟
يترتب عن معظم هذه الحفلات معاناة مادية قد تدوم سنوات طوالا مادامت المؤسسات البنكية تتحكم في مداخيل الأسرة التي بالغت في الاقتراض ، رغبة في تقديم صورة تليق بها أمام مدعويها ...
فوق هذا وذاك ،وأخطر ، تبدو الأسرة المغربية ، بمثل هذه السلوكيات ، مستعدة للتفريط في قيمها الأخلاقية وضوابطها الدينية ، مما يعرض المجتمع ، بالتدريج للمسخ والتشوه .






التوقيع

نقطة من عسل تصيد ما لايصيد
برميـــــــــــــــــــل من العلقـــــــم

    رد مع اقتباس