عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-07-18, 19:21 رقم المشاركة : 119
أشرف كانسي
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أشرف كانسي

 

إحصائية العضو








أشرف كانسي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقب المتميز

الوسام الذهبي

افتراضي رد: مصطفام ينفض الغبار عن عالم الحمار -موضوع متجدد-





بقلم : سعاد رغاي - المغرب
علاقة طويلة ربطت بين الإنسان و الحمار، فذاع صيته في كتب الأدب و الثقافة، و رسم المؤلفون صورة متنوعة تشترك معظمها بالدعابة، و كثيرا ما اتهم هذا الحيوان بالغباء و البلادة، و كان اسمه مرادفا للشتيمة، رغم كل تفانيه في خدمة البشرفي الماضي و الحاضر.
حتى العلم نفسه اتهم بالقسوة على الحمار، حين أفتى عالم الحيوان البروفيسور " إميل تياري" سنة 1908، إن الحمار يمكن
أن يتحمل ضربا أكثر من الحصان. كما تشير الأمثال الشعبية في أمم عديدة إلى الحمار بالسوء و المذمة، و قد نرى الحمار
مرغوبا فيه اضطرارا كالمثل السعودي القائل" حمارك و لا بعير جارك".

و إذا كان هناك اتهام لطبقة من المؤلفين بأنهم أنكروا و زيفوا التاريخ، حيث نجد في المكتبات العالمية عشرات الكتب عن الخيول، و لكن على المرء أن يفتش في عشر مكتبات ليجد كتيبا عن الحمار. إلا أن هذا الحيوان الأليف استعاد اهتمام الكتاب و الأدباء العرب المعاصرين،. الذين اتخذوا من الحمار رمزا، لأنه من أكثر الحيوانات صبرا على الشدائد. و كان الأديب توفيق الحكيم من أبرزهم، ونجد له كتبا تحمل عناوين مثل" أنا و حماري" و " حماري قال لي"، و قد يكون مرد تأليف الحكيم عن الحمار، أنه كان عضوا بارزا في جمعية الحمير التي كانت تضم عددا بارزا من المثقفين العرب!.
و قد عرف عن العقاد أيضا أنه كان يقدر الحمير و يدافع عنها، و كتب عنها قصة قصيرة و أكثر من مقال، في محاولة منه تبرئتها من تهمتي العناد و البلادة. و يقول" انه يرى غباوة الحمير مثل من أمثلة الظلم الذي يثبت و ينتشر بالإشاعة. فليس
الحمار بالغبي و لكنه عنيد إذا أراد العناد لأمر لا يفهمه غيره، و هناك فرق بين الغباوة و العناد، أما فيما عدا هذا فالحمار فهيم
بمقاييس كثيرة من تلك المقاييس التي يقاس بها ذكاء الحيوانات".
و في الكويت أصدر المؤلف الكويتي المعروف الدكتور عادل العبد المغني كتابه الطريف " الحمار في الأدب و التراث الكويتي"، حيث قدم لمحات هي جزء من تاريخ الكويت في أول منتصف القرن الماضي، و كان الحمار يعتر عصب الحياة
العملية في تلك الفترة، و كان من أبرز مهامه نقل المياه للناس و البيوت في قرب جلدية، عندما كان الماء ينقل إلى الكويتيين
في سفن خاصة من شط العرب بالعراق.

على أية حال، الحمار مظلوم عبر التاريخ، و لكنه لا يشتكي. و يكفي أن الإنسان سخره لخدمته منذ زمن بعيد، حيث ذكرت الكتب و الموسوعات أنه استخدم من الإنسان قبل أكثر من خمسة آلاف عام، من قبل قدماء مصريين و الآشوريين بعد اكتشفوا صبره و قوة تحمله و فائدته العظيمة التي تتعدى نفعه الجسدي إلى نفعه العام. حتى أن الملكة الفرعونية كليوباترا كانت تشرب حليب إناث الحمير بحثا عن بياض البشرة و نضارتها و نقائها.

و المتتبع لسيرة هذا المخلوق الذي ضرب أروع مثل في الصبر و التحمل و التواضع، و الذي شارك الإنسان مشوار
الحضارة منذ الأزل. قد يخجل من ثراء الأدوار التي تلعبها الحمير في العالمين العربي و الإسلامي، أدوار ثرية تؤديها هذه
لدواب الناهقة في عوالم الحصار و الفوضى و الخمول.
فقد برز الحمار كوسيلة نقل مهمة في ظل الإغلاق الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، و إغلاقها للطرق الرئيسية و الفرعية، و شق طرق أخرى استيطانية، و الاستمرار في بناء الجدار العازل. و رغم هذا الدور النضالي الخطير الذي تلعبه الحمير في مواجهة الحصار، لكن أهالي غزة بدأوا يشتكون مؤخرا من تكاثر الحمير في قطاعهم المحتل!
و قدر مسؤول في بلديتها عدد الحمير و البغال بما يزيد على16 ألفا. و لأن شر البلية ما يضحك، راح يسرد طرفا عن معاناة الفلسطينيين مع النهيق عد الفجر، و لك أن تتصور انطلاق هذه الضوضاء الصوتية دفعة واحدة، ما إن يبدأ حمار بالنهيق حتى يتبعه الثاني والثالث إلى ما لا يحصى من الأصوات المنكرة. و كان الحمار يعلن بهذا النهيق، نفاذ صبره من ظلم إسرائيل التي
لم يسلم منها بشر و لا شجر و لا حيوان!.

أما في أفغانستان ، و في حمأة الانتخابات الأفغانية ، عزت وسائل النقل و وسائطه، فلم يجدوا لهذه المهمة الصعبة غير الجحاش، تماشيا مع قول الشاعر: إذا كنت في حاجة مرسلا فأرسل حمارا و لا توصه.
فعندما أراد الأفغان توزيع منشورات الانتخابات في القرى النائية، نهق الحمار: أنا لها، و كان معه ثلاثمائة من بني نهقته!.
و هذا دليل على حكمة الإمبراطورية الأفغانية، فهي لا تريد إصابة القرى بصدمة قاتلة، كأن تتبرع بسيارات لنشر الديمقراطية، ففي هذا خطر جسيم، سيارات في أصقاع السماء و الأرض؟ خير للجميع أن تصل الديمقراطية على ظهور الحمير، فتكون
مألوفة لا غريبة و لا تتبعها ضريبة!

لله در الحمير، تسهم في فك الحصار، و نشر الديمقراطية، و الرقي بمستوى الفن، بعد أن أثارت أغنية " بحبك يا حمار"
لسعد الصغير جدلا واسعا في دنيا الغناء.. فهل نجعل منها شعارا و ربما تقييما للدور الذي تلعبه الحمير في أوطاننا بكل جدارة
و إتقان؟!.





التوقيع




" أن تنتظر مجرد الثناء على فعلك التطوعي، فتلك بداية الحس الإنتهازي ''
محمد الحيحي

    رد مع اقتباس