عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-07-14, 08:59 رقم المشاركة : 1
محمد محضار
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية محمد محضار

 

إحصائية العضو







محمد محضار غير متواجد حالياً


افتراضي شاعر يحكي......نص لمحمد محضار


شاعر يحكي...محمد محضار


...شاردا أمشي على الرصيف , تقبض أصابع يدي اليسرى على جريدة يومية , شبق غريب يلهث في أحشائي أحلام من نوع سوف أفعل, تترامى على ذهني . الخطوة تلد ثانية وإتجاهي غير معروف.
صامتا أتوقف قرب محطة المسافرين, أحك مؤخرة رأسي بأنامل يدي اليمنى, ألعق شفتي بلساني حتى أبدد جفافهما.
الضجة تنتقل عبر جوانب المحطة , منبهات الحافلات تحطم السكون . الحمالون يعرضون خدماتهم على أصحاب الأمتعة . المتشردون والمتسولون يعترضون سبيل المسافرين مادين أيديهم..
نظراتي الفضولية تطارد الحسناوات المسافرات , تغازل بصمت هذه وتلك . كثيرون من عشاق النساء يتخدون من المحطة مقرا لسد حاجياتهم ,..كهلة ثخينة الجسم تحمل كيسا بلاستيكيا ضخما , تقترب مني , صوتها ذو الرنة الأطلسية يطرق اذني:
-هل أستطيع ان أسألك يا ولدي الله "يرضي عليك "؟؟
-تفضلي
-في أي ساعة تتحرك الحافلة المتجهة نحو دمنات؟؟
-لا أعلم يمكنك أن تسألي قاطع التذاكير أو أحد الحمالين .
تسأل الكهلة أحد الحمالين ثم تعود من جديد الى الإقتراب مني, تقول:
-قال أنها لن تتحرك قبل الساعة الواحدة
لم أعلق على كلامها ,تتابع الحديث:
-لقد جئت لزيارة إبني..إنه يعمل مهندسا وقد تزوج منذ بضعة أيام بمعلمة , جئت أبارك له لكنه غير عنوانه ومقر عمله فلم أجده, إنه يتهرب مني رغم أنني أمه..
دون أن أنبس بكلمة , أبتعد عن الكهلة , وأتابع المسير . مشاكل من هذا النوع مللت سماعها...
أدخل مقصفا لبيع العصير , فتيات بميداعات المدرسة , يضعن أحمر الشفاه , والبودرة , وطلاء الجفون , يجلسن الى طاولات المقصف , شبان يرتدون سراويل فضفاضة وأقمصة ملونة يحاذونهن في الجلوس. بعضهم وبعضهن كان بدخن, أجلس بمواجهة فتاة المقصف العاملة خلف الحاجز الخشبي , نظراتها تلتهم وجهي الشاحب , تتسلل الى ياقة قميصي ثم السلسلة الذهبية التي تحيط بعنقي , تسألني بصوت ناعم :
-ماذا تشرب ؟
-عصير موز من فضلك
تمر دقائق ., تقدم لي عاملة المقصف كأس العصير. فتاة في حدود العشرين تقترب من مكاني تجلس بمواجهتي , شعرها الأشقر المعقوص يبدو ساحرا , بشرتها الناعمة تبعث الدفء, تخرج من محفظتها علبة سجائر , تمسك لفافة تبغ , تودعها بين شفتيها المطليتين بالروج ..تسألني عود ثقاب , أعتذربخجل فانا لا اذخن,, تسأل فتاة تجلس على يمينها , تلبي طلبها . تنقث ذات الشعر الأشقر دخان سيجارتها بانتشاء , تضحك في وجهي كلما التقت نظراتنا . تمر دقائق على هذا الحال. أخرج صحبتها , نستقل سيارة اجرة الى شقتي , تسألني الفتاة اثناء الطريق :
-هل تعيش وحدك؟
- نعم منذ خمس سنوات والداي يعيشان بدكالة
-انا طالبة جامعية أسرتي تقيم بسطات.
التاكسي يتوقف , بمعية الفتاة انزل , أنقـد السائق أجره , صحبتها أسير على الرصيف . نتخطى باب العمارة حيث توجد شقتي . نتسلق الدرج بخفة , أخيرا نصل , ندلف الى الشقة , تطوف الفتاة بين غرفها الضيقة . تجلس الى مكتبي , تعبث ببعض الاوراق المتناثرة عليه , لا أعارض , تقرأ إحداها بصوت مرتفع , أبتسم في وجهها , صوتها يتسرب دافئا الى مسامعي:
-هل تكتب الشعر؟
-منذ زمن بعيد
- أنا احب الشعر كثيرا , أقرأ لنزار قباني والبياتي وأدونيس والمجاطي..
ابحث لحظة , امسك بكتيب صغير اقدمه لها ضاحكا :
-هذا ديواني الاول طبعته مِؤخرا بتحويشة العمر ..اقدمه لك هدية .
تنفرج شفتاها عن ابتسامة ثم تقول :
-انها المرة الاولى التي ارافق فيها شاعرا الى بيته...
محمد محضار
نشرت هذه القصة بجريدة العلم المغربية يوم 2 غشت 1986

__________________






التوقيع




رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا أجمع

آخر تعديل محمد محضار يوم 2010-12-05 في 16:08.
    رد مع اقتباس