عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-09-06, 17:55 رقم المشاركة : 1
ابوعمران
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية ابوعمران

 

إحصائية العضو








ابوعمران غير متواجد حالياً


urgent الكفايات بين واقع المدرسة المغربية وآمال التنظير.


الكفايات بين واقع المدرسة المغربية وآمال التنظير.


بسم الله الرحمن الرحيم




يتفق كل المهتمين بالشأن التربوي ببلادنا وخارجها على أن المغرب هو بلد الإصلاحات التربوية المتتالية بامتياز، ولعل " لحسن مادي" أحد هؤلاء، لكن الإشكال ليس في وضع الإصلاحات وتنظيرها، بل يتعلق الأمر باختيار استراتيجيات وتكتيكات تنزيل هذه الإصلاحات على أرض المدرسة المغربية، ومتابعة خطوات الإنجاز، وأيضا وضع أسس للقراءة الابستمولوجية لهذه الإصلاحات، بحيث نلاحظ إلى حدود يومنا هذا لم تأخذ الإصلاحات التربوية المنجزة الغلاف الزمني اللازم لتحقيقها، فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن المدرسة منذ إبان الثمانينات من القرن العشرين وهي تتنقل من بيداغوجيا إلى أخرى دون تقديم النقد المناسب والعرض الهام لهذه البيداغوجيات، فنلاحظ أن الإنتقال من بيداغوجيا الأهداف إلى بيداغوجيا الكفايات كان جد سريعا جدا، حتى باتت المدرسة المغربية تعيش حالة من الفصام والتشويش المرضي الذي كانت له نتائج وخيمة على المنهاج الدراسي برمته بل والسياسة التعليمية المنتهجة ببلادنا، فصرنا نتكلم عن : المخططات الاستعجالية وقبلها عن منتديات الإصلاح وما إلى ذلك من تيمات تنم عن الخيبة والخسارة، كل هذا كان من ورائه عامل عام وفلسفي محض وهو: غياب البعد الواقعي في المجال التنظيري التربوي. ومن تجليات هذا البعد، أننا إلى يومنا هذا ما تزال البنيات البحثية الأكاديمية التربوية الوطنية غائبة بشكل فادح، إلا ما كان من الدراسات المحتشمة داخل أقسام علم النفس بالجامعات أو تلك التي ينجزها طلاب مراكز التكوين التربوي، وأمام هذا النقص البين يستحيل أن تكون لدينا رؤى عن الإصلاح البيداغوجي بشكل موضوعي، بل سنكون أمام استنساخات لبيداغوجيات غربية مما يجعلنا في سلوك فصامي هذياني عن البيداغوجيا وليس البيداغوجيا كما يتعارف عليها أهل التربية في بلاد العالم.
وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن الكفايات هذا المفهوم" الموضة" لايمكن التعامل معه داخل مؤسستنا دون استحضار الجانب المادي الذي يتطلبه تطبيقه،بحيث التطبيق الفعال والناجع لأي نظرية أو مذهب أو إصلاح يضع له أصحابه شروط مادية قمينة بتحقيق أكبر نسبة منه، مع الكفايات لم نسمع عن شروط الإنجاح رغمك الزخم الكبير الذي رافق إحداثها في المدرسة المغربية إلا ما كان من تنظيرات فلسفية أو لنقولها بصراحة ترجمة لما جاء عند منظري الكفايات في المدرسة الفرنسية أو البلجيكية أو حتى الكندية ـ أقصد المدارس البيداغوجيةـ أما بالنسبة لبلدنا العزيز كل ما نجده هو البعد التجاري والبراغماتي الضيق الذي رافق ظهور الكفايات، وهنا نرى منشروعية التساؤل: هل الكفايات، أو الدرس الكافي لا يحتاج لأدوات مادية وآليات تساعد على تحقيقه؟وكمثال على هذه الضرورة، اسوق إليكم المثال التالي: لنأخذ الدرس القرائي فمن الكفايات المنتظر البلوغ إليها بعد حصة أو دورة هو أن يمتلك المتعلم الكفاية التواصلية تعبيرا وتفكيرا وحوارا، العودة إلى القسم تعطينا واقع هذه الكفاية،أين الأشرطة والأقراص والبرامج التي تساعد طالبنا على الوصول إلى التواصل؟؟ هل لدى السيد المدرس الإمكانات المادية التي تجعل من الدرس القرائي درسا تدريبيا وممتعا؟؟ هل لدينا تلك البنيات التحتية التي تساعد المتعلم على بناء الميل لديه والقدرة على الانكباب على المطالعة وحسن القراءة؟؟ أين هي التقاسمات العلمية مع البرامج الحديثة لتكوين طالب قادر على القراءة والفهم والاستيعاب ـ أحيلكم على ما أنتجته الدورات التدريبية في مجال طرق القراءة السريعة/ يمكن أن تجدوا الكثير منها في مواقع ومنتديات البرمجة اللغوية العصبية ـ لا شيء يذكر إلا مثاليات مرصودة في مداخل المراجع والكتب المعتمدة في المنهاج التعليمي المغربي.
خلاصة القول، أن التربية اليوم لم تعد مفهوما فلسفيا محضا، وإنما هي الآن تدريب مادي وتكوين علمي له مقومات وأسس مرجعية مختبرية، ولقد آن الأوان لكي تنتقل المناهج التعليمية من التنظير إلى التدريب والتكوين الإيجابي المتجدد.





    رد مع اقتباس