عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-06-06, 01:03 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

a9 محمد أزوض: إضاءة حول تكوين مدرسي الثانوي


محمد أزوض: إضاءة حول تكوين مدرسي الثانوي
بواسطة: azoude
بتاريخ : السبت 29-05-2010 11:52 صباحا



في مقال سابق تعرضت لمجموعة من الملاحظات حول التكوين الأساس لمدرسي التعليم الابتدائي انطلاقا من أبحاث جان بياجي، والآن أتابع الحديث عن تكوين مدرسي الثانوي باعتبار الأسلاك التعليمية حلقات مترابطة ومتكاملة.
في أغلب دول العالم يتم تكوين مدرسي الثانوي بالجامعات حيث يحصلون على الإجازة على الأقل ، فهم بهذا التكوين الجامعي مستأنسون بالبحث في المواد التي تخصصوا فيها. إلا أن إتقان المواد الدراسية وحدها لا يكفي لتدريس الطلاب بل يجب عليهم التعرف على تلامذتهم واكتشاف ذوي المؤهلات ومعرفة نموهم الوجداني العاطفي بالقدر الذي يبذلون من جهود في إيصال المعارف لهم. إلا أن مدرسي الثانوي يبدأون في إهمال البيداغوجيا كتخصص بمجرد ما يتسلمون مهامهم لأن ما يسيطر عليهم وعلى عملهم هو المادة الدراسية.


كما أنهم يهملون الميكانيزمات الذهنية (التطور الذهني) للتلاميذ باعتبار هذا الأمر مسالة جيدة وذات أهمية بالنسبة لمدرسي الإبتدائي الذين عليهم ان يعلموا أطفالا صغار السن. أما في مستوى المراهقة فإن التحاليل السيكولوجية لا تضيف شيئا في ظنهم إلى التجربة اليومية لأستاذ مقتدر يعرف تلامذته فردا فردا وهذا غير صحيح.
إن الاهتمام بالتكوين السيكولوجي للأساتذة يجب أن يعادل الاهتمام المنصب على التخصصات التي يدرسونها. ولكن الحصول على هذا التكوين السيكوبيداغوجي يبدو صعب التحقيق بعكس ما هو عليه الأمر بالنسبة لأساتذة التعليم الابتدائي. وتكمن الصعوبة قبل كل شيء في أن فهم سيكولوجيا الوظائف العقلية عند المراهق يتوقف على الالمام بمختلف مراحل النمو من الطفولة إلى سن الرشد ، لأن التطور السيكولوجي للطفل هو تطور تصاعدي ولولبي لا يمكن الاقتصار على معرفة مرحلة وتهميش معرفة مرحلة لاحقة.
والحال أن أساتذة التعليم الثانوي يبدون عدم اكتراث بالطفولة ولا يدركون أن تحليل مجمل الصيرورات التكوينية هو الشرط الضروري لفهم ما يخص المراهقة. فالتكوين في سيكولوجيا النمو هو حجر الزاوية في أي تكوين يستهدف أساتذة التعليم بصفة عامة، لذلك وجب ربط مراكز التكوين بالجامعة المكان الوحيد والأنسب لإجراء البحوث والتجارب في ميدان سيكولوجيا النمو مع العمل على استمرار الأساتذة بعد التخرج في البحث والدراسة لأن علم النفس النمو يعرف تغيرا مستمرا ويتجدد باستمرار ومجال خصب للأبحاث والتجارب والتي على المدرسين أن يكونون جزءا فاعلا فيها.
إلا أن ما يلاحظ عندنا (المغرب) فلا علاقة له بالتكوين الأساس المتين الذي تحدث عنه الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهذا يلاحظه الانسان العادي والمهتم قبل المختص، فعندما يجز بمجموعة من الشباب الحاصلين على الاجازة في غمرة التدريس (التوظيف المباشر) دون تكوين سيكوبيداغوجي فهذا نوع من الانتحار واثخان الجسم التعليمي بمجموعة من الجروح والندوب المستعصية على الترميم والعلاج مستقبلا. وكما أن استمرار مراكز التكوين في عملها بالشكل الذي هي عليه الآن رغم تغير الظروف والمعطيات العلمية حول مهنة التدريس كمجال للبحث والتجريب وليس مجالا لامتصاص البطالة والتوثرات الاجتماعية، لهي الطامة الكبرى. فمتى يعي المسؤولون أهمية التكوين الأساس المتين ومتى يعون بأن علم التدريس فن(على حد تعبير بياجي) قائم بذاته، فكما تتطلب مهنة الطبيب والمهندس علما خاصا وتخصصا لا مجال للتطفل عليه أو الخطأ فيه، فإن مهنة التدريس تتطلب علما قائما بذاته وتخصصا الا وهو علم التدريس مقرونا بسيكولوجا النمو. فكما أننا لا نجد طبيبا بدون طب ولا مهندسا بدون هندسة فلا نطالب بمدرسين بدون علم التدريس وسيكولوجيا النمو.


فضاءات -> محمد أزوض: إضاءة حول تكوين مدرسي الثانوي





    رد مع اقتباس