عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-26, 15:12 رقم المشاركة : 3
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

a7 رد: العقلانية: جدل الفلسفة والدين- منقول للنقاش-


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yidir مشاهدة المشاركة
ربما اعتماد العقلانية في الميدان الديني باعتبارها منهجا للتفكير قد لا يطرح أي إشكال مادمنا ملتزمين بتعاليم هذا الدين ولم نخرج عن نسق أفكاره وسعينا إلى الوصول إلى حقائقه أو ثوابته أو تفسيرها بحقائه أو ثوابته.
غير أن ما يبدو مثيرا للفضول في هذا الصدد هو أن الرفض أو التخوفات أو التحفظات التي يبديها أصحاب الدين حيال العقلانية يبدو أنها تنبعث من رفضهم أوخوفهم أو تحفظهم من وضع دينهم أمام محك حقائق غير ثوابت دينهم.


مشكور أخ ايدير على هذه المداخلة التي أحالت على مظهر من مظاهر الجدل العقيم حول مفهوم العقلانية.
إن الحلقة المفرغة التي يدور فيها النقاش حول المناداة بالعقلانية والرفض لها هي نتاج لتعصب الطرفين: المنادي بالعقلانية والرافض لها.
إن الطرف الأول يلحق العقلانية إلحاقا إجباريا بالعلمانية ويرفض أي تبييئ لمفهومها أو تجديد لها وفق معطيات كل أمة وظروفها التاريخية، أعطي مثالا على ذلك الاحتجاج المشرقي على البديل الذي طرحه الجابري للعلمانية - العقلانية والديمقراطية بدلا من العلمانية- في كتابه "الدين والدولة وتطبيق الشريعة"، لقد رفضت الفكرة تماما كما رفضت كل فكرة طرحها مفكرون آخرون غير الجابري، قد يفهم التشبت بالعلمانية في بلدان عرفت حروبا طائفية ، لكن ما لا يفهم هو نفي أي تجديد لها، ونفي أي توافق للعقلانية مع الدين إن الأمر في هذه الحالة أشبه بتصنيف ثنائي عقيم إما أن تكون علمانيا عقلانيا أو تكون أصوليا متطرفا، مع أن الفلسفة في عمق مبادئها تلغي التصنيف الثنائي المعتمد على إما أو إما.
إن العقلانية كخاصية إنسانية والمساءلة كأداة حقيقية لها تعني مساءلة أي موروث بشري بما فيه مفهوم العلمانية ،و أي تمسك أعمى بموروث يؤدي إلى رد فعل معاكس وهو ما جعل الرافضين للعقلانية يرفضونها رفضا قطعيا ليس لأنها تضع الموروث الديني على محك المساءلة فحسب ولك ن لأن المنادين بها ينطلقون من رد فعل أساسه الغاء كل مضمون للتوافق بين الدين والعقلانية، والغاء الدين نفسه بتأويل العلمانية تأويلا اورثوذكسيا تجاوزته حتى الدول العلمانية حاليا.
هذا من جهة، من جهة أخرى يتجلى اللا معقول في
الطرف الرافض للعقلانية كونه يبرر رفضه بشعارات كبيرة و فضفاضة مثل " الاسلام هو الحل" الاسلام متفوق على كل النظريات" وهذا قول يتجاوز التأمل العميق للدين الإسلامي ويضرب في عم خاصيته صلاحيته لكل زمان ومكان التي تجعله متضمنا للنظر العقلي، وتجعله مصدر للتفكير العقلاني واعادة التفكير العقلاني في أمور الحياة وأمور السياسة بما يتوافق مع كل عصر؛ إن ما يعطي للقرآن خاصيته هاته هو أنه عميق الأبعاد والدلالات ، أعطى الأسس العامة في كل شئ وترك للإنسان حرية الاجتهاد على ضوئها، ومن هذا المبدأ ذاته يمكن أن تتطور الشورى لتلتقي مع العلمانية في مجال السياسة والأمور الحياتية، تماما كما يمكن للعلمانية أن ترتقي بالمبادئ الاسلامية التي تلتقي فيها البشرية جمعاء كضمان حرية التعبد والأمان -الواردة في الشرع والواردة في وثيقة أبي بكر الصديق الخليفة الراشد، والواردة في قولة الفاروق عمر"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتمه أحرارا؟"
لكن الإشكال المطروح دائما: هل نحن فعلا على استعداد لبذل جهد جذري في مراجعة المفاهيم ومراجعة الموروث الديني وليس الدين في جوهره الثابت؟ هل فعلا متمسكون بالنظر العقلي الذي دعا إليه الله في كتابه الكريم؟ وهل نستعمل مبادئ العقل ومبادئ الفلسفة حتى تجاه تراكماتنا الفلسفية السابقة؟
الآفة هي أن كل طرف بنى ضريحا على أفكاره وظل عليها عاكفا كما وجد عليها آباءه عاكفين.






التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
آخر تعديل رشدية جابرية يوم 2010-05-26 في 15:25.
    رد مع اقتباس