عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-26, 08:16 رقم المشاركة : 1
mkochkar
أستـــــاذ(ة) متميز
 
الصورة الرمزية mkochkar

 

إحصائية العضو









mkochkar غير متواجد حالياً


افتراضي نساء مناضلات في "جمنة" الستينات


نساء مناضلات في "جمنة" الستينات. مواطن العالم من أصل جمني د. محمد كشكار
لم تضربني و لو مرة في حياتها. لم تنهرني و لم تصح يوما في وجهي. لم تلمني على ما فعلت في مراهقتي و لم تشكرني على ما أديت من واجب نحوها. لم تقل لي بتاتا أحبك و لكني كنت على يقين, و ربما يكون اليقين الوحيد في حياتي, أنها تحبني حبا لا يوصف.
كنا أربعة في الدار عندما مات أبي سنة 1967, أخت كبرى ضريرة و ثلاثة أولاد, اثنين في الثانوي و واحد في الابتدائي. عائلة دون عائل. لم تيأس و لم تمرّر لنا يوما بؤسها و معاناتها. واصلنا تعليمنا الثلاثة و كأن شيئا لم يحدث. كانت تقوم بشؤون البيت و الغابة و تشتغل في نسيج "الحولي".
لا أذكر يوما خاصمت أو شتمت جارا أو جارة من أجلنا. لم تعلمني أي شيء و علمتني كل شيء. أحببتها في حياتها إلى درجة العشق و تقاسمت معها منحتي الدراسية عندما كنت طالبا و تكفلت بها نهائيا عند التخرج. عند التعيين اصطحبتها معي إلى جزيرة جربة للعيش بجانبي. لم تطق الإنبتات من قريتها "جمنة" فاحترمت رغبتها. أضفت لها حجرة محترمة في منزلنا و أدخلت الماء و الضوء من أجل عيونها.
لا تكتب حرفا و لا تقرأ كلمة و من تربي أجيالا لا يليق أن يطلق عليها صفة أمية. لم تتأثر لا من بعيد و لا من قريب بالثقافة الأجنبية فهي إذا تعبير عميق عن ثقافة وطنية خالصة.
أمي لم تكن حالة شاذة في ذلك الوقت و مثيلاتها بالمئات في "جمنة".
"جمنة": مدينة- قرية جميلة تقع في الجنوب الغربي التونسي.
"الحولي": نوع من الكساء الرجالي الصوفي الخارجي, يصنع في الجنوب التونسي و يصدر إلى ليبيا.






    رد مع اقتباس