عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-12, 09:29 رقم المشاركة : 1
رشدية جابرية
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية رشدية جابرية

 

إحصائية العضو







رشدية جابرية غير متواجد حالياً


وسام المشاركة في دورة HTML

وسام مشارك في دورة حفظ سورة البقرة

افتراضي المجد الضائع وبؤس الشعارات الكبيرة- نظرة في السلوك التنموي-


في أكثر من منتدى، تطالع القارئ مقالات متعددة لكن خطابها يبقى واحدا لا يتغير: المجد الضائع الذي ينبغي الرجوع إليه للتغلب على اليهود، وأكاد أجزم أن كاتب المقال لم يكلف نفسه حتى عناء تنقيح النص- طبعا لا نعرف كاتب النسخة الأصلية من كثرة النسخ واللصق- لكن المدهش في الأمر هو أصل الشعارات التي أطلقت منذ الثمانينات لتبقى كما هي تمضغ وتجتر لحد الآن دون أن يكلف أحد عقله التساؤل حول تفعيلها، من بين هذه الشعارات : الإسلام هو الحل، الرجوع إلى العز السابق، استعادةالمجد الضائع.
لنأخذ العبارة الأولى: الإسلام هو الحل.

إن هذه العبارة واسعة تريح عقل كل قائل بها، وقد خبرت أثناء كثير من مناقشاتي مع أخوات ، أن الحديث حين يصل إلى مسألة الاجتهاد العلمي والتقدم، تختم حديثها ب الإسلام هو الحل لينتهي الحوار مخلفا راحة لعقلها من التساؤلات الكبرى.
طيب لنأخذ العبارة من جديد : الإسلام هو الحل، الإسلام دعا من خلال القرآن الكريم إلى النظر العقلي في الكون
، لنجدد فهمنا للدين ولنجدد سلوكنا الحضاري بحيث نلتقي مع الآخر -أيا كان انتماؤه- في قيم مطلقة تضمن سير الحياة وسعادة البشرية.طيب هل هناك من الذين يرفعون هذا الشعار من كلف عقله عناء التفكير في تفعيل هذا الشعار عمليا على مستوى الحياة اليومية؟ إن هذا التفعيل يتطلب دراسة متأنية للفقه و دراسة لأدوات ألـتحليل وفهم النص القرآني، دراسة مستفيضة لحركة العلوم في الحياة.
إن مثل هذه الدراسات تفتح المجال أمام مجهود علمي حقيقي وهو ما يتملص منه ذوو الشعارات الفضفاضة لأنها تعفي عقولهم من البحث.
إن هذا الاستنتاج ليس من فراغ ، ودليل ذلك العبارة التالية التي تلي الأولى: الرجوع إلى العز، واستعادة المجد الضائع: الرجوع إلى العز هو حركة رجوع إلى الوراء حركة قفز متطاولة ومنكرة لكل التقدم العلمي، والحجة بأن هذا التقدم من الآخر( يهوديا أو غيره) حجة تخفي وراءها عدم قدرة على الانطلاق من المكتسبات العلمية و تدشين مكتسبات علمية جديدة، بمعنى آخر إن حركة الرجوع إلى الوراء هي حركة احتماء العقل العاجز بمنجزات فترة النبوة والخلافة، دون أي سعي لتطويرها، ودون أي سعي لتطوير العلوم الأخرى.
كان من الممكن فهم الأمر على هذا القدر وفهم ذوي الشعارات الكبيرة بأنهم متحيزون للدين، ورافضون لكل ما هو غربي، لأنه حسب قولهم يفتقد إلى الأخلاق
،لكن- والسؤال موجه لهم بالتحديد-لماذا كل ما ظهرت نتيجة علمية تؤيد ما في القرآن تستعينون بها لتقولوا سبق إليها القرآن الكريم، طيب لقد سبقكم إلى اكتشاف هذه الحقيقة العلمية غيركم، وأنتم تستعيرونها بلا جهد ولا عناء لاثبات ماذا؟ أن في القرآن منهجا علميا، أليس هذا داعيا لإعادة التفكير في طريقة تعاملنا مع القرآن؟ في طريقة تعاملنا مع العلوم الكونية وتأسيس سلوك بناء وإرهاق العقل ولو قليلا بمتابعة السير العلمي الذي أسس له العلماء من الفارابي إلى مكتشفي اللقاح، أم أن الأمر يتطلب دراسة أكاديمية حقيقية تزعج العقل الناقل المستريح؟
إن حركة العلم مستمرة لا تتوقف وحاجة الانسان إلى التداوي أو إلى العلم مستمرة، والذي ينام نومة أهل الكهف لينتقد علوم الآخرين وتفوقهم، عليه أولا أن يرى نفسه في أي عصر توقف تفكيره.
إن الدواء واللقاح الذي صار مجانيا يستعمله كل فرد منا فضل من الله الذي يسر العلوم في الأرض و أخذ مشعلها بنو البشر على اختلاف أجناسهم احتراما لنعمة العقل التي كرم بها الله اّلإنسان.








التوقيع

"لا شيء يعتم الرؤية ويوقع في التيه الوجداني والضلال الفكري كالأسئلة المزيفة. الأسئلة المزيفة هي، كأسئلة الأطفال، أسئلة تطرح مشاكل مزيفة يعيشها الوعي على أنها مشاكل حقيقية"
محمد عابد الجابري
آخر تعديل رشدية جابرية يوم 2010-05-26 في 16:10.
    رد مع اقتباس