عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-09, 10:10 رقم المشاركة : 1
أحمد أمين المغربي
مراقب عام
 
الصورة الرمزية أحمد أمين المغربي

 

إحصائية العضو







أحمد أمين المغربي غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الأولى في المسابقة الرمضانية الكبرى

وسام المركز الثاني في مسابقة الشخصيات

افتراضي الانحباس المعلوماتي في المغرب.. لمصلحة من؟


عبد الحكيم أحمين
Sunday, May 09, 2010
لم يستطع المغرب أن يخرج من عنق زجاجة الانتقال الديمقراطي والتخلف والفقر، رغم مرور سنين طويلة وتعاقب حكومات منذ نيل الاستقلال، وذلك بفعل غياب شبه تام للمعلومات وتضييق على وسائل إعلام، مما أفقد المجتمع كله بوصلة فهم الواقع أو محاولة الوصول لحل أصوب لمشاكله.
ومما يكرس وضعية الدوران الدائري أن الإعلام المغربي يعيش هو الآخر ردود أفعال لإيجاد أرضية تؤمن له المعلومات من مصادرها ونقلها للمواطن، وتمنحه حرية تعبير تكرس التعددية في إطار وطني جامع، فظل إعلامنا رغم تفاعله مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسعيه لتوظيف تقنيات الإنترنت بما يخدم الإعلام عموما والمجتمع على حد سواء، مغضوبا عليه من طرف الحكومة والأحزاب والمواطنين بالتناوب أو جميعا.
لا ننكر أن هناك هامش حرية جزئيا متوفرا لوسائل الإعلام خاصة المكتوبة منها تخضعه السلطات وفاعلون آخرون في المجتمع لإرادتهم في اتجاه التوسع أو التقليص من هامش التحرك والحرية في معالجة قضايا المجتمع معالجة جزئية وثانوية مرتبطة بمجالات اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية محددة، لا تقترب مطلقا من القضايا الكبرى للمجتمع.
لكن الجسم الصحفي كذلك يعيش غموضه الخاص به، وأصبح القارئ يتابع عبر الجرائد خاصة ثقافة الغموض متجسدة في تناسل الصحف كلما شب اختلاف في هذه الجريدة أو تلك، فازداد القارئ ريبة وشكا حتى في مصدر معلوماته وأخباره، وأصبحت حالة الإعلام عموما صورةً معبرة عن واقع المجتمع المغربي بكل ما فيه من غموض وتكلس.
كما أننا لن ننسى ما تعرضت له المؤسسات الصحفية والصحافيون في السنوات الأخيرة من مضايقات ومحاكمات بسبب نشر "أخبار كاذبة" أو معلومات ذات مصادر مجهولة، حكم على أثرها على صحفيين بأحكام قاسية، وعلى جرائد وطنية بغرامات مالية باهضة بتهم مسها شخصيات مهمة داخل البلاد وخارجها.
بل إن التضييق شمل حتى المدونات والمواقع الاجتماعية، حيث شملت الملاحقات القضائية الإعلام الجديد وحوكم عدد من المدونين بأحكام متفاوتة، وذلك من أجل تذكير المدونين بسقف يجب عليهم أن لا يتجاوزه وأن لا يساهموا في نشر معلومات من تحت إلى أعلى بدل ورودها من أعلى إلى أسفل، وهذا الفعل يمثل دورانا في عالم الجمود وتعطيلا لقابلية التحرك والتطور وتجميدا لدور النخبة والعامة وتقييدا لدور الإعلام الجديد أيضا.
وفي ظل هذه الأجواء، لا يتصور أحد سواء كان فردا أو حزبا أو مؤسسة حكومية أن المغرب سيربح رهان المستقبل والخروج من حالة الغموض والانسداد الديمقراطي والتخلف، فالاستفادة ستكون محدودة المفعول وآنية التأثير، ولن يساعد تقنين المعلومات فيما يتصل بأعمال الإعلام والحكومة والأحزاب والجمعيات والمؤسسات المالية وغيرها في التعرف على أعمالها وتقييم برامجها ومشاريعها وإنجازاتها.
فالإعلام جزء من المجتمع، بل هو مرآة له، على وسائله تظهر علامات الشباب والحيوية والعلم والتقدم، أو علامات الشيخوخة والجمود والأمية والتخلف، وليس من باب التكرار التذكير بأن من وظائف الإعلام -كما يرى المتخصصون- الإخبار عبر نشر المعلومات وتزويد المجتمع بوسائل تجعله قادرا على كشف ذاته، وتوفر له إمكانية تغيير نفسه بنفسه، وتجعل الخيارات المتعلقة بمصيره الجماعي أمامه أكثر وضوحا، كما تجعل الحلول للوصول إلى هذه الخيارات أكثر وضوحا.
إن الانغلاق المعلوماتي، الذي يراد فرضه على وسائل الإعلام في بلدنا من طرف عدة فاعلين يفضي إلى خلل آخر هو تعتيم الرؤية وإخفاء حقائق الأمور و"إخفاء" المشاكل من أجل استبعاد الحلول الجادة وطمرها، كما يفتح الباب على مصراعيه لتناقل الشائعات في الشبكات الاجتماعية والمدونات وغيرها من وسائل الإنترنت التي تكتظ بأخبار ومعلومات شفهية بعضها أقرب إلى الشائعة منه إلى الحقيقة، يتلقفها إعلام غربي لتحقيق مصالح له في بلدنا. فهل نعالج هذا الخلل أم نداريه بمزيد من إغماض العيون؟




هيسبريس.






التوقيع

    رد مع اقتباس