عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-06, 21:59 رقم المشاركة : 1
مالك الصادق
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







مالك الصادق غير متواجد حالياً


افتراضي بؤس البحث في ظاهرة التنصير في المغرب


محمد السروتي، بنداود الرضواني، الحمدوني، وعناية وغيرهم، مسميات لأشخاص طلعوا علينا منذ مدة بمقالات يدعون فيها أنهم دارسون مختصون في ظاهرة التنصير في المغرب. ولا أنكر أن الحيلة انطلت علي في بادئ الأمر، إذ قلت في نفسي: التنصير في العالم الإسلامي موضوع مغرق في السرية والتقية، وهؤلاء الباحثون سيفكون حتما مغاليق هذا العالم الخفي. رحت أبحث عن مقالاتهم وتصاريحهم لأروي عطشي المعرفي في هذا الجانب. فكانت خيبتي كبيرة جدا!

لا أخفيكم أن النصب والاحتيال فنون. وأشده مكرا النصب والاحتيال باسم البحث الأكاديمي. ذلك أنني حين قرأت ما كتبه هؤلاء ألفيته لا يخرج عما يردد رجل الشارع الأمي الذي لم يدخل معهدا ولا مدرسة. فهؤلاء الباحثون المزعومون يتفقون على ترديد الأسطوانة المشروخة التي يلهج بها رجل الشارع والسلطات الرسمية والتي تتلخص في ما يلي:

- أن التنصير يستهدف الفئات الفقيرة ويستغل فقرها.
- أن التنصير يستعمل وسائل غير شريفة مثل توزيع الهبات و الأموال و إيجاد فرص الشغل لاستقطاب المسلمين و اصطيادهم و الإيقاع بهم في حبائل النصرانية.
- أن حملات التنصير تهدف إلى خلق أقلية من السكان المسيحيين للضغط على المغرب بواسطتهم و إحداث القلاقل و صنع الحروب الطائفية.

السؤال هو : ما الجديد الذي أتت به الأبحاث "الأكاديمية" لهؤلاء إذا كانت تعيد بشكل منمق ما يتداوله رجل الشارع؟ ومتى كان البحث الأكاديمي يهدف إلى دغدغة مشاعر رجل الشارع أو جهات معينة، إسلامية على الخصوص. الحقيقة أن هؤلاء الباحثين ليسوا سوى أذناب لتلك الجهات، مهمتهم توفير تغطية "أكاديمية" لمزاعمها، وتأكيد "مثقف" لأوهام رجل الشارع، وتغذية مشاعر الكراهية لديه من الآخر، خصوصا الآخر "المسيحي"

كان هدفي من قراءتهم العثور على جواب شاف لأسئلة سوسيولوجية وفكرية تتعلق بأشياء من صميم واقع المسيحيين بالمغرب، مثل ما كتبه باحث أكاديمي أصيل وحقيقي هو أحمد عصيد حين أكد في مقاله القيم "التبشير الإسلامي والتبشير المسيحي" أن "الكثير من الذين اعتنقوا المسيحية بالمغرب ليسوا فقراء و لا بهم حاجة تجعلهم ضحية إغراء أو نصب من أي نوع، بل إن مناقشتهم تظهر بأن انتقالهم من دين إلى آخر كان باختيار و إصرار مبدئي، حيث يحاججون و يدافعون عن مواقفهم بعقلانية لا جدال فيها، من جهة أخرى نجد الكثير من الذين تنصروا قد سعوا هم أنفسهم إلى البحث عن المبشرين و الاتصال بهم و ليس العكس، و من جهة ثالثة يوجد من بين الذين اختاروا المسيحية من يوجه انتقادات حادة للإسلام و للمسلمين و عاداتهم و قيمهم مما يعني أن اختيار تغيير الدين كان ناتجا عن عدم الرضا عن نمط حياة معين، و عن تفضيل نمط آخر."

بعبارة أخرى كنت أترقب من هؤلاء الباحثين المزعومين، أولا رصد الظاهرة بجدية وموضوعية بعيدا عن الذاتية المغرقة التي طبعت كتاباتهم، ذلك أننا نقرأ بشكل مباشر أو نستشف من مما يكتبون توجهاتهم الإسلامية أو المتعاطفة مع الإسلاميين. ثانيا، كنت أترقب منهم طرح أسئلة سوسيولوجية، حضارية، فكرية، روحية كبرى على الإسلام، في مواجهته للتحديات المطروحة عليه وطنيا، وعربيا، وعالميا. والإنصات بهدوء وتؤدة وجدية، وأيضا، وهو الأهم، الإنصات باحترام لهؤلاء المنصرين، عوض نعتهم بالبؤساء، المتملقين للمبشرين، العملاء، الضعاف النفوس، وشتى الشتائم التي نستشفها في مقالات هؤلاء. لكن شيئا من ذلك لم يكن!





آخر تعديل مالك الصادق يوم 2010-05-06 في 22:02.
    رد مع اقتباس