عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-03, 20:36 رقم المشاركة : 1
si sajid
بروفســــــــور
إحصائية العضو








si sajid غير متواجد حالياً


important فاتح ماي بمدينة القصر الكبير بين النضال والاستجمام


فاتح ماي بمدينة القصر الكبير بين النضال والاستجمام

الاحتفال بعيد العمال العالمي لهذه السنة بمدينة القصر الكبير كان له طابع خاص ، فأول ملاحظة في هذا الصدد، هي غياب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التابع لحزب الاستقلال وذلك منذ سنوات طويلة جدا عن الاحتفال بهذا اليوم، بعد القرار الوطني الذي اتخذته قيادة هذه النقابة بعدم الخروج في هذا اليوم، وهذا لا يعني أن حضوره كان سيخلق مفاجأة من ناحية الكم، لأن مسيراته وتجمعاته في الاحتفالات السابقة كانت تظهر تناقصا كبيرا في أعداد منخرطي هذه النقابة، في تجل واضح للتشرذم الذي تعيشه النقابات بصفة عامة.

لكن اللافت للانتباه هذه السنة هو الحضور الباهت للاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، حيث كان عدد الحاضرين قليلا جدا مقارنة مع السنوات السابقة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار الدور الطلائعي الذي تلعبه النقابة مركزيا على مستوى الحوار الاجتماعي مع الحكومة، فإن هذا الحضور الباهت يطرح أسئلة عديدة خصوصا وأن مدينة القصر الكبير تعتبر حاليا من قلاع العدالة والتنمية الحصينة، فهل هذا الحضور راجع إلى تكتيك معين اعتمدته النقابة بما أن بعض قياديي الحزب محليا كانوا غائبين عن الاحتفال، أم أن النقابة فعلا تعاني من مشاكل داخلية أدت إلى تراجعها على مستوى القواعد ؟

من جهة أخرى حافظ فرع الاتحاد المغربي للشغل بمدينة القصر الكبير نسبيا على وتيرة احتفالاته من حيث الكم كما في السنوات الفارطة، وإن كانت اعتقالات فاتح ماي 2007، والتي حوكم فيها بعض المشاركين من المجازين المعطلين، وقضوا سنة من السجن قبل صدور عفو ملكي أفرج عنهم بموجبه – وإن كانت – قد ساهمت بشكل أو بآخر في وضع فرع إ.م.ش بالمدينة في صدر الأحداث، وجعل الأنظار تتجه نحو تظاهراتها منذ ذلك التاريخ، تحسبا لوقوع أحداث استثنائية، خصوصا وأن النقابة معروفة بشعاراتها القوية ذات النفس اليساري التقدمي، وهو ما يجعل تلك الشعارات تثير انتباه الرأي العام لانتقادها الشديد وتنديدها بسياسات الدولة في مجموعة من المجالات.

الفيدرالية الديمقراطية للشغل التابعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أصبح لها احتفال متميز، حيث أنها اختارت تأثيث الفضاء المقابل لمقر الحزب بفرقة موسيقية تؤدي وصلات غنائية ملتزمة لفيروز ومارسيل خليفة وأميمة الخليل ....، إضافة إلى شعارات النقابة وخطاباتها، في الوقت الذي كانت التظاهرات النقابية للحزب أيام مجده في المدينة تخلق الحدث كما وكيفا حينما كانت مدينة القصر الكبير بمثابة عرين الحزب الذي لا يستطيع أي مكون سياسي الاقتراب منه، قبل أن يقتسمه معه حزب العدالة والتنمية ويستأثر به في وقت لاحق.

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أو نقابة الأموي ( بوسبرديلة ) كما يحلو للبعض تسميته، يبدو أن طلاقها مع حزب الوردة كان له تأثير سلبي عليهما معا في مدينة القصر الكبير، رغم أن الكونفدرالية لا زالت تقاوم من أجل الحضور في عيد الشغل العالمي، في محاولة لتذكير الرأي العام القصري بأمجاد لم يتبقى منها سوى البيانات المركونة في أرشيف الفرع، شأنها في ذلك شأن السواد الأعظم من النسيج النقابي بالمدينة.

إن ظاهرة الخفوت التي ميزت احتفالات عيد الشغل لهذه السنة بمدينة القصر الكبير، لم تكن استثناءا إذا ما قارناها بالوضع النقابي المغربي ككل والذي يعرف ضمورا واضحا في ظل البلقنة التي يعرفها المشهد النقابي المغربي، وفي ظل تسييس العمل النقابي وتسخيره لخدمة الأجندات الحزبية والشخصية أكثر من خدمة قضايا الطبقة العاملة.

وبالمقابل، تعرف مدينة القصر الكبير خلال هذا اليوم تنامي ظاهرة أخرى سنة تلو سنة، وهي خروج الساكنة لضواحي المدينة من أجل النزهة منذ الصباح الباكر، حيث لم يعد فاتح ماي منذ زمن طويل مرادفا للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، بقدر ما أصبح في العرف المجتمعي يوما للتنزه والاستمتاع بالجو الربيعي الدافئ في ضواحي المدينة وأريافها، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول جذور هذه الظاهرة ومسبباتها، والملاحظ هو وجود عناصر الشرطة والدرك والوقاية المدنية في هذه الفضاءات الطبيعية تحسبا لأي طارئ، مع العلم أن هذا اليوم يعرف نشاطا كبيرا لبعض المنحرفين الذين تشكل لهم هذه المناسبات، فرصا لاستعراض عربدتهم وإفساد جو المتعة التي ينشدها السكان في مثل تلك الفضاءات.

هذه الظاهرة أيضا تثير ملاحظة أساسية، وهي افتقاد ساكنة مدينة القصر الكبير لفضاءات نزهة بالشكل المتعارف عليه رغم توفرها على مدار ريفي متميز، لكنه يفتقد إلى المعايير الضروري توفرها في مثل هذه الأماكن، في ظل المؤشرات القوية التي تدل على حاجة ساكنة المدينة لمتنفس يكسر روتين الحياة اليومي، ليس في فاتح ماي بطبيعة الحال ولكن كثقافة ترفيه كانت تتميز بها المدينة أيام الدعة والطمأنينة، قبل أن يصبح الخروج إلى الضواحي ضربا من المغامرة بالمال والنفس في ظل التربص الدائم للمنحرفين بالمواطنين سواء في هذه الأماكن أو غيرها بالمدينة.

هكذا إذن، يبدو فاتح ماي لهذه السنة بمدينة القصر الكبير، نشاط نقابي باهت يقابله نشاط استجمامي في تصاعد مستمر.

سعيد الحاجي، لهبة بريس من مدينة القصر الكبير
هبة بريس : 03 - 05 - 2010






    رد مع اقتباس