عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-08-22, 08:07 رقم المشاركة : 2
واصل بن عطاء
أستـــــاذ(ة) جديد
إحصائية العضو







واصل بن عطاء غير متواجد حالياً


افتراضي رد: لو أحببت إنسان ولم يحبك هل تكره هذا الإنسان .....


أولا أخي الكريم هناك فرق بين أن تحب شخصا و هو لا يبادلك نفس الشعور(يعني يكون الحب من طرف واحد) ، و بين أن يكون ذلك الشخص يدعي محبتك فينافقك و يتلاعب بمشاعرك.
أما بالنسبة للحالة الأولى فعن نفسي فإني أكيد أتقبل موقف الرفض من الآخر بكل روح رياضية ، و أتفهم ذلك الموقف إلى أبعد حد، و ذلك لما أعلمه من أن المشاعر و الأحاسيس هي من عمل القلوب التي لا سلطان لنا عليها ، فعدم احساس الآخر بالحب تجاهك لا يعني بالضرورة أن هذا الآخر يكرهك أو يبغضك ، أو أنه يسعى إلى إذلالك أو التقليل من شأنك حينما تراه لا يتجاوب مع مشاعرك و لا يهتم بك، لأن أمر الحب أصلا كما قلنا خارج عن نطاق إرادته، و لا يكاد يكون لحضور العقل فيه إلا القليل القليل، فهل لواحد منا مثلا أن يختار في الحب، أيا كان، دون تمييز !؟ لا أبدا ! و لعل أروع شاهد يمكن أن يمثل لهذه المسألة هو قول عنترة بن شداد حين أوته إحدى القبائل بعد تشرده في الصحراء، فأنقدوه و رعوه إلى حين اشتد عوده من جديد ثم اقترحوا عليه أن يزوجوه إحدى بناتهم، و لكنه رد عرضهم هذا بأدب جم لمّا كان قلبه لا زال معلقا بعبلة محبوبته فأنشد يقول :
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم و لا رضيت سواكم في الهوى بدلا
و الشاهد هنا في هذا البيت هو أن عنترة يعترف لأولائك القوم بأن أمر الحب ليس بيده ، و لو أنه كان كذلك ما كان ليقدم غيرهم عليهم في ذلك خصوصا و أنهم أصحاب حق و أفضال عليه
لهذا فإني أرى بأن الإنسان لا يجب أن يكون ملحاحا في فرض مشاعره على من يعلم أنهم لا يبادلونه نفس الامر، فتراه يحاصرهم في كل مكان و يسعى إليهم بشتى الوسائل مما يسبب الضيق و الحرج و الإزعاج لهم في كثير من الأحيان
و أنا أرى و الله أعلم أن تصرفات مثل هذه هي تعبير عن نوع من الأنانية تجاه الآخرين أكثر مما هو تعبير عن الحب نحوهم ، لأن الواقع في مثل هذه الحالة هو إنسان أناني لا يهتم إلا لمشاعره دون مراعاة لمشاعر الطرف الآخر ، و دون ادراك إلى أن الحب هو تفاعل بين روحين و ليس شعورا من طرف واحد، و ليس أدعى دواء لمن هو على هذه الحال من قول الشافعي :

اذا المرء لا يلقاك الا تكلفا
فدعه ولاتكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
أما الحالة الثانية أخي الكريم حيث أن الطرف الآخر يتلاعب بمشاعرك فيوهمك بالحب و هو كاذب ، فلا شك أن اكتشاف أمر كهذا خصوصا إذا كان قد مر عليه زمان ليس بالقصير لهو مما يسبب ألما و يخلق جرحا في النفوس صعب الاندمال، و لكني أرى بأن الزمان كفيل بمحو كل ذلك مهما طال الأمد ما دام أن هناك نعمة اسمها النسيان، لولاها لعاش الناس في كدر أبد الدهر، و يبقى لاختلاف النفوس في قوة صبرها و تحملها للمآسي و الشداد دور كبير في سرعة الخروج أو البقاء في دوامة الحزن و الآلام





آخر تعديل واصل بن عطاء يوم 2009-08-22 في 08:46.
    رد مع اقتباس