عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-19, 22:28 رقم المشاركة : 15
oustad
هيئة التشريع سابقا
مراقب عام سابقا
إحصائية العضو







oustad غير متواجد حالياً


افتراضي رد: دعوة لنقاش هادف وهادئ وعملي حول الرسالة التربوية للمدرس والمربي.


كما وعدتكم، أعود للموضوع، لابداء ملاحظات من المعيش، وما تم استنتاجه واستخلاصه من دروس وعبر مدرسة الحياة قبل مدرسة الكتب...
أشير منذ البداية إلى أننا بصدد موضوع من الحساسية والأهمية، ما يجعله موضوعا جديرا بالمناقشة والأخذ والرد.
سأبدأ بحكاية واقعية عاصرتها مرتين. في ولدي، وعشتها شخصيا في طفولتي، ذكرياتها لا تبارح مخيلتي، وكان لها أثر كبير في تكوين شخصيتي.
كان ابني بعمر السنتين، ثم ما لبث أن التحق بسنه الثالثة، فالرابعة، فأخذته إلى الروض. منعطف كبيرا في حياتي وحياته.
ويمكن إجماله في عنوانين: قبل، وبعد.
1- قبل الروض:
كان ابني لا يعرف الخوف من الظلام، باله في اطمئنان غير ذي نظير. يتنقل في أرجاء البيت ليلا، لا يخشى الظلام.
يصعد إلى السطح ليلا بمفرده، ويجلب ما يريد من لعب... يستيقظ بمفرده ويتوجه إلى المرحاض دون مساعدة أحد، وعمره لا يتجاوز الثالثة: يشق طريقه وسط الظلام، حتى يصل إلى مقبس الكهرباء, وينير الأرجاء.
ثم ما يلبث أن يعود إلى فراشه، بعد قضاء حاجته، وبعد إخماد الأضواء. كنت أشعر به، حين أكون نائما، أو أستشعر قيامه حين أكون ساهرا، بالطابق العلوي.

2- بعد الروض:
صار خوّافا كبيرا: بمجرد حلول الليل، لم يعد يجرأ حتى على الخروج إلى الدهليز، (الممر المؤدي إلى درج السطح أو باب الخروج.)، حيث الظلمة والعتمة. كان إذا أراد المرور من أمام الدهليز، إلى باب المرحاض، يتردد كثيرا ويقب ينظر يمنة ويسرة كمن يحاول عبور طريق معبدة؛ وفجاة وبسرعة يقفز إلى الجهة الأخرى وكأنه يحاول تفادي شيء ما. كنت أعتقد في البداية أنه يلعب، ثم بدأ يرفض جلب الأشياء أو الدخول إلى الأماكن المضلمة: صار يعرف حالة حقيقية من رهاب الأماكن المظلمة.
- "لاشيء يا أبي!!!"
هكذا كان دائما يجيب، حين أسأله عن سر تردده في العبور، وغرابة أطواره. وامتناعه عن الصعود إلى السطح كعادته لجلب أغراضه. لم يعد يقم إلى المرحاض، بل ينادي علي، أو على أمه وهو في فراشه...
وكلما سألته: ماذا بك؟ كان يجيب: لا شيء. وكأنه إنكار لاتهام ينضح به السؤال: الجبن، وافتقاد الشجاعة.
تهمة كان ينكرها بكل قوته.

عند دراسة وتحليل السلوك، لا يحتاج الأمر إلى وقت طويل وإجهاد في البحث، لمعرفة العلل والمسببات.
لأن تلك الظاهرة كانت متزامنة مع وابل من اسئلة الفضول المعرفي، والتي كان يمطر بها والدته:
ماما هل سنحترق كلنا بالنار؟
ماما هل سندخل الجنة أم النار..

بعد استجوابه، سيعترف بأن مربية الروض كانت تملأ عقولهم الصغيرة بأخبار الوعد والوعيد، كما تقدم للبالغين والراشدين. غافلة مطلقا أنه يجب تقديمها وفق المستوى الإدراكي للأطفال في مرحلة الروض.
أخبرني أنه كان يخشى الجن، الجن موجود، يختبأ في الظلام لذلك لا نراه. هذا ما لقنته المربية.
أخبرت الأطفال أن من لا يصلي، سيحرق في نار جهنم، حيث سيصلي على حديد ساخن...
الكثير الكثير مما يؤكد تخلف نظام التربية والتعليم في رياض الأطفال المفتوحة هنا وهناك، في كراج معد أصلا ليكون مرآب سيارة... تخلف كبير.
لماذا لا نعلم أطفالنا بأن الله رحيم ورحمان، ويحب ابن آدم، وفضله على الملائكة....
لماذا لا نعلم الأطفال بأن السرقة حرام، لأن قانون المعاملة بالمثل يرفضها. ( هل تريد أن يُسرق منك شيء؟ -لا)
(إذا سرقت شيئا من أحد، سيسرق أحدهم شيئا من أشيائك. -إذن: هل ستسرق؟) شيء من هذا القبيل.
لماذا لا نعلم الطفل الصلاة بتحبيبها بوسائل أخرى، كالقول إن الصلاة تُفرِح الله، ماذا تريد أن تفعل أنت؟ هل تريد إفراح الله أم إغضاب الله؟ علموا أبناءكم الصلاة لسبع، فال علموا، ولم يقل أرهبوا...
الصلاة غير ملزم بها لأنه شبه رضيع، وكل ما في الأمر التعود، وبيننا الكثير ممن لاحظوا تقليد أبنائهم لهم، فيقومون إلى جانبهم، دون أن يطلب منهم أحد ذلك.
سيهديه الله..فلماذا ستملء ذهنه الصغير بالهواجس والمخاوف.. والاكتئاب؟.
أدعو كل مربي رياض الأطفال إلى سلوك هذه الطريقة التفاعلية، والطيبة، وبالتي هي أحسن. فالأجدر به أن يعبد الله لأنه يحبه، لا لأنه يخافه ويخشاه. وكما قال أحد الحكماء: أنا لا أخاف الله. وأشهد بما لا أرى.
فثارت ثورة القوم عليه، وهبوا لزجره. فحال بينه وبينهم آخر، قال: صدق والله.
إنه لا يخاف الله، لأن الله رحيم ورحمان، وإنما يخاف عقابه.
وهو يشهد بما لا يرى، فهو مسلم، يشهد ألا إله إلا الله. فهل منكم من يرى الله؟
ويظهر من خلال هذا الحدث، أن الكلام قد يحمل على المجاز. لكن الحكمة واحدة وثابتة: نتعلم القواعد أولا، ثم نكسر بعضا منها. وهذا قدرنا لأننا بشر، والبشر غير معصوم من الخطأ. بل الخطأ متجذر في وجودنا. ولا بد من أن نتعايش معه. لا داعي لوسائل الإرهاب في تعليم دروس التربية الاسلامية بأقسام الروض.
أرجوكم كفى من ذلك. وعافاك، ما تقيسشي الطّومأنينة ديال ولدي.
قيلو عليك، لا تذكر له جهنم، ولا النار ولا الجن، و لا أخبار الوعيد. عوض جهنم، قل له الجنة، وركز على كل ما يُدخل إليها، ولا تذكر النقيض. عوض جهنم، ركز على عبارة غضب الله.
عوض الجن نذكر الملائكة..
صلاته ودينه على مسؤوليتي . علمه إياها، لامانع، لكن بأسلوب التحبيب والترغيب، ولنركز على الإيجابيات، ونكتفي بقول هذا أمر يغضب الله. راه باقي غايكبر وغايعرف كلشي مللي غايكون في سن تؤهله لتقبل المضامين الحقيقية.
أخطر شيء على الطفل هو أن تخلق الهواجس والمخاوف المؤرقة والمطلقة للكوابيس، في ذهنه الصغير.
إن ذهن الطفل يميل دائما إلى التمثل الخرافي للأشياء. فلنساعده على تجاوز تلك المرحلة بسلام.
سيعلم كل شيء في وقته.
لي عودة أخرى.
مودتي.






التوقيع

هدية لسعيدة السعد، وفضيلة الفضل، ألف مبروك على الشفاء.
http://www.youtube.com/watch?v=g-i3X...eature=related

لِأَجْلِكِ الرُّشْدُ، شِعِرٌ جابِرُ *****عقْلٌ رَزانٌ، وفِكْرٌ عامِرُ.


صَدْعًا بِحَقٍّ، بِصَوْتٍ جاهِرُ *****صُبْحًا بِجِدٍّ، وَ ليْلًا ساهِرُ.

بِنْتُ الرّشيدِ ابنِ رُشْدَ سُلالةً*****أيْ، جودُ عِلْمٍ، حِجاجٌ باهِرُ.

~ La Femme est un homme amélioré ~
آخر تعديل oustad يوم 2010-04-20 في 00:57.
    رد مع اقتباس