عندما تسقط ورقة العمر على أرض الفناء
عندما يرتطم الفرح بحائط البكاء
اوقن ياعمري انك لم تعد هنا
بيننا..
أتذكر وجهك الأخضر وأنا القي عليه آخر نظرة فوق ارض الاحياء
أتذكر ابتسامتك الطاهرة
وسنك الأمامية المكسورة وهي تقول لي :
لا تنسي أول اللقاء
لن أقول وداعا ولكن إلى اللقاء
تمنيت بك اللحاق تمنيت معك البقاء
لكن الموت لا يلبي النداء
كأن النوارس حضرت لتودعك معي
لمحتها تحلق فوق سمائك الاخيرة
ترقب الحفارين والمبتهلين والباكين..
ترقب دموعي حين تهطل كالمطر الحزين..
اليوم تتوسد خداك الحريرصدر التراب
تقبل شفتاك الاديم
يرعب الظلام عيناك
وتشتهي الدويدات ريقك الحلو اللذيذ
اليوم ..
تنام وحيدا..
فمن يعبث بشعرك كالوليد؟
من يغني لك انشودة الربيع؟
من يحضنك كالرضيع ؟
من يهرب اليك من الصقيع؟
نصبت لك على كل جدار صورة
وخلف الصورة نصبت صورة
شجبت زيك الرسمي
وطربوشك العسكري
وحذاءك الطويل مسحته ولمعته ووضعته على مدخل الباب..
عانقت قميصك الأخير
ونمت ليلتي الاولى بدونك

كأنك هنا..
لا أريد لشيء ان يتغير
رغم انطفاءة وجهك
ستظل أشياؤك مضيئة في قلبي و المكان..
لكنهم عبثوا بكل الأشياء
أخفوا عني صورك..
خبؤوا مني ملابسك..
حتى زجاجة عطرك لم أجدها
والقميص الأخيرة لا زلت أبحث عنها..
لقد اضحى الموت موتان
والوجع وجعان
كأنك
تنافسهم
تزاحمهم
نعم ياربيعي المسروق
تزاحمهم
ويستكثرون عليك حيز الذكرى
يريدون كل شيء لهم وحدهم
حتى الذكرى لا تكون إلا لهم ومعهم
تسبب لهم الضيق
يغارون منك
يتركون المكان لأنهم يحسونك هنا

يغضبون مني
ويخاصمونني لأني مازلت أراك وألقاك
فهل ياربيعي المسروق فعلا اراك؟؟

واليوم أتعب
وأستسلم لأهوائهم
أغلف صورك بالأسود
وأخفي كل أثر لك
إرضاءا لهم
لكنني أخفيت صورة عنهم
ولن تلمحها عيونهم
علقتها خلف جدار قلبي
هناك حيث نلتقي انا وانت
ومتى اشتقت لك
أختبئ منهم
وأدقق فيك النظر
أقبلك فتحسني
اكلمك فتسمعني
أبوح لك بشوقي الذي لا يموت
أعبث بشعرك كالوليد
أغني لك انشودة الربيع
أحضنك كالرضيع
أهرب اليك من الصقيع
وعند حضورهم..
اتظاهر بالنسيان
وأوهمهم ان حيز الذكرى أصبح لهم
وأنك فيه لا تزاحمهم