عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-17, 14:46 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

a9 تملص وزارة التربية الوطنية من مسؤولية الحوار مع نقابة المفتشين


تملص وزارة التربية الوطنية من مسؤولية الحوار مع نقابة المفتشين

17/04/2010





لقد ظلت هيئة التفتيش التابعة لوزارة التربية الوطنية ، وهي هيئة متعددة التخصصات (تربوي / مادي ومالي / تخطيط / توجيه ) تطرق أبواب الوزارة الوصية بملف مطلبي تناسل وتقادم لعقود من السنين وعلاه الغبار ، وتعاقب على الوزارة وزراء من كل الأطياف السياسية و الحزبية ، وكلما حل وزير من هذا الحزب أو ذاك ألقى بالملف جانبا ، وسوف كل تسويف حتى تنقضي مدة وزارته فيحل محله غيره ، ويواصل تسويفه مع نفس الملف ، وكأنه ملف أجرب يتفاداه السادة الوزراء تجنبا لجربه . ومر وقت طويل ولم تكن للهيئة نقابتها بل كان المفتشون تحت وصاية بعض النقابات الحزبية التي تتخذ من بعضهم مجرد موزاييك إلى جانب فئات رجال ونساء التعليم تركب ظهورهم دون أن يستفيدوا شيئا ، ودون أن يلتفت إلى ملفهم المتقادم المتناسل . وكان للهيئة جمعية تتحدث باسمهم فقيل لهم يومئذ إن الجمعية ليست لها الصبغة النقابية للمطالبة بالحقوق ، فهلا كونتم نقابة ليسمع صوتكم . وبالفعل قام المفتشون بتأسيس نقابتهم الخاصة بهم دون أن يكون لها طابع الانضواء تحت تيارات سياسية أوحزبية . ولما صارت للمفتشين نقابة أصبحت ذريعة التخلص من مطالبهم من طرف الوزارة الوصية هي قلة نسبة التمثيلية داخل لجنة اشترطت الوزارة ألا تناقش إلا من يوجد داخلها وهي ما عرف باللجنة العشرية . وهاجس الوزارة هو العدد ، فهي لا تحاور إلا من كان له العدد الضاغط من المنخرطين ، وما سواه لا تعبأ به ولا تبالي .
ومن الطبيعي أن تكون تمثيلية المفتشين حسب عددهم الإجمالي ذلك أن عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف مقارنة مع عدد موظفي الوزارة الذي يعد بمئات الآلاف. ولما استطاعت النقابة أن تحسن تمثيليتها بعدد المقاعد في اللجان الثنائية اضطرت الوزارة للجلوس معها على طاولة المفاوضات لمناقشة مطالبها المتقادمة المتناسلة . ولما وجدت الوزارة نفسها أمام هيئة ذات نقابة وبملف متناسل عمدت إلى أسلوب المراوغة واللف والدوران ، والتسويف ، وتخفيض تمثيلية الطرف المحاور عن الوزارة من أجل التملص من المآزق أمام حوار نقابة المفتشين بحيث أن الطرف الوزاري المحاور ذا التمثيلية المتواضعة يستطيع أن ينسحب كلما وجد نفسه في النفق المسدود بدعوى العودة إلى مسؤوليه للاستشارة لعدم تمتعه بصلاحية اتخاذ القرار ، وهو أسلوب من أساليب التملص المعهودة في وزارة التربية الوطنية. ولا زال ملف هيئة التفتيش على حاله بنفس المطالب ، ولا زال إطار المفتش التابع لوزارة التربية الوطنية بدون تعويض عن إطاره ، ولا زال يتقاضى أجر الوظيفة التي كان فيها قبل أن يلج سلك التفتيش . فالمفتشون التربويون كلهم مدرسون سابقون ، ولا زالوا يتقاضون مرتبات المدرسين ، ويصنفون في درجاتهم ورتبهم السابقة ، دون تعويض عن إطارهم كمفتشين . ولا زال المفتشون يطالبون بالاستقلالية الوظيفية على غرار استقلالية جهاز القضاء من أجل أن يتمكنوا من مراقبة المنظومة التربوية مهما كان الطرف المخل بها إذ لا يمكن أن يشتغل مراقبو المنظومة تحت سلطة من قد يكون سببا في إفلاسها من المسؤولين في الأقاليم والجهات وحتى في المركز. والوزارة تنكر مبدأ استقلالية هيئة التفتيش لأنها لا ترغب في من يراقب تدبيرها الذي كان سببا في انهيار المنظومة التربوية المغربية ، والتي عرفت عشرية إصلاح فاشلة ، حلت محلها رباعية استعجالية لن تكون إلا كالعشرية فشلا . وقد استغربت من كاتبة الدولة للوزارة و هي تزور نيابة جرادة في بداية هذا الموسم إنكارها وعدم استساغتها لمطلب الاستقلالية بل قد تظاهرت بأنها لا تفهم ولا تتفهم هذا المطلب ، وكأن هيئة التفتيش تريد انسلاخا من الوزارة ولا تريد مجرد الانضواء تحت هيكلة تربطها بالمفتشية العامة وهي جهاز مواز لمديريات الوزارة كما تنص على ذلك الهيكلة الوزارية الرسمية . ولا زالت أحوال المفتشين المادية سيئة ذلك أن مرتباتهم مجمدة حيث كانت قبل ولوجهم سلك التفتيش ، وتعويضاتهم عن التنقل والإقامة ـ علما بأن مهامهم تتطلب التنقل باستمرار ـ جد زهيدة ، وتمر بمساطر معقدة قبل أن يحصلوا عليها هزيلة .
وإذا ما قورنت تعويضاتهم على التنقل والإقامة بغيرهم ممن يتولى تدبير الشأن التربوي محليا أو إقليميا في نيابات الوزارة أو جهويا في أكاديميات الجهات ، أو مركزيا في مقر الوزارة كانت الصورة المعبرة عنها هي مقارنة نملة من نوع الذر بأضخم فيل إفريقي. ولا زال المفتشون يستعملون سياراتهم الخاصة التي ينفقون على وقودها من قوت أبنائهم اليومي في حين تتنوع سيارات المسؤولين المحليين والجهويين والمركزيين بين رباعية الدفع وثنائية الدفع من النوع المريح. ولا زالت الوزارة تهيكل وتعيد هيكلة جهاز التفتيش كل مرة ، فكلما طالب الجهاز بحقوقه كلما فكرت الوزارة في إعادة هيكلة التفتيش من أجل إخراس أصوات المطالبة بتصفية الملف المطلبي الذي علاه غبار عقود من السنين عقابا للجهاز. ولم تتورع الوزارة عن نهج أسلوب المساومة لشراء ذمم بعض عناصر الهيئة ، وفيهم ـ مع الأسف الشديد ـ من يغري الوزارة بالمساومة من خلال الطمع في بعض المناصب والتي قد تلحقه بمرتبة ومستحقات المسؤولين في الأقاليم والجهات والمركز.ولم تعد أخبار أولئك سرا بين أسرة الهيئة المتذمرة من هذا السلوك المخزي . لقد تملصت الوزارة الوصية من حوارها مع نقابة المفتشين ، وعادت الأمور إلى نقطة البداية ، وظل الملف المطلبي حيث كان في انتظار وزير آخر لتبدأ رحلة التسويف من جديد وتنكث الوزارة غزلها من جديد مع هيئة التفتيش .

محمد شركي
عن وجدة سيتي نت





    رد مع اقتباس