عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-16, 15:56 رقم المشاركة : 1
محمد معمري
أديـب و مفكــر
 
الصورة الرمزية محمد معمري

 

إحصائية العضو







محمد معمري غير متواجد حالياً


افتراضي الخيانة الزوجية..


الخيانة الزوجية..



كان غريبا أن ألاحق سكيرا لا أعرفه بنية حسنة لأساله عن سبب مجونه، فكانت حالته جد مزرية، جسد يتمايل يكاد أن يسقط على الأرض لولا مقاومته الضعيفة، ورائحة الخمر تفوح منه كأنه اغتسل به، وفمه ينطق بكلام يتلعثم فيه لا يكاد يبين.

ولم يطل لحاقي به حتى أوقفته لأستفسره؛ لكنه أبى، ولم أدر كم حاولت من مرة لأقنعه بفلسفتي البسيطة حتى قبل الدعوة المشروطة بفنجان قهوة سوداء وعلبة سجائر..

كانت الساعة تشير إلى العاشرة والربع ليلا، جلسنا في أحد المقاهي التي تعمل ليل نهار؛ ولم أكن أدر ما كان يدور في رأسه ونحن في طريقنا إلى المقهى سوى كلام غير مفهوم لم أفهم منه سوى (أنا السبب).. وفي كل مرة كنت أسرق نظرات إلى هندامه ومحياه.. فلم أر ما يدفع مثل هذا الشاب الوسيم إلى انتحاره البطيء بهذا الشكل غير المألوف عندنا! لقد تفحصته جيدا وأنا أعيش كالذي يعيش انفصام الشخصية! ففي الوقت الذي كنت أحاول إقناعه ليقبل مساعدتي له كنت أتساءل عن كل الملاحظات.. كان يرتدي لباسا لا بأس به، وجهه وكلامه لا يعربان على أنه متشرد، أو منحرف.. مما جعل دهشتي تطول إلى حين روى لي قصته.

أشعل سيجارة وأردفها برشفة مدوّية من القهوة، ثم وضع الفنجان فوق الطاولة والتفت إلي قائلا:{ماذا تريد مني؟}، قلت له لا أريد سوى مساعدتك شرط أن تروي لي حكايتك بكل التفاصيل.. فسألني من أكون؟ أجبته: أنا عبد ضعيف أحب مساعدة الغير عسى ربي أن يغفر لي ولهم... أشعل سيجارة أخرى وتبعتها الرادفة، وبدأت دموعه تسيل على خديه ببطء، وسكت طويلا، فالتزمت الصمت حتى انطلق لسانه:
أنا قروي أمي، أحمل راية الجهل، لا أتعلم فقط من الطبيعة، وما أكتشفه عن طريق التجربة المبنية على العبثية والجهل المطلق.. لما اشتد ساعدي، وخيمت على مُخيّلتي سُحُب من الأفكار المنبثقة من ينبوع الجهل؛ بدأت أشياء تشبه المحركات الكهربائية تحرك تروس الخيال كأنها تريد مني أن أصنع شيئا، أو أفجر طاقتي الكامنة لتتناثر حروف رسالتي الإنسانية نحو هذا العالم... لكن حجاب الأمية والجهل كان مانع الوصل بيني وبين ما أحمل بداخلي...

وما دفعني لشرب الخمر واستعمال المخدرات تلك الواقعة التي أرعبت القرية.. رغم أن الحقيقة لم يكن يعرفها سوى الرقيب، وأنا الفاعل المذنب...

ذات يوم، كنت أتجول في ضواحي قريتنا، فسقط بصري على عش غراب فتسلقت تلك الشجرة وسرقت منه بيضتين.. ثم عدت إلى منزلنا، وفي حقلنا كانت شجرة يقطن في أعلاها لقلاق؛ فخطر في بالي أن أغير بيضه ببيض الغراب! وذاك ما حصل..
مرت الأيام، فقس البيض؛ وإذا باللقلاق الذكر يشاهد فراخ الغربان! فبدأ يصيح ويضرب جناحيه مع جسمه بقوة.. ثم حلق وعاد صحبة سرب من اللقالق! فكثرت أصواتها المرعبة بمناقيرها الطويلة، وضرب الأجنحة تماما كما تفعل النساء اللواتي يندبن على الميت..

منظر قوي أرعب كل سكان القرية! لكنهم لم يفهموا شيئا؛ لقد كنت الوحيد بينهم أرتعد كأنني أموت من الخارج... وفجأة هجم السرب على الأنثى ومزقوها إربا إربا!

نهض بسرعة وانطلق يجري في الشارع، قمت وأديت ثمن المشروبات للنادل ثم خرجت أهرول لألحق به، لكنه امتص مني دقائق معدودة ولم أعثر عليه كأن الأرض ابتلعته.


بقلم: محمد معمري





آخر تعديل محمد معمري يوم 2010-04-25 في 10:41.
    رد مع اقتباس