عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-02, 09:51 رقم المشاركة : 1
ابن خلدون
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابن خلدون غير متواجد حالياً


الوسام الذهبي

وسام المراقب المتميز

b7 الشباب ديال وّالو! محمد الراجي


الشباب ديال وّالو!


محمد الراجي

هسبريس : 02 - 04 - 2010
1-
على جدران المدارس المغربية يتمّ خطّ أقوال مأثورة ليست ولن تكون صالحة أبدا للتطبيق على المجتمع المغربي، في الوقت الراهن والمستقبل القريب على الأقل. من هذه الأقوال المأثورة مثلا: "طفل اليوم رجل الغد". وكما يعلم الجميع، فالأطفال، ومن بعدهم الشباب، هم مستقبل الأمم، لكننا عندما نلقي نظرة عامّة على أحوال الأطفال والشباب المغربي اليوم، ذكورا وإناثا، سنكتشف من أول وهلة، بأن "الأمة المغربية" مع الأسف لا مستقبل لها!
2-
في الشارع وساحات المدارس والحافلات كما في القطار، يمكن أن نستشفّ كيف سيصير مستقبل المغرب القريب عندما يصير هؤلاء الأطفال والمراهقين والشباب المستهترين بكل شيء وأي شيء، في مناصب "المسؤولية" (المتاحة للأبناء الشعب طبعا). وقتذاك سيصير حال بلدنا أسوأ بكثير مما هو عليه الآن، لذلك يجدر بنا أن نعترف منذ الآن بأن كارثة عظيمة تنتظر مستقبل هذا الوطن. الحولي اللي غادي يْنطحنا باقي كايرجع اللور باش الضربة تْكون قاصحة مزيان!
3-
تصوّروا مثلا، كيف سيصير حال المدرسة المغربية، عندما يصير تلاميذ اليوم مدرّسين وأساتذة بعد عشر أو خمسة عشر عاما. فإذا كان حال هذه المدرسة، من التعليم الابتدائي إلى التعليم الجامعي، يدعو إلى الشفقة والرثاء، فلنا أن نتصور كيف سيصير حال التعليم المغربي، والمدرسة المغربية، ومن خلالهما المستقبل المغربي برمّته عندما يصير هؤلاء التلاميذ أساتذة، وهم الذين صار الكثير منهم، لا يلجون الأقسام حيث يدرسون إلا بعد أن يكونوا مفصولين عن العالم تماما، بسبب المعجون والقرقوبي وغيرها من أنواع المخدرات التي صارت جنبات المدارس العمومية سوقا رائجة لها!
4-
وحتى التلاميذ الذين يدخلون إلى الأقسام وهم في حالة طبيعية، فإنهم، وبسبب الوضع الكارثي الذي وصل إليه التعليم في بلدنا، (نحتل الرتبة 14 عربيا، في لائحة جودة التعليم إلى جانب اليمن والعراق، وبعيدا عن مدينة غزّة المحاصرة!) يحملون فوق رقابهم رؤوسا فارغة من العلم، ومن المعرفة، ومن كل ما هو مفيد. وإذا كان أساتذة ومدرسو اليوم، الذين يدرّسون الجيل الحالي، لديهم نصيب من العلم والمعرفة، ومع ذلك وصل مستوى التعليم إلى الحضيض، فإن "أساتذة" و "مدرّسي" المستقبل، الذين سيتشكلون من تلاميذ وطلبة اليوم، سيتكفلون بدقّ آخر مسمار في نعش التعليم المغربي، وكل هذا بمباركة وزارة التعليم، التي لا أحد يعرف من هو العبقري الذي أوحى إليها بإجراء تلك المباراة الغريبة قبل أشهر، لاختيار 1500 "أستاذ" للتعليم الابتدائي والثانوي، من خريجي الجامعات، دون أن يجتازوا أي مباراة للتكوين في مراكز تكوين الأساتذة والمعلمين. وإذا عرفنا أن كثيرا من أصحاب الإجازات الجامعية، يعجزون مثلا، عن كتابة ولو فقرة واحدة باللغة الفرنسية، التي درسوها منذ القسم الثالث ابتدائي، فما علينا سوى أن نصلي صلاة الجنازة على روح التعليم المغربي، وصلاة الغائب على مستقبل المغرب برمّته!
5-
قد يكون في هذا الكلام كثير من التشاؤم، لكن الواقع هو الذي يفرض ذلك بقوة. فسياسة إخفاء الرأس في الرمل كما تفعل النعامة لا تجلب سوى الكوارث، وما أحوجنا اليوم إلى كثير من الصدمات العنيفة لعل وعسى أن نستيقظ من سباتنا الذي يوازي سبات أصحاب الكهف، وندرك أننا سائرون بثبات في الطريق المؤدي مباشرة إلى الهاوية. هؤلاء الشباب الذين نعوّل عليهم لبناء مستقبل هذا الوطن يجب إعادة تأهيلهم، وتعليمهم، بل وحتى تربيتهم، أما إذا تركنا الأمور تسير على ما هي عليه اليوم، فإن بناء مستقبل بلدنا سيكون كمن يبني عمارة من مائة طابق على أعمدة غير مزودة بما يكفي من الاسمنت والحديد، والتي مهما طال صمودها، فإن الانهيار سيكون مآلها في نهاية المطاف. الشباب المغربي بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة من جميع النواحي، حتى يكون صالحا لشيء ما، أما الآن فالواقع يقول، مع استثناءات قليلة طبعا، بأنه ما صالح لوّالو!






    رد مع اقتباس