2015-02-17, 23:04
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | الهدر المدرسي يعود إلى واجهة الإصلاح التربوي | أحمد امشكح
almassaeالعدد :2608 - 17/02/2015 الهدر المدرسي يعود إلى واجهة الإصلاح التربوي
بعد أن قالت اليونيسيف إن حوالي 80 في المائة من المعطلين غادروا مدارسهم مبكرا أعادت منظمة اليونيسيف النقاش مجددا حول ظاهرة الهدر المدرسي حينما كشفت على أن قرابة ثمانين في المائة من العاطلين عن العمل، كانوا قد غادروا حجرات الدرس مبكرا. لذلك يفترض في مشروع الإصلاح التربوي المنتظر أن يضع هذا الإكراه ضمن الاهتمام إلى جانب بقية القضايا الأخرى كالتعلميات الأساسية والتعليم الأولي.. مع اقتراب الموعد الذي حدده المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، بمعية وزارة التربية الوطنية، لتقديم مشروع الإصلاح التربوي المنتظر، والذي من المقرر أن يمتد العمل به إلى سنة 2030، بدأت القضايا الكبرى تقض المضاجع. وهي قضايا كانت سببا فيما وصلت إليه المدرسة المغربية من تدني، ومن تراجع في الجودة.
فبعد قضية اللغات، والتعليم الأولي، والتعلمات الأساسية، جاء الدور هذه المرة على ظاهرة الهدر المدرسي، بعد أن كشفت منظمة اليونيسف عن المستوى الدراسي للعاطلين عن العمل في المغرب، وقالت إن النسبة تفوق الثمانين في المائة. وأن الغالبية العظمى من هؤلاء لم يتجاوزوا مستوى التعليم الثانوي.
لذلك أطلقت هذه المنظمة الأممية، التي تعنى بالطفولة، مع سفارة كندا بالمغرب، مشروعا سمته «فرصة» لدعم الشباب في وضعية هشاشة بالمغرب من أجل تنمية مهاراتهم الحياتية.
وأضافت المنظمة الأممية أن حوالي 300 ألف شاب ينقطعون عن الدراسة سنويا قبل إتمام السلك التعليمي الإلزامي. ومن تم تعتبر «فرصة» بالنسبة لليونيسيف مساهمة منها في الحد من الهدر المدرسي، من خلال استهداف حوالي 10 آلاف شاب كمرحلة أولى في الجهات التي ترتفع فيها ارتفاعا نسبة الهدر المدرسي.
ويظل الهدر المدرسي هو إنقطاع التلميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام مرحلة دراسية بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية كالفقر أو ضعف دخل الآباء، والطلاق وأمية الآباء والزواج المبكر بالنسبة للفتيات. هذا بالإضافة إلى بعد المدرسة، وضعف الوسائل البيداغوجية حيث تطغى المناهج التقليدية .وسوء العلاقة بين التلميذ والمدرسة،
بسبب الاكتظاظ الحاصل داخل المدرسة مثلا، وأنظمة الامتحانات .
بالإضافة إلى طبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف إضطرابا وتباينا، مع الخلل الحاصل في البنية التربوية، كعدم توفر بعض الأسلاك.
وحينما نتأمل هذه الأسباب التي تقف وراء الهدر المدرسي نجد أنها تشترك فيما هو بيداغوجي صرف وما يتعلق ببنيات الاستقبال. لذلك فمحاربة الظاهرة لا يمكن أن تعرف طريقها إلى النجاح إلا بإصلاح حال المنظومة التربوية ككل. أما اعتبار التربية غير النظامية حلا للهدر فلا يعدو أن يكون حلا ترقيعيا لأنه لا يفي بالغرض.
وبلغة الأرقام نجد أن الذين يغادرون أقسامهم لهذا السبب أو ذاك يفوق سنويا 400 ألف تلميذ. وتنمو الظاهرة بالوسط القروي على الخصوص، والمتمثل أساسا في عدم التحاق الأطفال بالمدرسة، وانقطاعهم عنها لعدم التمكن من ولوج مستويات أعلى. وهو ما يجعل منها آفة تؤرق بال المسؤولين عن تدبير قطاع التربية والتكوين ببلادنا، رغم كل الاعتمادات المالية التي وفرتها الدولة في هذا الميدان حيث وصلت أحيانا إلى ما يفوق العشرين في المائة من الميزانية العامة السنوية.
كما أن تعميم التعليم، أو التعليم للجميع، أو إلزامية التعليم، قد شكل أحد الأهداف التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الاستقلال إلى الآن، فوضعت لها مخططات خماسية، ونظمت منتديات للإصلاح تحت شعارات الجودة والقرب والجهوية. بل إن التعميم شكل، الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. إلا أن الهدر المدرسي الذي تزيد نسبته بالوسط القروي، يحول دون بلوغ الحاجيات المتزايدة لنظامنا التربوي في الآجال المناسبة.
وتشكل الفتيات أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب بنسبة تقارب اليوم الستين في المائة، ثم تلاميذ الوسط القروي بنسبة ثمانين في المائة.
وبحسب الدراسات التي اشتغلت على هذا الملف، فإن كل سنة يقضيها الطفل بالمدرسة الابتدائية كفيلة بتحقيق 12.7 في المائة من رفع مستوى الدخل. مقابل 10.4 في المائة بالمدرسة الثانوية.
ويزداد الربح بنقطة عند الفتيات إلى أن يصل مجموع الخسائر بالنسبة للمجتمع نصف نسبة الدخل السنوي، وهو ما يقارب 2.8 مليار درهم.
ومن خلال البحث الذي قامت به منظمة اليونسكو، فإن المغرب يتوفر على أكبر نسبة من الهدر المدرسي في العالم العربي وهو يحتل في الوقت نفسه المرتبة الثانية على مستوى المغرب العربي بعد موريتانيا.
وبناء على إحصائيات كانت قد قامت بها وزارة التربية الوطنية في نهاية 2004 على شريحة من التلاميذ بلغ عددها 1000 تلميذ مسجلين للمرة الأولى في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، فقد سجلت أن 620 تلميذا من هذه الشريحة وصلوا إلى السنة السادسة. أما 380 منهم فقد غادروا مقاعد الدراسة قبل الوصول إلى هذا المستوى.
حينما نتحدث أحيانا عن الهدر المدرسي، نعني به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية التي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل دراسته. لكن الظاهرة نفسها يرد الحديث عنها في كتابات بعض التربويين بالفشل الدراسي، الذي يرتبط لدى الأغلبية بالتعثر الدراسي الموازي إجرائيا للتأخر. كما تتحدث مصادر أخرى عن التخلف واللاتكيف الدراسي. وكثير من المفاهيم التي تعمل في سبيل جعل سوسيولوجيا التربية أداة لوضع الملمس على الأسباب الداخلية للمؤسسة التربوية من خلال إنتاجها للامساواة. إلا أن الغالب هو الحديث عن الهدر المدرسي باعتباره انقطاع التلاميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام المرحلة الدراسية أو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة.
كان لا بد من البحث عن صيغ لمحاربة الظاهرة خصوصا وأن أرقامها تضاعفت. لذلك وجدت وزارة التربية الوطنية في التربية غير النظامية حلا لمعالجة هذا الإشكال. غير أنه حل لم يتمكن من القضاء على الظاهرة ولا هو ساهم في تحقيق التكوين والتعليم المنتظر. لذلك سيحمل وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا معاول الهدم لإنهاء العمل به حينما قال إن التربية غير النظامية، التي تجعل منها الوزارة حلا للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، غير ذات جدوى.
فليس من المنطقي، بحسب الوزير السابق، أن يتم طرد تلميذ من فصله خلال موسم دراسي، ثم يتم بعد ذلك السماح له بالعودة الى الفصل نفسه في الموسم الدراسي الموالي تحت تسمية أخرى هي التربية غير النظامية. لذلك كانت واحدة من الملفات التي كان من المقرر أن يلغيها الوفا.
وحينما كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين يقطع منتصف طريقه قبل أن يتم توقيف عجلاته، قالت الأرقام إن عدد التلاميذ الذين ينقطعون من المدرسة يقارب 400 ألف تلميذ. لذلك كان على المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي جاء بديلا والذي كان من المقرر أن يمتد من 2009 إلى 2012 بميزانية فاقت وقتها الأربعين مليارا، قد جعل من محاربة الهدر المدرسي هما أساسيا بعد أن خصص له واحدا من مشاريعه التي فاقت العشرين.
اليوم، لا يخفي المتتبعون أن عدد الذين كانوا يغادرون حجرات أقسامهم كل سنة دراسية، لم يتحرك وظل على حاله بسبب جملة من الأسباب لم يجد وزير التعليم السيد بلمختار من بينها غير الحديث في إحدى المناسبات، عن عدم رغبة التلاميذ في ولوج المدرسة، دون أن يحاول البحث عن السر وراء هذا الذي سماه بكراهية المدرسة.
اليوم يبدو أن الهدر المدرسي والتربية غير النظامية كهموم حقيقية لا تزال تؤرق بال المدرسة المغربية، عادت إلى الواجهة بعد أن اعتبرتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني أساسية في كل عملية إصلاح مرتقب لمنظومة التربية والتكوين. | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=797480 |
| |