2014-01-27, 10:33
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | مؤسسة الإفتاء وأزمة التواصل | قررت الدولة تنظيم مجال الإفتاء ضمن سياسة شاملة لضبط الحقل الديني بعد أحداث 16 ماي بالدارالبيضاء. وواضح أن الدولة ربطت بين الأحداث وأحداث أخرى مثلها وبين نموذج في التدين تراه مختلفا عن التدين الذي عرفه المغاربة بثوابته الثلاث، كما هو واضح أن هناك ربطا بين النموذج "الجديد" للتدين وبين الفتوى كوعاء وحامل له.
في هذا السياق كانت هناك محاولة لمأسسة الفتوى بالنظر إلى أهميتها للفرد الذي يريد معرفة حكم الشرع في العبادات والمعاملات. وظاهر أن المأسسة تروم الحفاظ على "النمط" المغربي في التدين.
إن تتبع سلوك مؤسسة الإفتاء والمجالس العلمية يظهر أن هذه المؤسسات لا تشعر بأي حرج في تناول القضايا المتعلقة بالعبادات، وأي عضو في مجلس علمي ما بإمكانه التقدم بالجواب على سؤال مطروح. لكن الأمر يختلف كثيرا حين يتعلق بالمعاملات.
يمكن توضيح الأمر أكثر بالرجوع إلى فتوى الشيخ يوسف القرضاوي حول التعامل مع الأبناك الربوية من أجل شراء سكن. ونتذكر حين صدرت الفتوى كيف كان رد فعل مؤسسة العلماء. فقد أصدرت بيانا قاسيا تجاه القرضاوي واصفة إياه بالشخص المتنطع. إلا أن جوهر الفتوى لم يتم تناوله في البيان. وإذا كان هذا مفهوما بالنظر إلى أن المؤسسة قالت أنها ستصدر فتواها في الموضوع، فإن ما لا يمكن فهمه إطلاقا هو التأخر الكبير في صدور الفتوى. فقد قرر المجلس العلمي الأعلى في سنة 2006 الاجتماع للبحث في الموضوع وإصدار فتوى رسمية سيتم اعتمادها، وبعد سنوات صرح الدكتور محمد يسف أن الفتوى جاهزة لكن الوقت غير مناسب لإعلانها.
موقف المجلس العلمي الأعلى تحول إلى إشكالية تحتم طرح سؤالين:
ـ ما السر وراء التأخر الكبير في إصدار الفتوى؟ ـ ماذا يعني كون الوقت غير مناسب لإعلان الفتوى؟
إن موضوع الفوائد الربوية ليس من الغموض بحيث يتطلب سنوات للخروج بفتوى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، هل "الوقت غير مناسب" يعني أن الوقت تتحكم فيها جهات أخرى، وهي الأبناك في هذه الحالة؟
ليس الغرض هو فهم السر وراء كل ذلك ، إنما المراد توضيح حقيقة أن عندما تطلب فتوى، فلا يعني ذلك سوى أن الوقت مناسب لإعلانها، إذ لا أتصور طلب فتوى من شخص لا يحتاج إليها. ورسالة العلماء تكمن هنا في تبيين أحكام الشرع بما يقيم البينة ويحقق الإطمئنان والأمن الروحي الذي يلح عليه الخطاب الديني الرسمي. والعلماء بقيامهم بواجب التبيين كانوا ورثة الأنبياء. فالله تعالى خاطب رسله، آمرا إياهم بالتبيين وعدم الكتمان.
ما تتسبب فيه المجالس العلمية والحالة هاته يتعارض بشكل كامل مع الأمن الروحي كغاية، إذ أي أمن يحصل للمسلم وهو لا يدري أيتقدم أم يتأخر حين تحل به نازلة من النوازل. فالفتوى هي باعث على الفعل في شعور كامل من الإطمئنان لدى من يرى أحكام الشرع أولويات تنير طريقه.
كيف إذن لا ترى مؤسسة العلماء أنها تخطئ موعدها مع المواطن الذي يلجأ إليها؟ وكيف تتساءل المؤسسة نفسها لماذا لم تنجح في إيقاف مد الفتاوى من الخارج؟ بل يمكن أن تضع المؤسسة على نفسها سؤالا مباشرا وصريحا: لماذا ذلك القدر من انعدام ثقة المواطن تجاه المؤسسة العلمية كمخاطب يراد له أن يكون وحيدا؟
المؤسسة لا ينقصها علماء، ولكنها تفتقد إلى الجرأة، وتتصرف باستحضار التوازنات وكأنها مؤسسة مالية أو اقتصادية، والحال أنها ينبغي أن تكون فوق المؤسسات، وعملها ينبغي أن يبقى دائما وأبدا محكوما بالمسؤولية العلمية والشرعية، كما ينبغي أن يبقى أعضاؤها العلماء مستحضرين على الدوام المكانة المنوطة بالعلماء المفتين كموقعين عن رب العالمين كما وصفهم ابن قيم الجوزية في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين". وهو الذي قال أيضا أن طاعة العلماء سابقة على طاعة الأمراء.
هذا كله للدور الحيوي للعلماء وللفتوى في قيام الدين، وإذا لم يسعف علماؤنا مواطنيهم بما يقيم الدين، فإن اللجوء إلى علماء غيرهم يضحي أمرا طبيعيا.
بقلم: روبن هود | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=713203 |
| |